"الباسبور" المغربي يمكن المغاربة من دخول 73 دولة بدون "فيزا"    وضع الاستثمار الدولي للمغرب: وضع صاف مدين بقيمة 785 مليار درهم إلى غاية نهاية شتنبر 2024            الإعفاءات الجزئية لفائدة المقاولات المدينة: فتح استثنائي لقباضات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يومي السبت والأحد    أداء إيجابي في تداولات بورصة البيضاء        وست هام يقيل مدربه الإسباني خولن لوبيتيغي        ديديه ديشان يؤكد نهاية مشواره التدريبي مع المنتخب الفرنسي بعد مونديال 2026    عطية الله يخضع لجراحة في الوجه    تسبب له في عجز تجاوز 20 يوميا.. السجن لمتهم بتعنيف والده بالحسيمة    22 قتيلا و2824 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    شاحنة بضائع تعبر "جمارك مليلية"    رصد ما مجموعه 41 حالة إصابة بداء بوحمرون بعدد من المؤسسات السجنية    تنظيم أسبوع حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي واحترام الحياة الخاصة من 27 إلى 31 يناير الجاري    أوجار: البطالة نتاج لتراكم سنوات والحكومة ستعبئ جميع الوسائل لمواجهتها    إصدار العدد الثاني من مجلة الإيسيسكو للغة العربية    "البيجيدي" يتنصل من موقف مستشارته الرافض لتسمية شارع في فاس باسم آيت يدر ويصفه ب"الموقف الفردي"    إيران تطلق سراح صحافية إيطالية    إقالة رئيس مقاطعة حسان بالرباط    استعدادات لميلاد مؤسسة عبد الله اشبابو للفكر والثقافة بمدينة طنجة    الصحة تنتفض ضد الأزمة.. إضراب وطني يشل حركة المستشفى الحسني الأسبوع القادم    الشرطة توقف شابا بقلعة مكونة بتهمة ترويج المخدرات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    قريباً شرطة النظافة بشوارع الدار البيضاء    "عجل السامري" الكندي: تأملات فلسفية في استقالة ترودو    بنسعيد: الدعم الاستثنائي لقطاع الصحافة والنشر سينتهي في مارس المقبل بعد تفعيل المرسوم الجديد ذي الصلة    إندونيسيا تنضم رسميا إلى مجموعة "بريكس"    عشرات الشاحنات المغربية تتعرض لإطلاق نار في مالي    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    ترامب ينشر خريطة جديدة للولايات المتحدة تضم كند    قمة متناقضة بين أ. الدشيرة المتصدر وأ. خريبكة المنبعث ولقاء ملغوم لاتحاد يعقوب المنصور أمام "الكاك"    المغرب يسجل أدنى مستويات المياه السطحية في إفريقيا خلال عام 2024    عامل إقليم السمارة يشيد بأهمية النسخة الثامنة لمهرجان الكوميديا الحسانية    مولاي إبراهيم الشريف: مهرجان مسرح الطفل بالسمارة يعزز بناء جيل مثقف    بنسعيد: الدعم الاستثنائي للصحافة بلغ 325 مليون درهم خلال سنة 2024    حريق كارثي يُهجّر آلاف الأسر والسلطات الأمريكية تستنفر    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    منظة الصحة العالمية توضح بشأن مخاطر انتشار الفيروسات التنفسية    باولو غيريرو يعتزل التنافس الدولي    ارتفاع أسعار النفط وسط تقلص إمدادات    وزير الخارجية الفرنسي: عقوبات الاتحاد الأوروبي على سوريا قد تُرفع سريعاً    نجم موسيقى الستينيات "بيتر يارو" يرحل عن 86 عاما    "الصدفة" تكشف عن صنف من الورق العتيق شديد الندرة    ترامب يطالب حلف "الناتو" بالسخاء    إسرائيل تقتل 51 شخصا في قطاع غزة    تأجيل محاكمة إسماعيل الغزاوي إلى 15 يناير وسط دعوات حقوقية للإفراج