لا يزال الاهتمام بكرة القدم النسوية بالمغرب خجولا، بسبب النظرة المجتمعية التي تعتبر هذه الرياضة ذكورية بامتياز، كما أن الأندية المغربية لا تتوفر على الدعم اللازم لتأهيل الفتيات الراغبات في ممارسة هذه الرياضة. لكن الملاحظ أن كثير من الأشياء الغريبة من ممارسات لا أخلاقية وظواهر مشينة تنخر محيط كرة القدم النسوية وظل مسكوت عنها.. يعتبر فريق رجاء عين حرودة من بين أبرز وأهم أندية كرة القدم النسوية المغربية، نال لقب البطولة في موسم2008.2009، واحتل مركز الوصيف في عدة مواسم،كما يشهد له بإنجاب لاعبات متميزات حملن القميص الوطني. نجاحات الفريق يقف خلفها رجال من أبناء عين حرودة، اجتهدوا وناضلوا ليؤسسوا الفريق، وأحمد التاقي واحد منهم، لم يتعب طيلة السنوات السبع التي تحمل فيها مهمة الرئاسة في تحمل المسؤولية.. تعتبره اللاعبات أخا وأبا، يعطف عليهن ويحتضنهن كبناته، لكنه يتحول لأب قاسي جدا عندما يكتشف خروجا عن النص..هو طبعه الذي جر له المتاعب حتى من لدن مسؤولي اللجنة الجامعية المشرفة على كرة القدم النسوية، الذين لا يتردد في مواجهتهم بمواقفه وآرائه الجريئة. في الحوار التالي، يتحدث أحمد التاقي بوضوح وبجرأة عن كل الجوانب المسكوت عنها في كرة القدم النسوية.. يتحدث عن الزبونية والمحسوبية، يكشف عن كل الممارسات اللاأخلاقية والجنس والمخدرات.. - هناك جوانب مسكوت عنها.. هل تعرف كرة القدم النسوية ممارسات لا أخلاقية مثلا؟ - أعتقد أنه سؤال غاية في الأهمية، ويجب أن نرفع الستار ونكشف عن كل الحقائق. وأستطيع أن أقول بعد كل هذه السنوات التي عشتها في كرة القدم النسوية، بأنه توجد ممارسات غير أخلاقية في أنديتنا.. بعض البنات يستعملن للأسف كل الممنوعات من كحول ومخدرات، ويتعاطين الجنس، لكن الخطير والذي أعتبره ظاهرة خبيثة يجب أن نحد منها، هي التعاطي للجنس بين بعض الفتيات فيما بينهن أي ما يصطلح عليه بالسحاق.. هي ظاهرة تنخر عدة أندية، والمسؤولون يعرفون بوجودها، لكن لا أحد يتحرك لمعالجتها. وهنا أوجه ندائي لمسؤولي الجامعة باتخاذ كل الإجراءات اللازمة للحد من هذه الظاهرة الخطيرة.. وأشير هنا، إلى أن الظاهرة غير عامة ولا تشمل كل اللاعبات، هناك بالفعل لاعبات ملتزمات ومتخلقات وشريفات، فلأجلهن وجب أن نحارب اللاعبات الشاذات وكذا الظاهرة الشاذة في محيط كرة القدم النسوية. وفريقي عين حرودة، لا يختلف عن باقي الفرق الأخرى، لكننا والحمد لله، نجحنا إلى حد كبير في الحد من تلك الظاهرة (الجنس والمخدرات)، إذ عملنا في الموسم الماضي على طرد لاعبتين كانتا معروفتين بالسحاق وبتناول الخمر والمخدرات، هما الآن يحملان قميص فريق آخر. أضف إلى ذلك، أن ظاهرة التحرش بالفتيات موجودة واللاعبات يعانين كثيرا من تحرش مسيرين ومدربين وحتى من طرف أفراد من الجمهور. للأسف، اللجنة الجامعية المكلفة بكرة القدم النسوية تلعب دور المتفرج ولا تتدخل أبدا لمحاولة الحد من هذه الظواهر الخبيثة التي تنتشر بقوة في محيط أنديتنا.. أناشد الجامعة ورئيسها أن يتم الالتفات لهذا الموضوع الذي ينال من كرامة لاعبات يعشقن الرياضة ويضطرن إلى اقتسام نفس الفضاء مع لاعبات منحرفات وشاذات. - كيف كانت ظروف تأسيس فريق رجاء عين حرودة؟ - أشكركم في البداية على اهتمامكم والتفاتتكم لكرة القدم النسوية، فنحن نعاني كثيرا من العزلة القاسية إعلاميا.. بالنسبة لتأسيس فريق رجاء عين حرودة، فيعود ذلك لسنة 2005، حين اتفقنا نحن مجموعة من أبناء عين حرودة حول فكرة خلق فريق يضم فتيات المنطقة، لمنحهن فرصة مزاولة رياضة كرة القدم التي لاحظنا أن مجموعة من الفتيات كن يتعلقن بها..