توصلت عناصر الدرك الملكي بآزمور بخبر مفاده وقوع حادثة سير على الطريق الوطنية الرابطة بين مدينة آزمور ومدينة الدارالبيضاء ذهبت ضحيتها سيدة وعليه انتقلت فرقة من الدرك إلى عين المكان حيث تمت معاينة جثتها التي كانت ممددة وسط الطريق ملطخة بالدماء ، لم تكن تحمل معها أية وثيقة أو شيء آخر سوى مفتاح بيتها الصغير . بعد المعاينة وأخذ صور احترازية للضحية من كل جانب تم نقل الجثة إلى مستودع الأموات ، بينما باشر الدرك الملكي تحرياته في النازلة حيث تم التعرف على الهالكة ، ويتعلق الأمر بالمسماة قيد حياتها إيمان وهو الاسم المعروفة به بين الناس يدون بطاقة وطنية مما صعب مأمورية الاتصال بأفراد عائلتها ومعرفة كل المعطيات عن هويتها ، غير أن بعض المصادر تشير كونها تبلغ من العمر حوالي 30 سنة ، جاءت من مدينة سطات لتستقر بمدينة آزمور ، مدينة الولي الصالح مولاي بوشعيب الرداد ، اكترت بيتا بدرب بليوط بسومة كرائية تقدر ب 200 درهم للشهر الواحد ، لم يكن لديها شغل أو تمارس تجارة غير التعاطي للفساد لأجل الحصول على مبالغ مالية تنفقها على نفسها وتواجه بها متطلبات الحياة ، لذلك سرعان ما ربطت علاقات مع شابات يقطن بالدواوير المجاورة حيث كانت تعدهم لليالي الحمراء والسمر الصاخب المرفوق ب « الكمية والسكرة « كما يحلو للبعض التعبير عن ذلك . انطلاق عملية البحث بدأت مراحل البحث من منزل الهالكة والاستماع إلى كل واحد يعتقد أنه سيفيد في الوصول إلى الحقيقة ، وبعد سلسلة من الإجراءات تم التوصل إلى بعض المشتبه فيهن ممن كن على علاقة وطيدة بالهالكة وممن اتجهت إليهن أصابع الاتهام ، حيث تم الاستماع إلى المسماة ( ن . ل ) من مواليد 1975 م متزوجة ولها ثلاثة أبناء ، هجرها زوجها منذ مدة تزيد عن سبع سنوات ، ونظرا للفقر وانعدام معيل لها ولأولادها لم تجد من سبيل سوى التعاطي للفساد لأجل ضمان قوت أولادها ومواجهة متطلبات المعيشة ، وفي الموضوع صرحت ( ن . ل ) أنه ليلة 23 ابريل رافقت أحد الأشخاص للسهر معه بدوار الهواشمة داخل أحد الأكواخ المعد لحراسة منتوج فلاحي ، وبعد قضاء وقت من السهر نفدت كمية المسكر التي كانت بحوزته الأمر الذي جعله يطلب منها مرافقته للالتحاق بجمع أخر حيث وجدت هناك الهالكة وسيدة أخرى تدعى « خبيزة « رفقة حوالي عشرة ذكور ، وبما أن الجو لم يعجبها عادت إلى الكوخ من حيث أتت في انتظار أن يلتحق بها « عشيرها « الذي عاد بدوره إلى الكوخ ، وبعد مرور وقت من الزمن التحق به أخوه المدعو الجيلالي الذي أخذ جهاز « VCD « وبعض الأقراص المضغوطة وبطارية ثم ذهب غير أنه تضيف ( ن . ل ) وبعد مرور حيز من الزمن عاد الجيلالي ودخل في حوار مع أخيه لم تستطع معرفة فحواها ، وكل ما سمعته هو مطالبته بإعادة الجهاز والبطارية فورا قبل أن يتعرضا للكسر ، وهو ما جعلها تشك في وقوع شيء غير عادي ، وفي حدود الساعات