عنه    كأس الرابطة الانجليزية.. نيوكاسل يقترب من النهائي بتغلبه على مضيفه أرسنال (2-0)    مغرب الحضارة آفة *" _التدخين ": كارثة على الأنفس والأموال ضررها أكثر من نفعها وجب إتخاذ القرار    أوجار يدعو الوزراء إلى النزول للشارع ويتحدث عن نخبة اقتصادية "بورجوازية" ترتكب جريمة في حق الوطن    مواجهة تفشي بوحمرون يجمع مسؤولي الصحة والتعليم بالحسيمة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    دراسة: الحليب لا يفرز البلغم عند الإصابة بنزلات البرد    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    الأوقاف تعلن عن فتح تسجيل الحجاج إلكترونيا لموسم 1447 هجرية    مدوّنة الأسرة… استنبات الإصلاح في حقل ألغام -3-    تفاصيل انتشار فيروس يصيب الأطفال بالصين..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أي دور لأداء عمل الجمعيات في ظل الدستور الجديد
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 31 - 12 - 2011

لا حد يمكن أن ينكر الأدوار والوظائف التي تقوم بها الجمعيات في تنمية المجتمع، من خلال ما تقدمه من خدمات لفائدة المواطنين. فمنذ نشأتها وهي تساهم في إرساء لبنات المجتمع المدني وتكريس قيم المواطنة والديمقراطية وحقوق الإنسان، ودعم القضايا الوطنية إلى جانب باقي القوى الحية في كل المنعطفات التي مر منها المجتمع المغربي، وظلت وفية للتعبير عن مشاغل الناس وتوعيتهم وتمكينهم والدفاع عن مصالحهم و القيام بأدوار الوساطة لإيصال صوت المواطن للدولة باعتبار أنها الأقرب لهمومه وانشغالاته، إلا أنه عوض أن تهتم السياسات العمومية الموجهة إلى العمل الجمعوي بتحصين هذا العمل وتطويره وتنميته بمجموعة من القوانين التي تنظم العمل التطوعي وتحدد مجالاته وتنظم عمل المؤسسات الجمعوية العاملة في مجال التطوع وتطوير أساليب التعامل معها، وتحفيز الشباب على الانخراط في أنشطته عبر تأهيل مؤسسات الطفولة والشباب وتوفير التأطير والدعم اللازم لها، وتقوية البرامج والمضامين التي تحظى باهتمام الشباب، ظلت عاجزة عن الرقي بدعامات النهوض بأداء هذه الجمعيات وتباطأت فرص التأهيل والتخلص من الأساليب التقليدية في العمل.
وبالرغم من النضالات التي خاضتها ثلة من الجمعيات التاريخية الحقوقية والنسائية والتربوية خلال هذا التاريخ الطويل الحافل بالعطاء والتفاني في خدمة المجتمع، فإن المكاسب لم تُجب عن المطالب الحقيقية والأساسية لهذه الجمعيات ، وكان حظها من إمكانيات الدولة والجماعات المنتخبة والقطاع الخاص ضئيلا بالمقارنة مع ما تقوم به كقطاع ثالث يأتي بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص .
الجمعيات ورهان التأهيل
نتيجة للتحول والانتقال الديمقراطي الذي عرفته البلاد، تنامى عدد الجمعيات وامتد حضورها وتواجدها في كل المناطق (40000 جمعية عاملة بمختلف الميادين) وأصبح دورها يتفاقم لمواجهة قضايا التنمية وإدماج الأطفال والشباب والنساء في المجتمع وازدادت الرغبة في التعبير والاستئناس بحياة الديمقراطية وبامتلاك أدواتها وتقاليدها والتدريب عليها، كما برزت أشكال التكامل بين الجمعيات في إطار شبكات أو ائتلافات او أنسجة مدنية لتنسيق العمل الجماعي وتضافر الجهود فيما بينها لحشد التأييد حول قضايا مصيرية وبارزه في المجال الحقوقي والنسائي والمدني كان لها الفضل في انتزاع مجموعة من المكاسب والحقوق .