كان الدافع أيضا هو تشجيع الفتاة على ممارسة حقها في الرياضة وفي اختيار النوع الرياضي الذي تفضله.. في السنة الأولى للتأسيس، نجحنا في احتلال مركز الوصيف في البطولة الجهوية، وفي باقي المواسم التي تلت 2005، كان الفريق يحتل دائما المرتبة الثانية في البطولة الوطنية إلى حدود موسم 2008.2009 ، الذي فاز خلاله الفريق بلقب البطولة كإنجاز تاريخي هام، على اعتبار أننا حققناه أمام منافسة شرسة من أندية قوية كالوداد والرجاء والمغرب التطواني..كان تحقيق اللقب نتيجة عمل جيد وكبير ساهمت فيه اللاعبات وأعضاء المكتب المسير، وهو اللقب الذي منح للفريق هويته ومكانته كفريق له موقعه المتميز في كرة القدم النسوية. - فزتم بالعديد من الدوريات والألقاب،الأمر يتطلب مصاريف مالية كبيرة، على ماذا تعتمدون في تدبير هذا الجانب؟ - في واقع الأمر، نعتمد أساسا في تدبير مواردنا المالية على المتعاطفين مع الفريق وبعض الأصدقاء من القطاع الخاص... نصرف ما يناهز 60 مليون سنتيم في السنة، نتوصل ب10 ملايين سنتيم من الجامعة بالإضافة لعشرين ألف درهم كتعويض عن البذل، والباقي نتدبره من مالنا الخاص ومن دعم الأصدقاء في غياب تام لأي دعم من طرف المجلس البلدي لعين حرودة، الذي لم ينتبه لنا إلا هذه السنة وخصص لنا منحة لم تتجاوز 25 ألف درهم. - كم عدد اللاعبات المرخصات في الفريق وماذا عن أوضاعهن المالية؟ - الفريق يضم 26 لاعبة تحمل رخصتها الجامعية.. كلهن في فئة الكبيرات، لأن نظام كرة القم النسوية تغيب فيه الفئات الصغرى.. ونعتمد عشرين لاعبة رسمية من بين المسجلات في الفريق. بالنسبة للجانب المالي، كنا ندرك أنه مفروض علينا كمسؤولين على الفريق أن نراعي أن اللاعبات ينحدرن من أسر ضعيفة اجتماعيا ودخلها محدود جدا، لم نكن أمام مثل هذا الوضع أن نغيب مسألة التعويض والاهتمام بأوضاعهن المالية. لأجل ذلك، نعمل على توفير رواتب قارة تبلغ قيمة الراتب 1500 درهم للاعبة، أضف إلى ذلك منح المباريات ومساعدات تخص النقل، ليصل معدل ما نوفره للاعبة هو 3500 درهم في الشهر.. هو مبلغ لايمكن بتاتا أن يضمن العيش الكريم للرياضية، علما أن مدة مزاولة اللاعبة لكرة القدم لا تكون طويلة ومديدة، وهنا أفتح قوسا لابد منه، لأشير إلى الحيف الممارس على أندية كرة القدم النسوية التي تمارس في القسم الوطني الأول، والتي لا تتوصل من الجامعة سوى بعشرة ملايين سنتيم كدعم في السنة، في الوقت الذي تستفيد منه أندية الهواة ذكور بخمسين مليون سنتيم..إنه الغبن والظلم، ومن هذا المنبر، نطالب بالمساواة، كما نناشد الجامعة أن تتدخل بشكل حاسم في هذا الموضوع، وأقول الجامعة، وليس اللجنة المكلفة بكرة القدم النسوية، فهي لجنة في نظري، غير شرعية ولا تمثل الأندية النسوية.. نطالب بلجنة منتخبة تضم ممثلين عن الأندية الذين يعرفون كل صغيرة وكل كبيرة عن واقع أنديتهم، فزمن التعيينات قد ولى ونحن في زمن دستور جديد لا مكان فيه إلا للمساواة والعدالة.. نبحث عن هيكلة جديدة، وإدارة تقنية وتدبير مالي خاصة على مستوى عقود الإشهار، لقد قدمنا اقتراحاتنا في هذا الجانب، فإذا كانت مثلا لكرة القدم الذكورية عقد إشهار مع شركة الهاتف المعروفة، فلماذا لا نوقع ككرة قدم نسوية عقدا مماثلا مع الشركة المنافسة الأخرى؟ أو مع نفس الشركة المهم أن يكون لنا عقد إشهار خاص بكرة القدم النسوية. - هل سبق أن طرحتم هذه المواضيع على أنظار المكتب الجامعي أو على رئيس الجامعة؟ - للأسف لم تتح لتنا الفرصة أبدا، وأنا كرئيس لفريق منذ سبع سنوات، لم أستدع يوما للجامعة، ولم ألتق أبدا بالرئيس.. نعتبر ذلك تصغيرا وإهانة في حقنا، إذ لا يعقل أن تكون العلاقة بين أنديتنا وبين الجامعة على هذا النحو، وليس منطقيا أن لا نعقد ولو اجتماعا واحدا مع رئيس الجامعة. وكل ما نحصل عليه هو قرارات من طرف لجنة نعتبرها خارج النص ولا علاقة لها بتاتا بكرة القدم النسوية. بالنسبة للتحكيم، في السنوات الماضية، كنا نعاني كثيرا من ضعف أداء الحكمات، لم يكن لهن أية تجربة، لكن اليوم، أعتقد أن مديرية التحكيم أعادت النظر في كثير من الأمور وأصبحت تعين لنا حكاما في المستوى. - ماهي المشاكل التي تعاني منها الأندية النسوية؟ - بالإضافة إلى ما ذكرته بخصوص الخصاص المالي، نعاني كذلك من نقص فظيع في البنية التحتية، لأن الملاعب الموضوعة رهن إشارة أنديتنا هي غير صالحة بتاتا وليست مناسبة لإجراء مباريات كرة القدم.. هي ملاعب متربة ولا تتوفر على المرافق الضرورية خاصة المستودعات وهذه أمر خطير بالنسبة للفتاة. أتحدث مثلا عن رجاء عين حرودة، فملعب عين حرودة غير صالح ولا يصلح لأي شيء، قيل لنا أن هناك مشروعا لإنجاز مركب رياضي جديد بملعب بمواصفات جيدة.. نحن ننتظر لعل وعسى.. - لمن تريد توجيه نداءك؟ - لسلطات المحمدية المحلية والمنتخبة، أناشد المسؤولين أن يلتفتوا لدعم فريق رجاء عين حرودة.. فبدعمهم يمكن أن نخلق الفضاء الأنسب لبناتنا لمزاولة رياضتهن المفضلة، ولنصون كرامتهن ونطور إمكانياتهن.. بناتنا يستحقن الكثير منا، ومعظمهن يحملن طموحا كبيرا في تحقيق الإشعاع للمحمدية ولعين حرودة. إنه فريق حقق إنجازات هامة جدا، ويستحق منا كل الاهتمام. هي رسالتي للمسؤولين جميعا، الرياضة النسوية لم تعد شيئا مكملا أو ثانويا، لقد أصبحت بنفس قيمة الرياضة الذكورية. - ماذا عن المنتخب الوطني النسوي؟ - أتأسف بشدة وأنا أتابع ما يحدث في محيط المنتخب الوطني النسوي. وأقولها وأنا أتحمل مسؤوليتي فيما أقول، لقد أصبح المنتخب الوطني مصدر استرزاق لبعض المسؤولين عن الأندية. ولأوضح وأنا لا أخاف من قول الحقيقة، هناك زبونية ومحسوبية في انتقاء لاعبات المنتخب الوطني، بمعنى أن عملية اختيار اللاعبات تتم غبر الهاتف، وعن طريق إرضاء الخواطر ولا تتم عبر مقاييس الكفاءة والمردورية، هناك رؤساء لأندية إما أن لديهم علاقات مصلحية مع أعضاء اللجنة المسؤولة وإما أنهم هم بأنفسهم أعضاء ينتمون للجنة، وأعرف فريق بالدارالبيضاء رئيسه عضو في اللجنة يستغل تواجده في اللجنة ويضغط من أجل أن يتم استدعاء أكثر من ستة لاعبات من فريقه للمنتخب، والهدف ليس منحهن الفرصة لحمل القميص الوطني، ولكن للاستيلاء على تعويضاتهن التي يتوصلن بها أثناء دخولهن للتربصات والمعسكرات التي تعقد كل أسبوع، علما أن التعويض يصل ل1500 درهم للاعبة في نهاية كل أسبوع... ولكم أن تكتشفوا الفرق التي تستدعى منها أكثر من ستة لاعبات كفريق نسيم سيدي مومن مثلا؟؟؟ في المنتخب الوطني 14 لاعبة يمثلن فريقين لا غير هما سيدي مومن وخنيفرة؟؟؟ في نفس السياق، أتساءل كيف يتم اختيار مدرب للمنتخب الوطني؟ فالمدرب الحالي لم تكن له أبدا أية علاقة بكرة القدم النسوية، فمنحه مهمة الإشراف على المنتخب الوطني الأول يمكن تقبلها على أساس التجربة، لكن أن نمنحه كذلك المنتخب حرف باء، فذلك ليس مقبولا خاصة أن لدينا مدربون أكفاء ويستغلون حاليا في أندية كرة القدم النسوية، لماذا لا نمنحهم الفرصة؟ - أحمد التاقي أب لثلاثة أطفال، منهم طفلة تبلغ من العمر أربع سنوات، كيف سيكون موقفك إذا رغبت في مزاولة كرة القدم؟ - سأمنع ابنتي من ممارسة كرة القدم إذا لم تستقم أوضاعها وتستقر الأخلاق في محيطها.. لن أمنعها بكل تأكيد وسأشجعها شريطة أن تتم تنقية أجواء كرة القدم النسوية على مستوى السلوكيات الأخلاقية وعلى مستوى الاهتمام من لدن المؤسسات الرسمية والجامعة.