خرج سكان عمارات كالميل، درب لوبيلا، شارع سيدي محمد بن عبد الله.. في تجمهر وفزع، جراء انتشار رعب من التشريد، بعد أن توصل أغلبهم باستدعاءات لحضور جلسات موزعة على أيام من 2 دجنبر 2011 الى 19 منه بالقاعة 5 بالمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، ذلك أنه فجأة، وعلى حين غرة، عمدت الشركة المالكة للعمارات، وهي شركة ديار المدينة التابعة لصندوق الإيداع والتدبير، الى رفع دعوى ضد السكان، مطالبة بالإفراغ، مبررة طلبها بأن العمارات مهددة بالانهيار، وأنها ترفع هذه الدعوى «لتبرئة ذمتها من كل ما من شأنه أن يرتب مسؤوليتها عن انهيار العمارات»، وتؤكد أن «الانهيار مُحتم الوقوع وسيكون كارثياً... وأن هَم الشركة هو الحفاظ على أرواح المواطنين فقط لاغير». سبحان الله مازال في الدنيا أخيار يخافون على أرواح الناس!! السكان المعنيون ، وهم بالآلاف، لأن الأمر يهم أيضاً سكان عمارات العنق التي تأوي أزيد من 4 آلاف ، لجأوا إلى رئيس مقاطعة سيدي بليوط، الذي رتب لممثليهم موعداً مع عامل عمالة مقاطعات آنفا، الذي استقبلهم صباح الخميس 1 دجنبر 2011 بمكتبه، واستمع إلى العرض الموجز والمركز للقضية من طرف رئيس مقاطعة سيدي بليوط، وهو «أن الشركة المعنية تريد إفراغ السكان بمبرر واهٍ ، وأن هذا يتناقض مع السياسة السامية لجلالة الملك الرامية الى استتباب الأمن والاستقرار، وأن العمارات متينة والادعاء بأنها آيلة للسقوط مردود وتحايل مكشوف ويؤكده الواقع، وتراب العمالة والمقاطعة به مشاكل عدة تتعلق بالبنايات الآيلة للسقوط فعلا، إضافة إلى المشاكل المتعلقة بالمحج الملكي، فلدينا ما يكفي من هذه المشاكل وتريد «ديار المدينة» إضافة مشاكل جديدة ، غايتها هي استغلال العقار الثمين الذي توجد عليه هذه العمارات في مواجهة البحر وسط المدينة، تريد ترحيل آلاف الأسر لاستغلاله ولا تهمها أرواح المواطنين في شيء». بعده، تناول الكلمة بعض ممثلي السكان الذين أكدوا على متانة العمارات، وأنها أقوى وأصلب بنايات بالحي، لأنها مبنية بالحجارة وبعرض جدران يبلغ نصف متر، وأنهم مواطنون مسالمون، «كافي خيرهم شرهم»، لكن الشركة استفزتهم، وهم مستعدون لكل شيء، ولو خيروا بين الموت والترحيل، فسيختارون الموت ، ويحللون الشركة من أية مسؤولية إذا ما انهارات العمارات ، كما تدعي على رؤوسهم، وأنهم يلوذون بجلالة الملك، «نحن رعايا جلالة الملك، وأنتم سعادة العامل تمثلون صاحب الجلالة. لهذا فنحن نلوذ بكم لحمايتنا من هذا التسلط». وذكر ممثل عن عمارات العنق بأن الموضوع ليس جديداً لدى سكان هذه العمارات، فقد سبق للشركة أن رفعت دعوى مماثلة ضدهم، وكسب السكان الدعوى بعد إجراء خبرة مضادة أكدت سلامة العمارات ومتانتها، وسلم للعامل نسخة من الحكم ونسخة من الخبرة. وأضاف بأن الشركة تعيد الكرّة معهم، وتضيف إليهم هذه المرة سكان عمارات شارع سيدي محمد بن عبد الله. عامل عمالة مقاطعات أنفا طمأن ممثلي السكان، وطلب منهم أن يُطمئنوا الناس قائلا، أن لا أحد يمكن أن يمس السكان، وأن صاحب الجلالة لا يقبل ولن يقبل، وأعطى تعليمات سامية بأن لا يتم تشريد أي مواطن من سكنه، ووعد ممثلي السكان بأنه سيطلب اجتماعاً مع ممثلي الشركة من أجل إيقاف هذه المسطرة وهذه الدعاوى، وحتى إذا كان لدى الشركة تصور ما للمستقبل، فلن يتم إلا بترضية السكان وبرضاهم، وأهاب بهم لعدم إغفال المسار القضائي للقضية في انتظار نتائج لقائه المرتقب مع ممثلي الشركة المعنية، واختتم اللقاء بتقديم الشكر من طرف رئيس مقاطعة سيدي بليوط إلى العامل باسمه وباسم الحاضرين وكافة سكان عمارات سيدي محمد بن عبد الله وعمارات العنق، وخرج الجميع مطمئنا، ليطمئنوا السكان المتجمهرين ويقنعوهم بالعودة إلى مساكنهم. هكذا عادت جمرة الفزع إلى تحت الرماد مؤقتاً، والناس يتحدثون عن تاريخ هذه العمارات التي كانت مخصصة لليهود المغاربة، وأصبحت تراثاً وطنياً يحج إليه الأحياء من هؤلاء اليهود أو أبناؤهم لزيارته، ويعتز به سكان المنطقة، وكانوا يتمنون أن تقوم «ديار المدينة» بالاعتناء بجماليته وجمالية مظهره الخارجي، أما أسسه وبناؤه، فليست محط نقاش، ولا يمكن لأي كان أن يثبت عكس ذلك، فإذا بها تعلن عن نيتها المبيتة لترحيلهم وهدم البناء، ليصدق على هذا الأمر: هدم الأقوى وترك المهدد بالانهيار بالفعل، وليت البناء الجديد والمستحدث يرقى إلى متانة مثل هذه العمارات التي طبعها ببصماتهم خمسة من كبار المهندسين الفرنسيين: م. م. روسو، زيليغسون، لوكو، أروتشيف وموراندي وإشراف شركة نيكولاس وبورداس.