تعيش شركات النقل البحري المغربية، العاملة بميناءي طنجة المتوسط وطنجة المدينة، على وقع أزمة خانقة غير مسبوقة، قد تعصف بمستقبل الأسطول المغربي إن لم يتم تدارك الموقف، مع ما يترتب عن ذلك من كارثة اقتصادية واجتماعية يصعب حصر تداعياتها خاصة وأن مصير 5000 منصب شغل أصبح على كف عفريت. فالعديد من هاته الشركات أصبحت مهددة بالتوقف بعدما صارت عاجزة عن أداء تكاليف المحروقات والصيانة، كما أن حجز البواخر المغربية بموانئ إسبانيا وفرنسا أصبح شبه مألوف بالنظر للصعوبات المالية التي تعانيها. مسببات هاته الأزمة، حسب بعض مسؤولي هاته الشركات، تراكمت منذ أزيد من خمس سنوات بسبب الارتفاع الصاروخي لسعر البترول الذي وصل مستويات قياسية، في حين حافظت هاته الشركات على أسعار خدماتها تحت ضغط منافسة الشركات الإسبانية، ومنذ سنتين تضيف ذات المصادر تلقت شركات الملاحة المغربية الضربة القاضية بعد الشروع في استغلال ميناء طنجة المتوسط بسبب الأسعار المهولة التي فرضتها الوكالة الخاصة لميناء طنجة المتوسط (TMSA)، مقابل خدماتها بالميناء، فكل شركة ملزمة بأداء (حوالي 30 درهما) عن كل راكب وهو رسم مبالغ فيه إذا ما قورن بما كان يؤدى بميناء طنجة المدينة (11 درهما )، كما أن مصاريف رسو وإقلاع البواخر تضاعفت بأكثر من ثلاث مرات عما كان يؤدى بميناء طنجة المدينة. الأفدح من ذلك أن ( TMSA) تفرض على شركات الملاحة أداء مستحقاتها بالأورو، وكأن الميناء المتوسطي خارج السيادة المغربية. تداعيات هاته العوامل كان بالإمكان التخفيف منها، تضيف مصادرنا، لو استمر تدفق المهاجرين المغاربة بنفس الوتيرة التي كانت سابقا، فشركات الملاحة المغربية كانت تستعيد توازناتها المالية خلال موسم العبور السنوي ، لكن هاته السنة وبسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بمختلف الدول الأوروبية، فإن إقبال المهاجرين المغاربة عرف انخفاضا كبيرا، فميناء طنجة المتوسطي سجل دخول حوالي 600 ألف مسافر و170 ألف سيارة. أما ميناء طنجة المدينة فقد عرف دخول حوالي 183 ألف مسافر و 38500 سيارة، وهي أرقام تؤكد ضعف الإقبال مقارنة مع ما كان يشهده المغرب قبل ثلاث سنوات. الشركات المعنية تدق الآن ناقوس الخطر بعدما أصبح شبح الإفلاس يتهددها في كل لحظة، وفي حالة استمرار الأوضاع على حالها فإن شركات الملاحة المغربية سيتم التهامها من طرف الشركات الأجنبية التي تتحين الفرصة لبسط سيطرتها على قطاع الملاحة التجارية بالمغرب خاصة مع الاستثمارات الضخمة التي ضختها الدولة المغربية لتحسين بنياتها التحتية وتحديدا مركب الميناء المتوسطي وميناء طنجة الترفيهي، وهو ما أسال لعاب الشركات الأجنبية التي باتت تضع نصب عينها التحكم في هذا القطاع الاستراتيجي.