أبرز أحمد رضا الشامي وزير التجارة والصناعة والتكنولوجيات الحديثة، خلال ندوة «الشباب والتنمية الاقتصادية» التي نظمتها جمعية ملتقى الشباب للتنمية بشراكة مع الاتحاد المغربي للمقاولين الشباب مؤخرا، وهو يستشهد بشخصيتين مختلفتين، أطلق عليهما اسم « كريم « ينحدر كل واحد منهما من طبقة معينة، وكلاهما يبحثان عن عمل داخل أو خارج الوطن، أن نجاح مهام أي حكومة رهين بإيجاد حلول لكل « كريم» وهم كثر، مشيرا إلى مجموعة من التدابير الحكومية من أجل خلق فرص تشغيل الشباب، من خلال التوظيف في القطاعات العمومية، التي تبقى غير كافية في وجه جميع الطلبات، لتترك المجال لفضاء القطاع الخاص، إما بتوسيع أنشطة الشركات القائمة الذات أو استقطاب شركات جديدة من جهة، ومن جهة ثانية تبقى المجهودات المحلية والإقليمية والجهوية أساسية في خلق مناصب الشغل، من خلال إحداث مناطق صناعية وتشجيع على خلق وإنشاء المقاولات، التي لا تزال نسبتها في المغرب جد ضعيفة، ب 7,52% شركة ل 10 000 نسمة مقارنة مع فرنسا التي تسجل نسبة 33,83% شركة لنفس العدد، أما في تونس نجد 39% شركة ل 10 000 نسمة، بينما بدولة إسبانيا ترتفع النسبة إلى 73%. كما استعرض الوزير مجموعة من الصعوبات التي تقف وراء خلق المقاولة، والإكراهات التي كانت سببا أساسيا في فشل العديد من المقاولات، التي دفعت بوزارة التجارة والصناعة والتكنولوجيات الحديثة الى المساهمة في تخليص القطاعات التجارية والصناعية من قبضة هذه الإشكاليات القانونية والإدارية من خلال العمل على تبسيط المساطر، الذي يعتبر العائق الذي جعل عددا من الشركات الكبرى في وقت ليس بالبعيد تنقل أنشطتها إلى دول أخرى، بحيث لم تكتف بهذه الخطوة بل مدت كل الراغبين في إنشاء شركة أو مقاولة بكل الإمكانيات المادية من خلال مجموعة من صناديق التمويل، التي وصلت فيها قيمة الدعم إلى مليون درهم حسب نوعية المشروع، بالإضافة إلى المواكبة والمصاحبة لهذه الشركات بالنصح والإرشاد تجنبا لأي تعثر، ناهيك عن تفوق الوزارة في خلق أساليب جديدة مكنت من إيجاد حلول للإكراهات المرتبطة بالمكان، حيث ومن خلال برنامج» بداية» يمكن للشاب أو الشابة خلق شركته داخل منزله، مركزا في عرضه على برنامج «انطلاق» ، الذي يدعم أي شخص حامل لفكرة مبتكرة، بعد عرضها ودراستها من لدن المركز المغربي للابتكار، عكس «مقاولتي» التي تشجع على الابتكار ولا تفرضه كشرط من بين الشروط لقبول المشروع. وبخصوص موضوع الندوة، أكد الشامي، أن ثقافة المقاولة تشكل موضوعا تنمويا للبلاد، وهي الفرص التي تتيحها في سياق بناء تفكير تنموي يساعد واضعي السياسات في المغرب على احتواء مشكلة لا تزال تتفاقم هي «البطالة» في الوسط الجامعي، الذي يشهد سنويا تخرج مئات الآلاف من الكوادر المغربية في مختلف التخصصات، ولا يتيح سوق الشغل الوطنية فرصا للتوظيف تلتقي مع تلك التدفقات بسبب عدم مرونة السوق، وضعف الاستثمار في القطاعات واسعة التشغيل والتي تناسب في نفس الوقت المؤهلات العلمية. وقد أكد محمد عاطش رئيس جمعية ملتقى الشباب للتنمية، في كلمته التقديمية التي ألقاها أمام الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية وممثلي المؤسسات الحكومية وعدد من مقاولين الشباب والطلبة الباحثين الذين حضروا اللقاء، أن هذه الندوة يدخل تنظيمها ضمن اهتمامات المنظمين بقضايا الشباب، سواء على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، لما لهذه الفئة من دور كبير في التنمية، خصوصا وأن المغرب يتميز بقاعدة عريضة من الشباب الذي يؤدي تأهيله وإدماجه في الحياة الاقتصادية إلى التنمية الشاملة، التي ترتكز بالأساس على تطوير النسيج الاقتصادي وتأهيل المقاولات الصغرى والمتوسطة لتستطيع استيعاب نمو شريحة الشباب النشيط. من جانبه، أشار ممثل المراكز الجهوية للاستثمار بفاس، إلى أن المركز لا ينحصر دوره في القيام بمهام «الشباك الوحيد» بل تتعداه الى أدوار أخرى كتسهيل المعلومات، ووضعها رهن إشارة الفاعلين الاقتصاديين، حيث يشكل المخاطب الوحيد بالنسبة لكل شخص يرغب في خلق مقاولة، وتتحدد مساهمته في تمكين المستثمرين من وثيقة موحدة تتضمن جميع المعلومات (القانونية والتشريعية) الخاصة بإحداث مقاولة، كما يعمل على إعداد الوثائق الضرورية من خلال التدخل لدى الإدارات المختصة، بالإضافة إلى تزويدهم بكل المعلومات الضرورية لإحداث المقاولة على الصعيد الجهوي، وكذلك دراسة طلبات الترخيص وإعداد العقود الإدارية الضرورية لإنجاز مشاريع استثمارية في مختلف القطاعات الصناعية والتجارية والسياحية، وإحالتها على المصادقة من طرف والي الجهة إذا كانت قيمة الاستثمار تقل عن 200 مليون درهم أو إعداد مشاريع عقود أو اتفاقيات مع الدولة بالنسبة للاستثمارات التي تتعدى 200 مليون درهم، وتقاسم كل من مثل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ونظيره عن المديرية الجهوية للضرائب، الإجراءات والتدابير المتخذة من لدن المؤسستين للنهوض وتشجيع ثقافة المقاولة، بالإضافة إلى التسهيلات التي يقدمانها إلى المقاولة بهدف مصاحبتها في مسارها الاجتماعي والاقتصادي.