مصر برئاسة عمرو موسى ستكون دولة مدنية يحظى فيها الجيش باحترام، لكنه «غير مستقل بذاته».. رؤية قد تطعن في امتيازات الجنرالات الذين يحكمون البلاد منذ الإطاحة بحسني مبارك من السلطة. وقال موسى أيضا، في مقابلة مع رويترز: إنه سيتصدى للفساد لتعزيز الاقتصاد، وسيحافظ على علاقات قوية مع الولاياتالمتحدة، وسيحترم معاهدة السلام مع إسرائيل، وسيتعاون مع الإسلاميين الذين يسيطرون الآن على البرلمان. ويعد موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، أحد المرشحين الرئيسيين في الانتخابات الرئاسية المقررة في الأشهر القليلة المقبلة في إطار الجدول الزمني الذي حدده المجلس العسكري الذي تولى السلطة من مبارك العام الماضي. ويواجه الجنرالات انتقادات في الداخل والخارج على إدارتهم للمرحلة الانتقالية التي أعقبت حكم مبارك وبات التزامهم بالإصلاح الديمقراطي محل شك باتخاذ إجراءات تعيد إلى الأذهان حكم الرئيس المخلوع. وقال موسى، وهو ليبرالي على طرف نقيض من الطيف السياسي للإسلاميين الذين يسيطرون على 70 في المائة من مقاعد البرلمان: «أعتقد أنهم (المجلس العسكري) سيسلمون السلطة.. أعتقد أن القيام بخلاف ذلك سيكون كارثيا على الجميع». وأضاف بمقر حملته بالجيزة على الضفة الغربية لنهر النيل: «سيكون الجيش إحدى المؤسسات الأساسية في البلاد، لكنه ليس منفصلا. بمعنى ألا يكون له وضع مستقل بذاته والبلاد لها وضع آخر». ولم يقل موسى هل يعتقد أن أداء المجلس العسكري جيد أم لا.. لكنه أضاف صوته إلى تلك الاصوات التي تضغط من أجل انتقال أسرع للسلطة من الجيش، قائلا إنه ينبغي أن تجرى الانتخابات الرئاسية في أبريل، وقال: «ما يهم الآن هو أن يتم نقل السلطة في غضون الأسابيع القليلة المقبلة». وتوترت العلاقات في الآونة الاخيرة بين حكام مصر العسكريين والولاياتالمتحدة بعدما قررت السلطات المصرية توجيه اتهامات لعاملين في مجال المجتمع المدني ومن بينهم أمريكيون يعملون لحساب جماعات تدعو للديمقراطية مقرها في الولاياتالمتحدة. واتهم النشطاء بالعمل لحساب منظمات غير مرخصة بشكل قانوني في مصر والحصول على أموال بطريقة غير مشروعة من الخارج. وقال موسى إنه ليست لديه تفاصيل عن القضية لكنه يعتقد أنه «كان ينبغي التعامل معها بطريقة مختلفة»، وقال إن مصر كانت حساسة لعمل المنظمات غير الحكومية، لكنه أضاف «هذا هو عصر المنظمات غير الحكومية.. لا يمكننا أن ننكر أهمية وجود المنظمات غير الحكومية في جميع أنحاء العالم». وقد وعد المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقيادة البلاد التي يسكنها 80 مليون نسمة نحو الديمقراطية، لكن المجلس كان محل اتهام بأنه يقف في طريق الإصلاح في محاولة للحفاظ على الامتيازات التي تمتع بها الجيش في ظل النظام القديم. ومنذ أطاح ضباط الجيش بالملك عام 1952 جاء كل رؤساء مصر من الجيش، الأمر الذي يقول الإصلاحيون المؤيدون للديمقراطية إنه أتاح للجيش بناء مصالح اقتصادية شاملة ونفوذ سياسي واسع. وكان موسى (75 عاما) وزيرا للخارجية لمدة عشر سنوات في ظل حكم مبارك.. وينظر على نطاق واسع أن نقله إلى جامعة الدول العربية