حين الاطلاع على دفتر التحملات الذي يربط مجلس مدينة الدارالبيضاء بشركات النظافة، أول ما يسترعي الانتباه هو الكلفة الخاصة ب «المكنسات الآلية» لهذه الشركات. فمكنسة آلية واحدة سواء اشتغلت أم لا، فإن عدادها يحتسب 5000 درهم لليوم الواحد، أي 15 مليون سنتيم شهريا، وإذا ما علمنا أن الدارالبيضاء تؤثثها 16 مقاطعة، وكل واحدة منها تتوفر على آلة من هذه الآلات، فإن ذلك يكلف خزينة الدار البيضاء حوالي مليارين و88 مليون سنتيم! هذه الآلات، كما تعلم ذلك العيون البيضاوية، ظهرت بقوة في سنة 2004، أي عندما تم تفويت قطاع النظافة من المقاطعات إلى الشركات الخاصة ، لإقناع الجميع بالصفقة المبرمة مع هذه الشركات (سيطا، سيجيديما وتيكميد...) وبالتالي إعطاء صورة مفادها بأن المستفيدين من الصفقة لهم من المؤهلات التقنية ما يفحم أي رأي مخالف مقتنع بأن سواعد عمال البلدية كفيلة بكنس أزبالنا.. لكن تلك الآلات سرعان ما اختفت ولم نعد نرى سوى أجساد عمالنا منتشرة في كل الشوارع ب«مكنسات» تقليدية ورواتب مجحفة، تنظف شوارعنا وأزقتنا من الأزبال المختلفة... الآلات احتجبت ولم تعد تظهر إلا في مناسبات معينة ومعروفة أو ل «إخماد» احتجاج مستشار مؤثر في عملية التصويت داخل مجلس المدينة، انتشرت الأزبال في دائرته الانتخابية! حين وقع عقد تدبير قطاع النظافة للشركات الأجنبية (سيطا، سيجيديما وتيكميد ) أعلن أن هذه الشركات لن تكلف المدينة سوى 27 مليار سنتيم ، أي بزائد 3 أو 4 مليارات عما كان يكلف الخزينة قبل توحيد تدبير شؤون المدينة في سنة 2003 ، وبأن هذه الشركات لها خبرة في المجال وتتوفر على تقنيات تيكنولوجية عالية، وبفضل آلاتها المتطورة ستصبح شوارعنا تضاهي شوارع مدينة زوريخ السويسرية على مستوى النقاء طبعا ، لكن بعد مباشرتها للعمل سيتضح أن بعضها له تقنيات حتى في «الغش»، بحيث ستعمد الشاحنات، في أحايين عديدة، قبل ضبطها، إلى جمع الأتربة والطوب بدل الأزبال لزيادة الوزن في الحمولة واحتساب «الطوناج» على مالية المدينة... كما سيظهر أن بعض هذه الشركات على دراية تامة بسراديب العملية الإنتخابية البيضاوية من خلال تسخير آلاتها وآلياتها لجهة دون أخرى خلال الحملات، وذلك لتغليب كفة ديمومتها بشوارع العاصمة الإقتصادية التي تدر عليها ما يزيد عن 41 مليار سنتيم سنويا ،على حساب سواعد غير مكلفة، لتتخلى عن «صداع» التيكنولوجية!