احتضنت مدينة أسا على مدى ثلاثة أيام ندوة ثقافية حول تاريخ الصحراء انطلاقا من المكونات التراثية .اختير لهذه الندوة شعار التراث الحساني بين الواقع الشفهي والبحث العلمي. أبرز ما ميز هده الندوة مشاركة أساتذة باحثين ومفكرين ومهتمين بالتراث الحساني قدموا من عدة مدن ويعملون كأساتذة جامعيين حضروا إلى مدينة أسا التاريخية التي تحافظ على التراث الحساني كون الساكنة تعتبر من القبائل العربية الصحراوية التي استقرت بهذه المنطقة لعده عقود وتنتمي إلى قبائل الأوس أبناء عمومة قبائل الخزرج من هنا أطلق على المنطقة اسم أسا التي احتضنت الندوة الفكرية التي تعالج موضوع التراث الحساني بمبادرة من مركز الدراسات والأبحاث المتعلقة بالتراث الحساني والثقافة الصحراوية المركز يضم نخبة من المفكرين والباحثين في هذا المجال قرروا تنظيم الندوة الثقافية من أجل تحسيس الناشئة بمدى أهمية هذا الموروث حيث شارك في هذه الندوة عدد من المهتمين بهذا المجال في مقدمتهم شيوخ قبائل المنطقة بالاضافة إلى كم هائل من الشباب الطموح لمعرفة المزيد عن تراث المنطقة حيث قدموا من خلال مداخلتهم عدة تساؤلات تصب في هذا السياق وتغني النقاش .وتتضمن هذه الندوة أربعة محاور أساسية أسندت إلى مجموعة من الأساتذة الباحثين في هذا المجال . من خلال متابعة جريدة الاتحاد الاشتراكي لهذه الندوة التقى مراسل الجريدة بمحمد مزين نائب رئيس مركز الدراسات والأبحاث المنظم للندوة فسأله عن الهدف من تنظيم هذه الندوة الفكرية وكذا إحداث مركز الدراسات والابحاث الذي يهتم بالتراث الحساني .فأجاب قائلنا أولا نتوجه بالشكر إلى جريدتكم التي واكبت هذه الندوة .أما في ما يتعلق بسؤالكم،فقد أنشأ مركز الدراسات والأبحاث مشاريع السنة الماضية وكان الهدف من إنشائه خلق إطار للاهتمام بالموروث الثقافي الصحراوي وتناوله بالتحليل والدارسة الأكاديمية؛ التي ظل بمنأى عنها اللهم بعض المحاولات القليلة وأغلبها يعود للحقبة الكولونيالية. والغاية هي التعريف به من جهة و الحفاظ عليه من جهة أخرى. ولتحقيق هذه الأهداف، سطر المركز برنامجا يتضمن عدة محاور من ضمنها الاهتمام بالكتابات التي تناولت الصحراء كموضوع. وقد أصدر المركز كتاب «دراسة حول قبائل ايت اوسى» . وهناك ثلاثة كتب أخرى قيد الطباعة. بالإضافة إلى تنظيم لقاءات و ندوات فكرية حول الصحراء(التاريخ التراث...) . في هذا الباب، تندرج ندوة أسا المنظمة تحت عنوان الحسانية بين الواقع الشفهي والبحث العلمي. وفي سؤال آخر حول أهم التوصيات الصادرة عن هذه الندوة، وماهي الرسالة التي تودون إيصالها إلى الجهات المعنية . عموما التوصيات كانت كلها تصب في ضرورة الاهتمام بالحسانية ووضعها محور اشتغال الباحثين و المهتمين على اعتبار أنها مكون من مكونات الهوية الثقافية الوطنية. ولقد أكد المجتمعون على ضرورة إشراك الجامعات كفاعلين أساسيين في منظومة البحث و محاولة توحيد جهود هذه الجامعات على امتداد التراب الوطني من أجل إعطاء عمل موحد عوض الاشتغال الانفرادي، و أخيرا حث وزارة الثقافة على اعتبارها الجهة الوصية على الشأن الثقافي لتسخير كل إمكانياتها لدعم كل ما من شأنه التعريف بالموروث الثقافي . يأتي مشروع أشغال هذه الندوة حول اللهجة الحسانية في سياق محاولة فتح النقاش والدرس الأكاديمي على إحدى اللهجات الهامة بالمغرب العربي، والتي ظلت بمنأى عن الاهتمام وعلى هامش الاشتغال العلمي والأكاديمي، وذلك من أجل التعريف بها، وبمجال تداولها الجغرافي، وأهم خصائصها اللسانية، وصلتها بباقي اللهجات العربية وغيرها، فضلا عن إبراز بعض القضايا اللغوية التي تطرحها، ومساءلة جانب من الجهود الدراسية في هذا الباب، من خلال مساهمات كل من ريني باسي René Basset وألبير لوريش Albert Leriche، وجيفري هيث Jeffrey Heath، ودافيد كوهين David Cohen، وأحمد المقري ومشروعي المستعربة كاترين تين الشيخ Catherine Tain Cheikh واسماعيل