في عام 2001 كان محاولة من مبارك لإبعاده عن الحكومة بسبب شعبيته المتنامية في ذلك الوقت. وزادت شعبية موسى بانتقاده لإسرائيل خلال الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت في عام 2000 . وأنشد له مطرب شعبي مصري أغنية يقول فيها «أنا باكره إسرائيل وباحب عمرو موسى». لكن منتقديه يقولون اليوم إنه رغم الشعبية التي يحظى بها لدى البعض، إلا أن موسى ارتبط ارتباطا وثيقا بالنظام القديم بصورة لا تجعله قائدا لمصر في مرحلة ما بعد مبارك. وردا على سؤال عن رؤيته لاتفاقية السلام التي أبرمتها مصر مع إسرائيل عام 1979 قال موسى: «سنحترم جميع معاهداتنا بما في ذلك المعاهدة بين مصر وإسرائيل، أتوقع أنهم سيفعلون الشيء نفسه». وفي سنوات حكمه الاخيرة تعرض مبارك لانتقادات في الداخل بسبب سياسته تجاه الشرق الأوسط، وقال منتقدون إن هذه السياسة جعلت مصر تنحاز بشكل وثيق لإسرائيل على سبيل المثال من خلال التعاون في فرض الحصار على قطاع غزة الذي تديره حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس. وينظر إلى تلك السياسة في المقابل على أنها نتيجة لعلاقة مبارك مع واشنطن أوثق حليف لإسرائيل ومصدر 1.3 مليار دولار سنويا في صورة مساعدات عسكرية للقاهرة. وقال موسى إن نهج مبارك في العلاقات مع واشنطن «لم يعد صالحا» وقال إنه سيبدأ «حوارا استراتيجيا» مع الولاياتالمتحدة. وقال: «لا توجد مصلحة لأي بلد كبير أو صغير أو متوسط الحجم في أن تكون لديه علاقات سيئة مع الولاياتالمتحدة، وعلى نفس المنوال مصر التي تعود بعد ثورتها لدورها كدولة رائدة في الشرق الأوسط تحتاج إلى علاقة خاصة». وعن أولوياته الداخلية قال موسى إنه يريد بناء «ديمقراطية كاملة» مع القيام بإصلاحات أوسع وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وقال «يجب أن تكون ديمقراطية أكثر عمقا تشمل حقوق الإنسان والحريات الأساسية والفصل بين السلطات واستقلال القضاء إلى آخره». وأضاف «لا أستطيع تجاهل حقيقة مؤسفة جدا هي أن 50 في المائة من سكاننا يعيشون حول أو عند خط الفقر، وهذا سيحدد ويجب أن يحدد كل سياساتنا الخارجية والإقليمية والوطنية». ومنذ الإطاحة بمبارك أصاب عام من الاضطرابات الاقتصاد وتضررت قطاعات السياحة والاستثمار بشدة مما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة. وقال موسى إن انتخاب رئيس للجمهورية سيكون «رسالة للجميع أن مصر ستعود كدولة ومستعدة للعمل » . وفي حديثه عن خططه للاقتصاد تعهد بالقضاء على المحسوبية التي ارجع لها العديد من مشاكل مصر.وقال «انتهت أيام الاصدقاء والمقربين». وستتلقى حملة ترشح موسى للرئاسة مساعدة إذا كانت جماعة الاخوان المسلمين التي لها أكبر الأحزاب الإسلامية في البرلمان ستدعمه. وقالت الجماعة التي كانت محظورة في عهد مبارك إنها لن تقدم مرشحا للرئاسة وانها لن تدعم الإسلاميين الآخرين. وقال موسى إنه لم يناقش حتى الآن ترشحه للرئاسة مع الجماعة لكنه يرى مجالا للتعاون.وقال موسى «كلانا في نفس الموقف: اننا مواطنون وطنيون نريد إنقاذ البلاد.. لن يكون هذا هو الحال إذا دخلنا في صراع.. في حين تغرق البلاد».