كما كان متوقعا، أطاح «السياف» رومان أبراموفيتش برقبة فيلاش بواش على مقصلة تشيلسي، فلم يطق الملياردير الروسي أن يمكث البرتغالي الشاب ولو لدقيقة واحدة على مقعد مدرب الفريق اللندني، ليعلن صراحة «فشل استنساخ جوزيه مورينيو جديد». وكان أبراموفيتش جريئا في انتقاء بواش منذ البداية، فتابع نجاحاته مع بورتو البرتغالي، نفس النادي الذي استقدم منه مورينيو، كما أسند له المهمة الثقيلة رغم سنه الصغير وقلة خبرته (33 عاما آنذاك)، تماما كما فعل مع مواطنه «الاستثنائي»، ولكن رغم تشابه الظروف فإن عقلية بواش اختلفت كليا عن دهاء مورينيو. فقد صنع مورينيو شخصية البطل لتشيلسي، بعد أن كان الفريق بلا هوية وبعيدا عن نطاق المنافسة، فأصبح ذو بريق عالمي، وبات ينافس على جميع البطولات المحلية منها والأوروبية، بل وأصبح لل «بلوز» شعبية طاغية بجميع دول العالم، ليس فقط بسبب «الشو» الإعلامي الذي اعتاد مورينيو على القيام به، ولكن لأن أداء الفريق أصبح ممتعا، ومنظما من الناحية الخططية بفضل مدرب بورتو السابق وريال مدريد الحالي. وبالطبع لعب أبراموفيتش دورا بارزا في إعادة إحياء تشيلسي بفضل الملايين التي لم يبخل في إنفاقها لاستقدام كبار نجوم الساحرة المستديرة، لكن مورينيو أدار ماكينة الربح وجلب الألقاب للفريق اللندني بعد أن طوع هذه الصفقات المليونية وسخرها لخدمة الفريق. وبعد رحيل مورينيو، بحثا عن طموح جديد مع إنتر ميلانو الإيطالي، تعذر على إدارة تشيلسي إيجاد البديل الكفء للبرتغالي المحنك، فبدا أنه استثنائي في كل الأمور، كالقطعة النفيسة التي لا بديل لها، فخمدت جذوة انتصارات الفريق الأزرق، رغم النجاحات القليلة التي لا تضاهي ما قام به «مو». فمورينيو أعاد لقب دوري البريمير ليغ لتشيلسي مرتين، بعد أن كان غائبا عن خزائنه منذ نحو نصف قرن، كما توج بالكارلينغ كاب مرتين وكأس إنجلترا مرة والدرع الخيرية مرتين. وابتغاء تحضير روح مورينيو، كانت مقصلة أبراموفيتش جاهزة للإطاحة برؤوس خلفائه، بدءا من الإسرائيلي أفرام غرانت مرورا بالبرازيلي لويس فيليبي سكولاري والهولندي غوس هيدنيك والإيطالي كارلو أنشيلوتي، كل هؤلاء لم يصبر عليهم المالك الروسي رغم بعض النجاحات، متجاهلا خبراتهم الطويلة وأسمائهم اللامعة. لكن أبراموفيتش كان يحلم بمورينيو جديد، فكان الإخفاق مدويا مع فيلاش بواش، الذي أقيل قبل أيام معدودة من موقعة إياب دور 16 لبطولة دوري أبطال أوروبا أمام نابولي الإيطالي في ستامفورد بريدج، وهو الذي خسر في الذهاب بملعب سان باولو المخيف بثلاثة اهداف مقابل واحد. وفي خضم هذا التحدي لم يطق رئيس النادي أن يجني مزيدا من الفشل، خاصة أن البطولة العريقة باتت الأمل الوحيد لحفظ ماء الوجه قبل انقضاء الموسم، بجانب كأس الاتحاد. فقد ضاع الأمل في الفوز بالدوري، كما ابتعد الفريق عن المربع الذهبي لتتضاؤل فرصه في التأهل للبطولة الأوروبية في نسختها المقبلة. ثمانية أشهر قضاها بواش في أحضان النادي العريق لم يبد فيها مؤشرات للتحسن أو الاقناع برؤية مستقبلية تحتاج للصبر والوقت، فملّت الجماهير الانتظار ونادت بعودة مورينيو في المدرجات، الأمر الذي شكل ضغطا على المدرب الشاب، الذي اعترف مؤخرا بأن رئيس النادي محبط من نتائجه وربما فقد الثقة فيه. وجاءت الخسارة الأخيرة أمام وست بروميتش في الدوري بمثابة المسمار الأخير في نعش المدرب الذي كبدت صفقته خزانة النادي قرابة 16 مليون يورو. قطاع آخر كان يود منح مزيد من الوقت لبواش، خاصة أنه بدأ في إفراز عناصر شابة لتدعيم الفريق، مثل دانييل ستوريدج وخوان ماتا وأوريول روميو، ولكن فريقا بحجم تشيلسي اعتاد الانتصارات والألقاب ليس حقلا للتجارب أو مركزا لتعليم خبرات التدريب، وفقا لرؤية مالكه. وتقتصر أحلام النادي الإنجليزي بعد إقالة بواش على حجز مكان بين الأربعة الكبار في البريميرليغ، مع المنافسة على كأس الاتحاد، وتخطي عقبة نابولي لمواصلة المشوار الأوروبي، وهي المهمة التي أصبحت ملقاة على عاتق المدرب المؤقت روبرتو دي ماتيو. كما أصبحت هوية المدرب الجديد للبلوز غامضة، مع تردد اسم رافائيل بنيتيز مدرب ليفربول السابق بقوة، لكن الجماهير متمسكة بحلم عودة مورينيو الأصلي أو إنهاء بيب غوارديولا لمسيرته الناجحة مع برشلونة وخوض تحد جديد في لندن.