مازالت الوقاحة هي زاوية النظر في عين القتيل إلى جثة القتيل. ومازالت عيناه تحملان نفس الحقد على الشهيد. والقاتل، الذي يتجول بوجهه عاريا، كما الفضيحة، مازال يحمل السكين ويطعن الهواء، إيمانا منه بأنه أنفاس الشهيد. القاتل ، المكلف بمهمة ضد الحقيقة، مازال يتجول بالصفاقة نفسها. ويعود مع كل موعد قتل (متى تقتلنا جميعا أيها السفاح؟) ليجدد تنكيله بالشهيد وبالحقيقة. البارحة قرأناه على صفحات «أخبار اليوم». البارحة تم إخراجه من المجزرة وارتدى، كما أريد له جبة المحاور، لكي يعود بلسانه السفيه إلى التجريح في العائلة التي قتل أحد أبنائها. ماذا يقول القاتل عندما يخرج إلى العلن، عندما يشيح الله عنه بوجهه ولا يجد سوى فراغه العقائدي كرأسمال ؟ يقول مايلي: « أشعر بالأسف نحو الاتحاديين الذين لا يريدون التوقف عن استغلال قضية بنجلون لأهداف سياسية، إنهم يستغلونه على نحو فظيع». من أين للقاتل بهذه الشفقة على الشهيد، من أين، إذا لم تكن سمة بسيكوباتية. أتقتله وتريدنا أن ننساه ؟ أتقتله وتريدنا أن نغفر لك دمه على أياديك؟ ألا تمتلك جرأة آخر العمر وتقول من كان وراءك أيها السفاح! اقرأوا معي ما يقوله القاتل الوقح «هاهم اليوم يوظفونه بشكل بشع لتبرير المعارضة». أتقتل عمر وتريدنا أن نبقى في الحكومة أيها البشع؟ أتقتل عمر وتملك الجرأة «مازال« على أن نقتله معك؟ أتريدنا أن ندخل الحكومة لكي لا يبقى عمر أيها .. أنت؟ أعد علينا سورة القتل وآيات التمجيد؟ ولماذا تريدنا ألا نذهب إلى المعارضة؟ هل تريد منا أن نؤمن بأنك لا تفهم في السياسة، وأنك مجرد جزار مفلس، لم يختر للقتل سوى عمر القائد الفذ، الذي حكم عليه بالإعدام مرات عديدة وقيدوه ورموه في البحر؟ أتريد هذا أيها .. أنت، وأنت تدعي أنه لا وجود لحركة وراء جريمتك؟ أتعتذر للعائلة، كما لو أنك قتلته، لأنه كان ابن والده فقط، وزوج زوجته فقط، وأنك لم تقتله لأنه كان قائدنا ورمزنا. تحدث بلغة غير النباح وغير الخوار. تعلم أن تزأر بالحقيقة، تعلم قليلا أن تنحني أمام من قتلته. ألا يمكنك أن تعتذر بالحقيقة أيها القاتل؟ هل تريد أن تقنعنا أنك لست مسخرا، أنت الذي فهمت، فجأة وبسؤال صحفي ملغوم، أن المعارضة سياسة وموقف؟ كنا نعرف أنك مجرد أداة، ولم نكن نعرف بأنك الوقاحة، وأنك صغير حتى في أحقادك. هل أصبحت تعرف السياسة اليوم، وأنت تريدنا أن نمارس... جبنك في العلن؟ لو أنك مغربي بنسبة 10 في المائة فقط، لكنت تقول الحقيقة، وكنت تخجل من المغربي الذي قتلته. ربع صفحة في الجريدة لن تغطى على صفحاتك البشعة في التاريخ. لقد قتلت ابن فقير، وابن الشعب، وكان عليك أن تعتذر وتنمحي، حتى لا نتذكرك. كان عليك أن تنهي مهمتك تدخل السجن وتصمت .. وتخرج منه وتصمت في إحساس طويل بالذنب. لكن لسانك، وسكينك فقط بهما طول. كان من الممكن أن نعتبر أنك تبت بالقتل، لكنك في الواقع قتلت بالتوبة وقتلت اليوم وتواصل القتل باسم... الأغلبية. على الأستاذ بن كيران أن يتبرأ من أمثالك في الدفاع عن المشاركة، لأن ذلك سيسىء إلى المستقبل. لو تدخل غار نفسك، وتقيم مع أشباحك، الذين خلتهم ذات جنون «ملائكة» يأمرونك بقتل الشهيد، سيكون من الأفيد أن تخرج منها كئيبا نادما حاسرا.. يعود إليك البصر خاسئا وهو حسير ماذا ستقول لربك؟ تقتله ولا تريد منه الخروج إلى المعارضة؟ ماذا ستقول لربك غدا، بعيدا عن مسجلة الصحافي، أيها أنت؟ ماذا ستقول غدا لملائكة الرحمان: قتلته وأنا أدعو إلى أغلبية بنكيران؟ قل لنا شيئا إنسانيا واحدا ستقوله لرب الجن والإنس؟ شيئا إنسانيا واحدا غير الوقاحة أيها السيد قاتل! لقد قال القاتل إن «حزبا لا يمل من تحويلنا إلى شياطين». يا سلام على العجرفة المرضية، أتريد منا أن نعلق نياشين الملائكة، ولماذا لا نسجد لك ونستغفر.. أنك قتلت يوسف. أيها ؟ ويقول القاتل إنه ذهب إلى محاورة عمر بنجلون. طبعا ذهب ليحاوره وهو يحمل تورنوفيس، ويحمل أداة للقتل. فالرجل لا يقف عند عتبة كل مجرم عندما يعترف، بل يريد إقناع المغاربة، بأن هذه الوقاحة ذات مرجعية إسلامية؟ وماذا تريد أيها الرجل الشرير، أن نقتنع بأن قتلك لعمر كان دعوة إلى غداء في... اليوم الآخر؟ إن القتل هو أقصى درجات الحوار. وهو الأداة الأنسب لإقناع الخصوم. لاحظوا تعبيره تفاجأت وهو يسقط..» نسي قرار القتل، نسي أداة القتل، نسي عملية الطعن، وقال إنه تفاجأ.. القاتل يتفاجأ لأن القتيل .. مات!