بعد انطلاق فعالياته الاثنين الماضي، عرفت الدورة التاسعة للمهرجان المتوسطي للفيلم القصير المنظم من طرف المركز السينمائي المغربي مشاركة موسعة للعديد من الأفلام من ضفتي المتوسط وحضور مكتف لمختلف الفعاليات المهتمة بالفن السابع داخل و خارج الوطن. لجنة التحكيم للنسخة التاسعة لمهرجان طنجة المتوسطي للفيلم القصير يترأسها الناقد السينمائي ورئيس الجمعية المغربية للدراسات السينمائية محمد باكريم، فيما تضم كلا من المخرج المغربي جمال بلمجدوب، الصحفية والناقدة السينمائية اللبنانية فيكي حبيب، المنتج الفرنسي إيمانويل بريفو، المخرجة الجزائرية يمينة بشير شويخ، الممثلة المغربية السعدية لديب، والمخرج الإيفواري كيتا توريه. اليوم الأول وبسينما روكسي، عرف العديد من العروض تخص مجموعة أفلام قصيرة في إطار أفلام المدارس ،المسابقة الرسمية وبانوراما االفيلم القصير المغربي. انفتاح المهرجان على المؤسسات التعليمية المختصة بالفن السابع بمختلف جهات المملكة جعل للمخرجين الشباب منصة مهمة للتعريف بقدراتهم والاحتكاك أكثر بفاعلين سينمائيين لصقل مواهبهم في تخصصات مختلفة. فصبيحة الثلاثاء تميزت بعرض الفيلم القصير «الطراح» للمخرج الشاب عبد الإله أبو زكري من شعبة الإجازة المهنية للدراسات السينمائية بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بمراكش. فيلم «الطراح» ينقل المشاهد لأحد المهن العتيقة والمهددة بالانقراض، حيث يعيش المعلم حسن معاناته اليومية مع حر الفرن التقليدي للحي وظلمة المكان ومحدودية دخله اليومي. اعتزاز المعلم حسن بمهنته والتحدي الذي يواجهه اليوم جعل الفيلم يطرح إشكالية المحافظة على الموروث الثقافي والتفكير جليا في ظروف عمل وعيش شريحة مهمة من المجتمع. يذكر أن فيلم «الطراح» فاز بعدة جوائز في مجموعة ملتقيات نظرا لبعده الاجتماعي والثقافي ولطبيعة حياكته التقنية. دائما في إطار أفلام المدارس تم عرض الفيلم القصير«المهنة صحفي مراسل» لمحمد أكرم النماسي، حيث تحوم كاميرا ثابتة لصحفي مراسل مجموعة من المشاهد المختلفة ليتساءل عن حيثيات العمل الصحفي والإطار العام الذي يظبط هذه المهنة. فيلم «حاخام أكويم» لمحمد زيغو من معهد ورزازات ينقلنا لمحج عدد من اليهود لزيارة قبر دافيد موشي بقرية ضواحي ورزازات وهو حاخام شهير ضحى بحياته لإنقاذ القرية من الوباء. الفيلم يعرض الذاكرة اليهودية في الجنوب المغربي والعلاقات الإنسانية التي تربط المغاربة مسلمين ويهودا في التفاف دائم وتلاحم أخوي. أفلام أخرى ميزت الصبيحة ك: «ليلة زفاف» لمارسلون بوسو من ESAV مراكش و الفيلم« 99» لأيوب عبيد وأمل لوليدي من الدارالبيضاء وفيلم «رحمة» لمونية الروخ من ESIVAM مكناس و «الروبيو» لمحمد الرويني من ISCA بالرباط. من جهة أخرى شهدت الحصة الثانية من اليوم الأول افتتاح المسابقة الرسمية ل 15 فيلم قصير من مختلف الجنسيات كاليونان، الجزائر، إسبانيا، فلسطين، تركيا، مصر، البوسنة والهرسك، فرنسا، كرواتيا والمغرب. أما حصة البانورما فقد نقلت الجمهور الحاضر إلى أفلام قصيرة مغربية بصمت السينما المغربية، حيث تم عرض 11 فيلما قصيرا بمواضيع جادة ودلالات عميقة. تعدد المواضيع بين الاجتماعي، الاقتصادي، السياسي والبعد الإنساني جعل من مهرجان طنجة منارة متوسطية بامتياز لتعميق سبل الارتقاء بالفكر الفني والثقافي كأداة قوية ودالة على أن الشعوب عامة والمتوسطية خاصة لها رغبة جذرية في إشاعة التسامح، الحب، الرخاء والعيش الكريم. يذكر أن الدورة التاسعة لمهرجان طنجة تعرف مجموعة من الأنشطة الموازية من ندوات ودروس سينمائية وزيارت متنقلة لمجموعة من المؤسسات الاجتماعية بالمدينة، كما نجحت في جلب جمهور كبير يعشق السينما وهو ما يزكي انفتاح مهرجان طنجة على محيطه واندماجه في المقاربة التشاركية بصفة شمولية.