عاشت مدينة الدارالبيضاء ليلة الجمعة الماضية على إيقاع الشغب والفتنة، بداية من الطريق المتوجهة للمركب الرياضي محمد الخامس، من كل المحطات والنقط التي تقل المسافرين، أولها المحطة الطرقية أولاد زيان ومحطة القطار الدارالبيضاء الميناء. وقد اجتمعت قبل ذلك عشية الخميس مجموعة من فصائل مشجعي الوداد بفضاء سيدي بليوط، بالهواء الطلق، وتم الاتفاق، بالإجماع، على التصدي للجمهور القنيطري، بعد أن كان يعتزم جمهور «حلالة بويز» القنيطري القيام بما يسمى «الكورتيج» مشيا على الأقدام حتى الملعب، وتعتبر هذه العملية في ثقافة الألترا نوعا من الإهانة لجمهور الفريق المحلي، ويعتبر كذلك نوع من الانتصار القبلي. مساء الجمعة، وبعد قدوم الجماهير القنيطرية في حدود الساعة السابعة، أي ساعة قبل انطلاق اللقاء، حاولت مجموعة من الجماهير القنيطرية اقتحام الأبواب الإلكترونية وبالضبط ب «باب 8»، وكانوا أغلبهم شبانا وأطفالا، ومن هنا بدأت الاصطدامات بين هذه الجماهير ورجال الأمن الخصوصي والعمومي، وكان الجمهور القنيطري يردد شعارات «البوليس غادي يموت»، شعارات مناوئه لرجال الأمن الذين استفزهم هذا الكلام، وحاولوا ضبط كل الوافدين للمركب الرياضي محمد الخامس، لكن العديد من المجموعات كانوا ينوون الدخول دون تذكرة، وفي هذه الأثناء التجأ بعض الأفراد من الجمهور الغرباوي إلى الرشق بالحجارة في اتجاه رجال الأمن، وبعد إيقاف مجموعة منهم، حاول الأمن ضبط الأمور حتى تمر المباراة في أجواء عادية، لتنتقل بعد ذلك العدوى إلى المدرجات من جديد بتبادل السب والقذف، فيما بين جماهير الوداد والنادي القنيطري، وذلك على خلفية ما حصل في لقاء الذهاب بالملعب البلدي بالقنيطرة، ويدخل ذلك في إطار الثأر لجماهير الفريق الأحمر، فصعدت الأمور خصوصا بعد نهاية الجولة الأولى من المباراة، كما تم إتلاف الكراسي الخضراء التي فاق عددها 160 حسب تصريح السيد فريد المير مدير مركب محمد الخامس. كما رفعت جماهير حلالة بويز شعار «حداد» بعد فقدانها أحد المشجعين الذي توفي في الطريق للدار البيضاء وبالضبط بمدينة سلا . وبعد نهاية المباراة بنتيجة التعادل (1 - 1) اشتد الحابل بالنابل، وبعد محاولة رجال الأمن ،إخلاء الملعب من الجماهير الودادية والقنيطرية، واشتعل العنف بشكل قوي بين الاطراف، كما أصيبت مجموعة من العناصر الامنية التي وصل عدد مصابيها إلى 13 عنصرا، من بينها ضابط، وكان أحد أفراد الأمن في حالة صحية حرجة من خلال إصابته بكسور على مستوى الوجه، عبرإصابته حجر (طيطوار)، لتبدأ الاعتقالات التي وصل عددها الى ستين فردا من صفوف الجماهير ، ومنهم من تم تقديمه للعدالة. وقد رافق رجال الأمن الجماهير القنيطرية لغاية محطة أولاد زيان، تجنبا للاصطدامات بالجمهور الودادي، مع مرافقة الجماهير الودادية أيضا عبر سيارات الأمن، وبالخيول التي تستعمل في مثل هذه المباراة. لكن بعض الجماهير المحسوبة على الوداد تعرضت لجماهير القنيطرة وحاولت أيضا الاعتداء على الفريق الذي كان يقل الحافلة، مرفوقا برجال الأمن، قرب المكتب الشريف للفوسفاط، عبر الطريق السيار، ومع ذلك لم تسلم بعض الجماهير الى جانب رجال الأمن... هذه أولى الخسائرالتي تم تسجيلها في لقاء رياضي كروي جمع بين ناديين مغربيين لهما تاريخ وأسماء وازنة، لكن غياب إن لم نقل انعدام تأطير الجماهير من قبل الجمعيات والفصائل ساهم في الشغب، وهي عدوى باتت تشكل شبحا عقب نهاية كل مباراة في كرة القدم. وتبقى الأسئلة مطروحة على كل الفعاليات الرياضية المعنية للوقوف بالحزم الضروري لمحاربة هذه الظاهرة، مع اتخاذ أقصى العقوبات في حق كل من تسول له نفسه القيام بهذه الممارسات اللارياضية واللاأخلاقية...!