ولد محمد يحظيه المعجمين حول اللهجة الحسانية. وحتى نبلغ هذه المطامح الدراسية/العلمية، سنحاول في هذه الأرضية تقديم تصورنا حول أشغال هذه الندوة من خلال العناصر التالية: 1. أهداف الندوة: تبتغي هذه الندوة تحقيق مجموعة من المرامي والأهداف، التي يمكن اختزالها في النقط التالية: * توجيه الدرس الأكاديمي نحو الاهتمام باللهجة الحسانية. * تعميق البحث اللساني حولها بما من شأنه الكشف عن كل القوانين والمعايير الاجتماعية التي تحدد السلوك اللغوي داخل مجال البيظان أو مجال اللهجة الحسانية؛ * تقديم عمل دراسي علمي دقيق، ومتخصص حول اللهجة الحسانية يلامس ماهيتها، وخصائصها اللسانية، وبعض مستوياتها الصوتية، والمعجمية، والتركيبية والدلالية المميزة، لسد النقص الدراسي الحاصل إزاءها. * تحديد مجال (جغرافية) الحسانية، وصفاتها اللغوية، وكل العادات الكلامية المؤلفة لاستقلاليتها عن باقي اللهجات والألسن المجاورة لها. * إعداد بيبلوغرافيا جامعة لأهم الدراسات والأبحاث التي أنجزت حول اللهجة الحسانية، وتقييم حصيلة بعض الجهود منها. * بلورة أدق المقاربات الدراسية الممكنة لدراسة اللهجة الحسانية بدءا من قضية الرسم (الكتابة) وحتى الوصف والدراسة اللسانية الدقيقة والناجعة. * تتبع ورصد مساهمة الباحثين والدارسين حول اللهجة الحسانية على اختلاف مستوياتهم وانتماءاتهم وإبراز أهم المرجعيات والخلفيات التي تحكمت في توجيه أبحاثهم بهذا الخصوص. 2. محاور الندوة: تقوم أشغال هذه الندوة على تناول مجموعة من المواضيع المرتبطة باللهجة الحسانية، وذلك من خلال تركيز الاشتغال العلمي على المحاور التالية: المحور الأول: البحث في أصول اللهجة ومجال تداولها وأهم روافدها. وذلك بغية : - الوقوف على أصل التسمية، وأهم الإشكاليات المعرفية التي لفّته - تحديد هويتها اللغوية، حتى يتسنى قطع الالتباس حول ما إذا كانت لهجة، أم لغة، أم كلاما، فضلا عن تدقيق تاريخ ظهورها، وامتدادها، وأهم الاعتبارات التي حفظت لها الوجود والانتشار في مجالها الراهن، وتبيان نوع وطبيعة المناخ اللهجي العام الذي كان يميز الوضعية اللغوية بالمجال قبيل اكتساحها له - الإحاطة بأهم الروافد التي تغذت منها في تشكيل وتعزيز مستوياتها المعجمية والتركيبة والصوتية والدلالية.. المحور الثاني: البحث في خصائص الحسانية ومقومات استعمالها العامة، وأوجه الاختلاف والاشتراك بينها وبين باقي اللهجات العربية وغيرها. وذلك بهدف : - بلوغ دراسة لسانية متخصصة حول اللهجة الحسانية تكشف أهم الخصائص اللسانية التي تميزها، أو تقوم عليها بنيويا. - إبراز مختلف المقومات التي تخص استعمالها في مجالها الواسع بشكل عام، وفي بعض المناحي منه بشكل خاص. - إدراك حجم بعض الفروق القائمة وطبيعتها، وأوجه الاختلاف والاشتراك الموجودة بينها وبين باقي اللهجات الأخرى أولا، وبعض اللغات وفي مقدمتها اللغة العربية ثانيا.المحور الثالث: البحث في جهود الكولونياليين حول اللهجة الحسانية. من أجل جرد أهم الدراسات والأبحاث التي أنجزت حول الحسانية من قبل أعلام الدرس الكولونيالي (الاستعماري)، وإظهار نوع الخلفيات التي تحكمت في توجهها، وطبيعة المقاربات التي اعتمدتها، وأهم الأسس التي استندت إليها في معالجة ودراسة هذه اللهجة على المستويين المنهجي/الإجرائي والمعرفي، وكشف نوع الاختلالات التي وقعت فيها، وكيف يمكن تجاوزها، وهل يمكن التمييز داخلها بين خصوصيات معينة، أم أنها على اختلاف انتمائها للدوائر الاستعمارية تظل شيئا واحدا. وما هي القضايا اللسانية التي استأثرت باهتمام الباحثين الكولونياليين فيها؟ المحور الرابع: البحث في قضية الحركة المعجمية حول اللهجة الحسانية في مجال البيضان. وذلك قصد التعريف ببعض الجهود العلمية القيمة التي قدمت في هذا الباب، وإبراز النظام (النسق) والمنهج (الاختيار) الذي اعتمدته في ترتيب مداخلها المعجمية (الوحدات)، وتبويب مادتها اللغوية (المتن).