وبالرغم من ذلك فإن هذا التعدد والتهافت على تأسيس الجمعيات لم يلبث أن تحول إلى نقطة سوداء في مسار العمل الجمعوي، فإذا كانت الجمعيات الجادة والمتفاعلة مع قضايا المجتمع قد لقيت مسلكها نحو الاحترافية وتحسين آليات أدائها وشراكاتها، فإن السواد الأعظم من هذه الجمعيات ظل حبيس أساليب تقليدية بظهور باهت لا يستيقظ إلا مع فترة توزيع المنح أو خلال المناسبات والاستحقاقات التي تشهدها البلاد . كما أدى الى بروز وضع جمعوي متخلف عن ركب التحولات التنموية والديمقراطية للبلاد لا يمنح هذه الجمعيات نفسا طويلا من أجل تأكيد شرعيتها .
ان الطلب المجتمعي الكبير على العمل الجمعوي باعتباره مساحة الحياة الجماعية التى تمكن من المشاركة المواطنة في عملية التنمية، أصبح يحتم على الجمعيات من أجل استمرارها، إثبات ذاتها وأن تضطلع بأدوارها كاملة حتى تسهم في التنمية إسهاما حقيقياً وتنجح في بناء الوعي التنموي واستقراره وتوظيفه من خلال مشاركة حقيقية وفاعلة في العملية التنموية، والنهوض بمستوى مردوديتها وتنظيم تدخلاتها لفائدة المواطنين، فلا احد يشك اليوم في الرغبة العارمة من طرف المنظمات والجمعيات للتأهيل وممارسة المواطنة الديمقراطية، و تفعيل العمل التشاركي واستعادة الثقة في عملها، خصوصا خلال هذه الفترة من تاريخ المغرب التي تعيش على إيقاع ورش تنزيل مقتضيات الدستور الجديد الذي نص على الوظيفة الديمقراطية و التنموية للمجتمع المدني،إذ لأول مرة يتم الإقرار الدستوري بالمجتمع المدني ،بوظائفه، و بمهامه، إقرار أصبح يشكل مدخلا لفعل الشباب المنخرط في الجمعيات، بالقدر الذي يشكل تفاعلا مع مطالب مهمة حول الديمقراطية التشاركية والمواطنة واحترام حقوق الإنسان وتحصينها من خلال توعية وتعريف الناس بحقوقهم وتأطيرهم للدفاع عنها والترويج لسيادة القانون بما يسمح بالعيش في أمان وكرامة، كما أصبحت الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام، والمنظمات غير الحكومية، في إطار الديمقراطية التشاركية، تساهم في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها، إلى جانب ذلك وضع الدستور الدولة أمام التزامات واضحة تحتاج إلى متابعة وتقييم من طرف هيئات الشباب (الفصل 33 -26 - 139).الدستور الجديد أيضا سيعمل على ضبط آليات وميكانيزمات التنسيق والمتابعة والتوجيه من أجل إعمال نموذج للمخططات التنموية التي ترتكز على العمل التشاركي بين الجمعيات والمؤسسات الحكومية والمنتخبة ، ومن أجل ذلك أقر الدستور الجديد بضرورة إنشاء هيئة استشارية في ميادين حماية الشباب والنهوض بتطوير الحياة الجمعوية، قصد القيام بدراسة وتتبع المسائل التي تهم هذه الميادين، وتقديم اقتراحات حول كل موضوع اقتصادي واجتماعي وثقافي، يهم مباشرة النهوض بأوضاع الشباب والعمل الجمعوي، وتنمية طاقاتهم الإبداعية، وتحفيزهم على الانخراط في الحياة الوطنية، بروح المواطنة المسؤولة.
