بدأ ملف إعادة إيواء قاطني دور الملاح بالمدينة العتيقة بالصويرة ، يتحول إلى «قنبلة موقوتة» قابلة للانفجار في أية لحظة في وجه السلطة المحلية والمجلس البلدي للمدينة. تباعا تتهاوى دور حي الملاح فوق رؤوس ساكنيها منسيي برنامج إعادة الإيواء الذي لايزال يعرف العديد من الاعطاب وتشوبه الكثير من الاختلالات أقلها وجود عدد كبير من الأسر لم تستفد ، إلى حدود الساعة، من مساكن أو بقع أرضية في إطار البرنامج رغم توفرها على المواصفات المطلوبة. آخر تعبيرات التوتر الذي أصبح عنوانا لمنطقة الملاح، هو المحطات الاحتجاجية التي تنظمها ساكنة الحي منذ سقوط آخر البيوت منتصف شهر يناير المنصرم فوق رأسي سيدة وابنتها خرجتا سالمتين من الحادث، إلا أنهما كانتا صافرة إنذار جعلت السكان يطورون أشكال التظاهر والاحتجاج في وجه السلطات المحلية والمجلس البلدي ومؤسسة العمران ، مطالبين بحل المشكل في شموليته ومعاقبة كل المتسببين والمتورطين في الاختلالات التي عرفها تدبير الملف من بدايته. فبعد نصب خيام/ معتصم وسط حي الملاح، والمسيرة التي جابت مختلف مدارات المدينة، والوقفة الاحتجاجية أمام مقر الدائرة الحضرية الأولى، وبلدية الصويرة ومؤسسة العمران، نظم المتضررون وقفة احتجاجية أمام عمالة الصويرة يوم الاثنين 13 فبراير 2012 ، رافعين شعارات تطالب بإيجاد حلول لملف الملاح في إطار الشفافية والمسؤولية ، ومنددين ب«الممارسات الفاسدة» التي يرون أنها اعثرت تدبير الملف. السكان يتحدثون عن «الرشوة وإقحام أسماء لا علاقة لها بحي الملاح في لوائح المستفيدين وإقصاء أسر من اللوائح رغم توفرها على الشروط المطلوبة»، محملين المسؤولية عن تلك الممارسات للسلطة المحلية. كما يعددون حالات أسر لا تملك من الحياة إلا العدم ولا تملك بالتالي القدرة على تحمل أية نفقات أو دفعات في إطار مسطرة الاستفادة من البرنامج، في ظل بقائها تحت سقوف قابلة للانهيار في أية لحظة. وهو ما يستدعي مقاربة اجتماعية وأكثر إنسانية من طرف السلطة المحلية والمجلس البلدي ومؤسسة العمران اعتبارا لحساسية الملف الذي لم يعد مرتبطا فقط بالحق في السكن، بل بالحق في الحياة والكرامة وحرمة الحياة الخاصة والأمن والخدمات الأساسية في ظل ما يعرفه حي الملاح من مشاكل اجتماعية وأمنية واقتصادية باتت تتخذ طابعا بنيويا يحمل السكان مسؤولية تفاقمها للقائمين على الشأن المحلي وكذا الجهات الأمنية. « في المغرب يمكن لبرنامج بميزانية ضخمة وأهداف إستراتيجية أن يفشل وينتج أثرا عكسيا فقط بسبب مقدم أو شيخ ! وهو مشكل لا يرتبط فقط بالصويرة بل بمختلف المدن التي عرفت برامج لإعادة الإيواء. بعض المقدمين والشيوخ والقواد الذين يعتبرون الأداة الاجرائية لمختلف أهداف وتوجهات البرنامج، يعملون آليات الرشوة والفساد والزبونية والمحسوبية، فيتم إقحام أسماء لاعلاقة لها بالحي المعني، بل ومن مدن أخرى، فيما يتم إقصاء مستفيدين تتوفر فيهم كل الشروط المطلوبة » صرح لنا مناضل اتحادي معلقا على تفاعلات الملف. السلطة المحلية بالصويرة تقر بوجود حالات لم تستفد من البرنامج إلى حدود الساعة وتستدعي بالتالي حلولا عاجلة ونهائية في إطار المعايير المحددة بالبرنامج. غير أنها تثير في المقابل مجموعة حالات سبق لها أن استفادت من بقع أرضية في إطار البرنامج، وقامت ببيعها لتستأجر من جديد غرفا بحي الملاح الآيل للسقوط. أما في ما يتعلق باتهام أعوان سلطة بالرشوة والتلاعب في الملف، فهي تعتبر أن قانون حماية الشهود في قضايا الرشوة قد يسر عملية التبليغ عن المرتشين، وبالتالي فكل اتهام بالفساد مكانه الآن هو المحاكم كيفما كانت رتبة المعني. حي الملاح الذي كان مساحة للتناغم والانسجام الحضري والعمراني والاجتماعي، وصورة للتعايش الثقافي والديني بين مسلمين ويهود ومسيحيين، ومحورا تجاريا مهما، أصبح الآن عنوانا لمشاكل اجتماعية وأمنية واقتصادية .