المسيرة التي نظمها في الخامس عشر من شهر دجنبر عدد كبير من مستخدمي مكتب التكوين المهني، اغلبهم من المتعاقدين الذين غيروا قبعتهم النقابية بتسعين درجة بعد توقيع بروتوكول الإدماج والذين ما زالوا ينتظرون تطبيق ما تبقى من مقتضياته، مسيرة رددت خلالها شعارات طالبت بوضع حد لفصول ومشاهد الغطرسة والحط من الكرامة التي تحدث يوميا على خشبة التكوين المهني. مهما كانت الحسابات الضيقة والخلفيات البريئة والغير البريئة للأطراف المتدخلة تارة عن قرب وتارة عن بعد فيما يجري حاليا من احتقان بمكتب التكوين المهني، فالأكيد أننا بصدد اكتشاف الأسئلة الحقيقية لواقع التكوين المهني الذي ظل الباصمون بأصابعهم العشر في ذيل صفحاته لما يزيد عن عقد من الزمن يتوهمون بأنه واقع سيرتفع ثمنه في بورصة القيم الممسوخة ليعبئ أرصدتهم الفارغة بما يضمن استمرار استهلاكهم للمستهلك المنتهية صلاحيته وليمنحهم حصانة عدم المثول أمام محاكم الضمير المهني للإقرار بالفشل الذي حول معاهد ومراكز التكوين المهني إلى ما يشبه مؤسسات لحضانة الكبار وتعلم تقنيات التأقلم مع البطالة وانسداد الآفاق. القاعدة العامة تقول بأن «الواقع لا يرتفع»، ولعل في «مشاهد الغطرسة وفصول العار» التي تسربل بها مكتب التكوين المهني طيلة العشر سنوات الماضية ما يكفي للإجابة على سؤال كيف هو واقع التكوين المهني حاليا؟ فلنستحضر بعض الفصول و المشاهد إذن في هذا الوقت الضائع فصل احتجاج المتعاقدين شاءت الأقدار أن تمشي رياح المكونين المتعاقدين عكس سفن الإدارة العامة التي كانت ترى فيهم مراكب سهلة يمكن استغلالها بشكل مفضوح تحت طائلة التهديد بتطبيق بند الفسخ المنصوص عليه في العقدة ، ورغم أن بروتوكول الإدماج نص على دمجهم على دفعات ثلاث فإن التوجس والخوف من انقلاب الإدارة على التزاماتها ما زال سيد الموقف خاصة وأن أغلب المتعاقدين مطلعين على تفاصيل انقلاب الإدارة وشريكتها الاجتماعية على المتحدث باسمهم أثناء الحوار الذي أفضى إلى توقيع بروتوكول الإدماج ومتابعته قضائيا بتهم قد لا يمكنه «رابيل» المغادرة الطوعية الذي استفاد منه في قطاعه السابق من الصمود في وجهها. لقد كان أولى بالسيد المدير العام الانقلاب على مدير موارده البشرية والمدراء الجهويين الذين أوقدوا نار حرب خاسرة كادت تجعل من السنة التكوينية الماضية سنة محروقة وهي النار التي أخمدت مؤقتا بتدخل من أطراف عدة ظنت بحساباتها المعلومة أنها لو ساهمت في إخمادها ستستفيد من الاستحقاقات الماضية والمستقبلية وها هي النار قد عادت من جديد للاشتعال فمن يا ترى مشعلها ومن المستفيد من لهيبها؟ فصل تشييع القانون الأساسي الحالي بالرغم من إصرار الإدارة العامة وشريكتها الاجتماعية في سنة 2003 على فرض قانون أساسي لا مصداقية له على مستخدمي المكتب بدعوى أنه يحمل الكثير من الامتيازات والايجابيات ها هو التاريخ يكشف مع مرور الأيام أن حبل الكذب قصير وأن هذا القانون يمشي محمولا على أكتاف من وضعوه على المقاس المطلوب ليرتاح في مثواه الأخير وتتجلى مراسيم ذلك في، - اعتراف الإدارة وشريكتها الاجتماعية أخيرا تحت الضغط القابل للانفجار من خلال توقيعهما مع وزارة المالية على بروتوكول إعادة الترتيب بإجهاز قانونهما الأساسي الجديد على الأقدمية المحصل عليها في القانون القديم، لكن بدلا من احتساب الضرر منذ سنة 2003 تعمدا احتسابه منذ تاريخ توقيع البروتوكول أي ابتداء من شهر يونيو 2011 مع هضم حق كثير من المستخدمين في الرتب المستحقة في القانون الجديد أي بعبارة أوضح ما أعطي باليمنى أخذ عنوة باليسرى، وإقرارهما بأن كثيرا من بنود القانون الأساسي أصبحت جيفة ميتة وتكوين لجنة مشتركة لبعث الروح فيها. - سن نظام ترقية في السلم والرتبة يكرس الفئوية ويجعل المستخدم من جهة حبيس الترقي في درجته القديمة التي فصلت وقطعت إلى ثلاث سلالم، ومن جهة ثانية حالما بركوب قطار الترقي السريع في الرتبة في آخر كل سنة. لقد أثبت التدخل السافر للإدارة للتلاعب بنتائج الترقية والنقط السنوية أن الكفة تميل من جهة واحدة لفائدة حفنة من المحظوظين، ناهيك عن الترقيات ومنح المردودية الموجودة تحت الحراسة النظرية في دولاب مدير الموارد البشرية، فنحن الآن على مشارف سنة 2012 وما زالت امتحانات الترقية والتنقيط السنوي المتعلقين بسنتي 2010 و 2011 لم ينظما بعد. - ليس بخاف على أحد بأن العقد التي شغل بموجبها أزيد من 2000 مكون متعاقد أبرمت خارج القوانين المعمول بها بمكتب التكوين المهني، فهي مناقضة لما هو منصوص عليه في المادة الثالثة، ولا يمكن الاستناد في شرعنتها على المادة الرابعة التي تتحدث عن رسالة التزام للقيام بعمل مؤقت جد محدود، الآن وقد ادمج المتعاقدون واحتسبت لبعضهم سنوات الأقدمية عن طريق منحهم لرتب إضافية يحق لنا أن نتساءل عن جدوى الإبقاء على البنود 11 و12 و13 من القانون الأساسي وعن جدوى الإبقاء على الفقرة الأخيرة من البند 18 المتعلقة بمراجعة نسب المنح والعلاوات وهي التي كان من الواجب تفعيلها بدلا من زيادة 600 درهم خارج الضوابط القانونية وعن جدوى بقاء البند25 إذا كانت مسؤولية تدبير المديريات المركزية تسند لأشخاص من خارج المكتب يقال أنهم من المقربين الذين يحظون بثقة السيد المدير العام وأن منهم من جاء لا يحمل وراء ظهره المهني إلا معطفه أملا في توفير رصيد مهني لاستثماره في مشاريعه المستقبلية، فصل التكوين الأولي الذي أصبح باردا مثل لوح جليد من دون حساب دقيق للعواقب تم تقليص ميزانيات تسيير المؤسسات في ظل تزايد حجم الإكراهات الناتجة عن الزيادة المفرطة في عدد المتدربين. فحال كثير من المؤسسات التكوينية يبعث على الشفقة، بسبب حاجتها الماسة للعناصر الثلاث التي لا يمكن للعملية التكوينية أن تستقيم بدونها، المكونون، التجهيزات والمواد الأولية. لقد فتح الباب على مصراعيه أمام الارتجال والتسرع في اتخاذ قرارات قضت بتكديس متدربين في قاعات وورشات غابت عنها عناصرها الأساسية. فهل يعقل مثلا من الناحية البيداغوجية إسناد تكوين فوجين وأكثر لمكون واحد، مثلما هو واقع في كثير من المؤسسات التكوينية؟ هل يعقل أن تبقى إلى يومنا هذا أفواج من المتدربين بدون مكونين ومداد بروتوكول دمج ما يزيد عن 2000 متعاقد لم يجف بعد؟ وهل يعقل صرف ساعات إضافية لمكونين لتأطبر فوج في تسيير المقاولات بإحدى المؤسسات التكوينية بعدما تم إعفاء المكون المتخصص وتكليفه بعمل إداري كتمويه لمكافئته على مساهمته المشهودة كعضو في اللجان الثنائية في تزوير النقطة الإدارية الواردة في المشهد أدناه؟ فكل المطلعين على خبايا التكوين المهني يكادون يجزمون بأن السياسة الحالية المتبعة يطبعها تدهور متزايد في جودة التكوين ويحكمها قصر انظر ولا تملك ما يكفي من القوة والنضج لبلوغ تكوين مليون متدرب في أفق 2015 تكوينا حقيقيا يساير متطلبات العصر. فصل التعزية الصحية في آخر شهر دجنبر الحالي سيحل تاريخ وفاة الفقيدة الغالية عقدة التأمين الصحي سينيا السعادة فما على مستخدمي مكتب التكوين المهني إلا أن يشرعوا من الآن في تقديم التعازي لبعضهم البعض دون نسيان تقديم التهاني بمناسبة عقد القران على المصونة المحترمة التي ما زال اختيارها ينتظر ما سيجود به طلب عروض صفقة التأمين الجديدة وإن كان العارفون بأساليب طبخ الصفقات في آخر اللحظات يرجحون اسم طليقتهم السابقة «وفاء» وحيثيات التبرير ستكون طبعا قبولها العودة إلى بيت الطاعة خانعة مستسلمة حنونة فاتحة في وجه فلذات أكبادها المستخدمين أبواب كل العيادات والمصحات والصيدليات فتحا بالمجان وكل ذلك إن شاء الله بعد التوقيع على عقدة مرافقة صحتهم إلى مثواها الأخير «وإنا لله وإنا له راجعون». «واللي ما يشوفش من الغربال يبقى اعمى» مشاهد من بعضها: 1) مشهد مكون يرفع عقيرته، يشرح ويكتب، وبعد امتلاء السبورة عن آخرها تتطوع إحدى المتدربات وتخرج من حقيبتها علبة كلينيكس، تناوله ورقة من مخزونها، يمسح بها عرق السبورة ويعود لرفع عقيرته بالشرح والكتابة وكلما اجتاح العرق الأسود المنبعث من قلم الحبر السبورة البيضاء تتسابق أوراق الكلينيكس كالعادة لتجفيفه من جديد. هذا المشهد، - بسب غياب الممحاة - تكرر لأيام وشهور إلى أن أصبح عادة ثم عرفا جار به العمل لدى الكثير من المكونين إلى حين.. (نعم يا سيدي الهواوي كم من مكون لا يتوفر على ممحاة) 2) مشهد مستخدم هو الآن رهن الاعتقال استطاع أن يشتري - بصفته مكلفا بالمشتريات- بواسطة أصول طلبات (Bons de commandes) تحمل اسم ورمز مكتب التكوين المهني، وأن يستلم - بصفته أمينا للمخزن - من ممونين ما يقارب 40 مليون سنتيم من السلع يقال أنها دخلت كنقود في جيبه الخاص بدلا من أن تدخل إلى مخزن المديرية الجهوية التي يشتغل بها، لقد امتنعت الإدارة العامة عن إبراء ذمتها من الديون المتراكمة بدعوى أن الوثائق التي توجد بحوزة الممونين مزورة واكتفت بتوقيف المستخدم/المتهم من دون يطال قراراها التأديبي رؤساؤه المباشرين منهم المدير الجهوي الذي كلفه بمهمة المشتريات ومهمة أمين المخزن وهما المسؤوليتان اللتان لا يتم الجمع بينهما إلا لنية في نفس يعقوب بسبب حالة التنافي المنطبقة عليهما ومنهم مدير الموارد البشرية الذي غض الطرف عن مثل هذه الزلة الإدارية، القضية الآن بين يدي القضاء وهي في مرحلة البحث الذي تجريه الضابطة القضائية والتي من دون شك سيكون الضنين قد أسر لها بكل ما كان يعمل في الخفاء. 