أخيرا اقتنعت الحكومة ، بفعل الضائقة المالية التي تعيشها ميزانية البلاد ، بوجاهة فرض ضريبة على الثروة ، وهو المقترح الذي سبق أن تقدم به الفريق الفدرالي بمجلس المستشارين أثناء مناقشة القانون المالي منذ سنتين ، حيث تقدم الفريق بمقترح قانون يوجب على كل مغربي تزيد ثروته عن ملياري سنتيم، دفع 10 ملايين سنتيم للدولة كضريبة سنوية إسوة ببلدان كالنرويج وسويسرا وفرنسا ، لكن الحكومة لحظتها لم تتعاط مع المقترح الفدرالي بالتجاوب الجدي... وأمام ارتفاع متطلبات صندوق المقاصة التي قاربت 45 مليار، حفاظا على أسعار المواد الأساسية ، وارتفاع تكلفة المواد النفطية والغذائية ،إلى جانب تداعيات الأزمة العالمية التي قلصت كثيرًا الطلب الخارجي الموجه إلى المغرب، مما أدى إلى ارتفاع نسبة العجز بسبب تقلص الموارد مقارنة مع حجم النفقات ..لجأت الحكومة في نهاية ولايتها إلى التحضير لإحداث صندوق للتضامن تعود مصادره التمويلية إلى ما ستتم جبايته من مستحقات ضريبية ستفرض على ذوي الدخل المرتفع من الأثرياء، بناء على مؤشرات مالية وعينية مضبوطة. الفريق الفدرالي وعلى لسان عضو مكتبه المركزي العربي الحبشي، سبق أن أكد - عبر حوار له مع الجريدة - على حاجة المغرب اليوم إلى مباشرة تطبيق ضريبة تضامنية للمساهمة في استرجاع الدولة للدعم الذي يستفيد منه الأغنياء ، وهي آلية ليست بالمفهوم الضريبي المتعارف عليه دوليا، لكنها ستساهم في التخفيف من أعباء صندوق المقاصة وبالتالي ستشجع على قيم التضامن والتآزر بين فئات المجتمع والانخراط في المجهود الجماعي للبناء الديمقراطي والتنموي للبلاد. واعتبر الحبشي تطبيق هذه الآلية بمثابة تجربة لتطوير البحث عن بديل لها ، لكن الأساسي هو أن تساهم فئة الميسورين، ولو جزئيا، في امتصاص الخصاص الاجتماعي المتراكم وإقرار مبادئ الإنصاف والعدالة. ويرى عضو الفريق الفدرالي بغرفة المستشارين أن المقاربة المغايرة لإقرار ضريبة تضامنية تقتضي ربطها بشكل جدلي بإصلاح نظام المقاصة وفق منظور شمولي . فنظام المقاصة - حسب رأيه - يعاني أساسا من ثلاثة اختلالات ، منها غلافه المالي غير المتحكم فيه والموجه للاستهلاك عوض الاستثمار وتقوية الحماية الاجتماعية ، كما أنه مدعم لقطاعات وسلاسل إنتاج لها قدرة تنافسية ومشجع على فتح مجالات لاقتصاد الريع ، كما يتميز بضعف نسبة استفادة الفقراء من الدعم بكيفية مباشرة مقارنة مع الميسورين.. وتطالب الفدرالية الديمقراطية للشغل بأن يكون إقرار الضريبة التضامنية، مندرجا في إطار مقاربة شمولية تتطلب إرادة سياسية قوية من أجل محاربة الريع والاحتكار والرشوة واستغلال النفوذ، والعمل على فرض احترام الالتزامات الضريبية والاجتماعية، واتخاذ تدابير إجرائية لإدماج القطاع غير المهيكل في الدورة الاقتصادية النظامية العادية.