إن الجمعيات مطالبة اليوم، وقبل أي وقت مضى، بمواكبة مختلف التحولات التنموية والديمقراطية والانخراط في ركب الإصلاحات العميقة التي يشهدها المجتمع المغربي وان لا تظل حبيسة الأدوار المنبرية التي تصرفها عن العمل الميداني والقاعدي مع المواطنين.
إعادة الثقة في عمل الجمعيات
تتجلى إعادة الثقة في العمل الجمعوي بإحاطتها بكل الضمانات التي تحفزها على المشاركة، وتساهم في تأسيس حركية شبابية داخل المجتمع بكل حرية وتلقائية ووعي بواجب المشاركة في بناء الوطن ، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال تمكين المنظمات والجمعيات المحلية وإطاراتها المدنية، من عملية بناء القدرات الفردية والمؤسسية والتنظيمية حتى تصبح قادرة على إدارة عملية التنمية الذاتية للمجتمع، ولامتلاك المهارات التنظيمية والمعارف اللازمة، كما أن الدولة والمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي ينتظرهما مجهودا كبيرا في ضبط آليات وميكانيزمات التنسيق والمتابعة والتوجيه من أجل إعمال نموذجي للخطة المذكورة مع التركيز على العمل التشاركي، وتعزيز التشاور المتبادل بين الجمعيات والمؤسسات الحكومية من أجل رفع درجة الوعي بأهمية العمل المشترك و تعزيز أدوار الدولة في دعم وتطوير الحياة الجمعوية عن طريق دعم وتنمية قدرات العنصر البشري وتشييد بنيات الاستقبال السوسيو ثقافية وتعميمها والسعي الى تحسين وتنويع خدمات الجمعيات و برامجها وتطويرها بما يستجيب لاحتياجات المواطنين المتجددة والمتنوعة في مجال التأطير والمصاحبة، كما يجب تفعل دور المراقبة والتتبع والتوجيه في إطار من الشفافية والمساءلة وفق شروط الأهلية ومعايير الكفاءة والجدارة حتى تتمكن الجمعيات من خوض غمار مسلسل التأهيل والتدرج الطبيعي الذي يمنحها إمكانيات الترقي في سلم الاحترافية بشكل طبيعي دون اللجوء إلى الريع الجمعوي الذي أفسد الحياة الجمعوية . وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى سن سياسة وطنية لتأهيل القطاع الجمعوي والانتقال به إلى درجة الاحترافية و تحديث حكامته. فلا يمكن أن نتحدث عن الحكامة دون أن نتحدث عن المشاركة والمحاسبة، ولا وجود للحكامة إلا في ظل الديمقراطية، من خلال اعتماد النجاعة في التدبير وتقرير أساليب التدبير وآلياته والاعتماد على احترافية الوظائف التربوية وعقلنة الوسائل.
إن زيادة القدرة على التغيير النوعي في عمل الجمعيات وعطائها لفائدة المجتمع تقتضي خلق بيئة للحوار والتشاور تدعم الحرية والديمقراطية وتضمن الاستعداد الجيد للشراكة الحقيقية بين القطاعات الحكومية والجماعات المنتخبة والقطاع الخاص وفق قواعد سلوكية تكفل ممارسة جمعوية حرة ديمقراطية وفعالة من خلال وضع مدونة السلوك، تحدد المعايير الأخلاقية للعمل الجمعوي وتضع إطارات للتنسيق في إطار اتحادات وجامعات وهيئات قائمة على رؤية وقيم وأهداف مشتركة بما يخدم المصلحة العامة وعدم هدر الموارد والجهود. ويبدو وفي إطار الحراك الشبابي الذي يعرفه المجتمع ، أن هناك حاجة ملحة للتجاوب مع احتياجات الشباب من خلال تأسيس جيل جديد من الجمعيات يقودها الشباب لدعم مشاركتهم المدنية وخلق بنى تتيح للشباب التعبير عن ذواتهم ومصالحهم وحرية اختياراتهم لحفز طاقاتهم وإبداعاتهم وتعبئة مبادراتهم لفائدة جهود التنمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.