3) مشهد متدربين داخل ورشة للتكوين وقد امتلكهم التوجس من تلبد السماء بالغيوم وبداية سقوط الأمطار لأنهم على علم مسبق بأن قطراتها ستتسرب كالعادة من شقوق في السقف لتتساقط نقطة، نقطة على رؤوسهم المعدة للتحصيل. وكأني بمكتب التكوين المهني يريد مسايرة المخطط الأخضر بتقنية الري بالتنقيط عبر سقف قاعات التدريس في تجربة فريدة تتوخى إضافة «ياء الندبة» للشعر الكث الأسود بغية تحويله لشعير مهني أشقر. وما يقوي هذه الفرضية أنه لم تمض بعد سنتان على الصفقة التي فوتت لإحدى شركات البناء لإعادة تغطية وتزفيت أسقف مختلف المؤسسات التكوينية على الصعيد الوطني لحمايتها من الماء حتى بدأت الأمطار تتسرب من شقوق قاعات ظلت صامدة في وجهها لعشرين سنة خلت. 4) مشهد مغضوبٍ عليه بلغه أن نقطته الإدارية برسم سنة 2009 تم التطاول عليها بمديرية الموارد البشرية بشكل سافر لتتحول من 79 إلى 49 بعد نشر مقال وقع باسمه على أعمدة هذه الجريدة تحت عنوان «تكوين بالتيمم والجمع والتقصير»، فقام بمراسلة المدير العام عن طريق البريد المضمون مع إشعار بالتوصل في بداية شهر دجنبر، ملتمسا منه منحه نقطه الإدارية وقرارات ترقيه في الرتب برسم سنوات 2003، 2004، 2005، 2006، 2007، 2008، وأخيرا نقطة 2009 المزورة ليتمكن من تقديم طعن في الموضوع طبقا لما ينصص عليه دليل المساطر كلما كانت النقطة أقل من 50، وحيث أنه لم يتوصل بأي جواب بعد صيام الإدارة لشهرين متتابعين، راسل مؤسسة الوسيط، التي بعد دراسة أولية لتظلمه أفتت عليه بمراسلة الوزارة الوصية، وبعد صيام هذه الأخيرة لشهرين متتابعين راسل من جديد مؤسسة الوسيط ملتمسا منها تفعيل المادة الثالثة عشرة من المرسوم المحدث لمؤسسة الوسيط من أجل فتح تحقيق على المستويين المحلي والمركزي بشأن الأفعال الإدارية المنافية للقانون التي تلاعبت بنقطته الإدارية برسم سنة 2009 وحرمته من الاطلاع على نقطه الإدارية وقرارات ترقيه في الرتب منذ سنة 2003 ومن حقه في الطعن المنصوص عليه في دليل المصادر وما ترتب عن ذاك من تعسف مفضوح وأضرار مادية تمثلت على وجه الخصوص في حرمانه من الترقي في السلم بالاختيار برسم سنوات 2007 ، 2008 و 2009 التي تم البث فيها دفعة واحدة في شهر شتنبر 2011، لكن يبدو أن مؤسسة الوسيط قررت هي الأخرى صيام شهر متتابعين للتكفير عن زلة الإفطار العمد، والشكوى لله من قبل ومن بعد. ستأتي أيام سيتذكر فيها مستخدمو مكتب التكوين المهني ما فات وسيسرون لأنفسهم بأن الهواوي كان «قايد» وكان قد هوى بمعنى أحب الغطرسة والسلطة وتضخيم الأنا، فكان أن هوى بمعنى سقط بعدما نفذ رصيده وانتهت مدة صلاحيته وتعطل جراره ودخل سوق رأسه الخاوي.