قال المحلل الاقتصادي ادريس بنعلي إن حكومة عباس الفاسي تتحمل جزءا من مسؤولية تأخر القانون المالي 2012 الذي ستكون له تبعات جد سلبية على الاقتصاد الوطني، واعتبر بنعلي أن وزير الاقتصاد والمالية السابق صلاح الدين مزوار ترك قنبلة موقوتة قد تنفجر في وجه الحكومة الجديدة ، حيث لم يكن ثمة ما يبرر عدم إنجاز مشروع القانون المالي كاملا في وقته المحدد، طالما كان ذلك ممكنا دون التعلل بالانتخابات التشريعية تارة وبعدم الرغبة في تقييد عمل الحكومة القادمة تارة أخرى.. وركز المحلل الاقتصادي على خطورة المرحلة, سواء على المستوى الاقتصادي او على المستوى الاجتماعي، وقال إن حكومة عبد الاله بنكيران تسلمت إرثا ثقيلا ومشاكل سيصعب عليها مواجهتها، معتبرا أن صلاح الدين مزوار كان يعرف جيدا أنه خلف وراءه ميزانية مثقلة بالديون وبمتأخرات في صندوق المقاصة وبعجز في الميزان التجاري وبعجز أكبر في الخزينة..كل ذلك اشترت به الحكومة السابقة السلم الاجتماعي، وتركت مزوار يوظف تبريرات ديماغوجية للتغطية على عدم قيامه بواجبه في إعداد مشروع القانون المالي في حينه.. واعتبر بنعلي أن من تبعات هذا التأخر في إطلاق قانون المالية 2012 ، تباطؤ عجلة الاقتصاد في المغرب ، وهي العجلة التي لا تدور إلا بمحرك الدولة وبميزانيتها ، فعندما تتعطل ميزانية الدولة تتعطل معها ميزانية الاقتصاد الوطني ككل ، فكل شيء يدور حول هذه الميزانية، وكلما تأخرت كلما زاد الترقب والانتظار في صفوف المستثمرين.. بل إن هذه الوضعية الاستثنائية التي تعيشها السنة المالية الحالية ، يضيف بنعلي ، تساهم حاليا في هروب الرساميل وفي تغيير مسارات الاستثمارات الأجنبية التي كانت قادمة نحو المغرب إلى وجهات أخرى، وذلك بفعل تخبط الحكومة ومعها الفاعلين الاقتصاديين حول حقيقة ما يجري على الساحة الاقتصادية..وهو ما يزيد من أجواء الضبابية وعدم وضوح الرؤية في قطاعات المال والاعمال، ما يعطي بدوره صورة سيئة عن المغرب في الخارج، وهذا ما ستكون له كلفة ثقيلة جدا على الاقتصاد الوطني. وقال إدريس بنعلي إن خطورة تأخر قانون المالية في المغرب بحوالي 6 أشهر تتجلى في تزامنها مع الكثير من المؤشرات السلبية التي تخيم على الاقتصاد الوطني وعلى رأسها التراجع المؤكد لنسبة النمو والتي تدحرجت من 7 في المائة التي وعد بها حزب العدالة والتنمية إلى 4.5 في المائة التي توقعها وزير الاقتصاد والمالية نزار بركة حين إعداده لمشروع الميزانية ، وهو الرقم المرشح للمراجعة الى حوالي 2.2 في المائة بالنظر إلى صعوبة الظرفية الاقتصادية و ضياع الموسم الفلاحي .. وقال بنعلي إن ميزانية الدولة لم تعد تسمح بمزيد من تحملات المقاصة التي باتت تمثل وحدها 5 في المائة من الناتج الداخلي الخام وهو ما ينضاف إلى عجز متوقع في الميزانية قد يتجاوز 7 في المائة كما ان المديونية التي تعدت عتبة ال60 في المائة من الميزانية وصلت إلى عتبة الخطر، وهو ما سيسيء حتما إلى وضعية المغرب في السوق الدولية .. و توقع بنعلي أن يحاول المغرب التوجه إلى بلدان الخليج التي ما زال في استطاعتها تمويل الاقتصاد الوطني كما يمكنه أن يتوجه إلى تركيا التي تريد أن تتموقع جيدا في علاقتها مع الشرق الاوسط وشمال إفريقيا، وبالتالي يمكن للمغرب أن يعيد في هذا الاتجاه انعاش اتفاقية التبادل الحر التي تجمعه بهذا البلد، دون أن يطمع كثيرا في دول الاتحاد الأوربي التي تعيش بدورها أوضاعا اقتصادية مزرية..