الأولى من صباح اليوم الموالي أوصلها « عشيرها « إلى الطريق الوطنية حيث استقلت سيارة أجرة في اتجاه مدينة آزمور بعدما مدها 100 درهم كواجب « لقصارة « . الكشف عن خيوط الجريمة من خلال تصريحات ( ن . ل ) اتضح لرجال الدرك كون الحادث يتعلق بجريمة قتل وليس بحادثة سير ، ومن خلال المصرحة تم التوصل إلى أحد المتهمين ويتعلق الأمر بالمدعو ( ج . غ ) المزداد سنة 1971 م فلاح متزوج له طفلين معروف بسوابقه العدلية في قضايا جرمية ( السكر والضرب والجرح وهتك عرض ) الذي صرح كونه كان ضمن المجموعة في تلك الليلة التي حضرها الخمر وتعاطي الفساد بالقرب من الكوخ المعد لحراسة منتوجه الفلاحي، كان لمادة « الماحيا « الدور في هيجان الجمع واستحضار أفكار جرمية خطيرة تصل إلى حد التصفية الجسدية، أنكر الجيلالي غ معرفة أسباب وفاة الهالكة غير أنه علم بكونها انسحبت هاربة بعدما اختلى بها المسمى عبد الرحيم وقد تمت ملاحقتها من طرف سفيان ومصطفى وأحمد فيما غادر عيسى المكان والتحق بأخيه بالكوخ، هذا الأخير المزداد سنة 1940 م متزوج وأب لسبعة أطفال وعند الاستماع إليه أضاف اسما آخر إلى قائمة المجموعة ويتعلق الأمر بالمسمى جواد، مؤكدا كون المسمى بوشعيب كان رفقة خليلته داخل الكوخ ، وفي حدود الساعة الثانية صباحا غادر المجموعة بعدما تصاعدت مشاداة كلامية بين عناصرها، وأنه وصله خبر وفاة الهالكة في الصباح دون أن يعلم أسباب ذلك. الواضح من خلال التصريحات هو تواجد ثلاث سيدات تلك الليلة الخمرية بدوار الهواشمة، عادت منهن اثنتان سالمتين بينما تعرضت الثالثة إلى جريمة قتل بشعة لا يمكن لأي إنسان ذو ضمير حي أن يرتكبها ، ليحول حياة أطفال أبرياء إلى يتامى يغوصون في ضياع تام ، بينما سيفقد البعض الآخر الرعاية المفروضة على الوالدين اتجاه أسرهم. كثيرا ما يبقى الإنسان مذهولا لبعض الحوادث التي يكون منطلقها هو السمر والضحك... في خروج تام عن المألوف والعادات والأصول لتنتهي في آخر المطاف بجرائم القتل؟ ! عمقت عناصر الدرك الملكي البحث مع بعض العناصر التي تبين لها من خلال التصريحات وما توصلت إليه من معلومات كون الضحية تعرضت للاعتداء فقدت على إثره الحياة ، وهكذا وبعد سيل من الأسئلة والاستفسارات لم يجد المسمى ( الجيلالي ? غ ) الذي سبق وأن أنكر معرفته بأسباب الحادث ، من الاعتراف بالحقيقة كاملة حيث أكد مشاركته في قتل الضحية رفقة كل من ( عيسى ? ص ) وأبناء عمه ( جواد وعبد الرحمان ) وقد جاء ارتكابهم لهذه الجريمة نتيجة امتناع الهالكة ممارسة الجنس معهم جميعا بالتناوب ، وأن ذلك تم بعد مغادرة كل من ( عبد الرحيم وسفيان ومصطفى وأحمد ) والمومس الملقبة ب « خبيزة « في حدود الساعة الثالثة والنصف صباحا تقريبا بينما بقي برفقته المذكورين والهالكة التي بعد سماعها لطلب الممارسة الجنسية الجماعية عليها لاذت بالفرار حينها قاموا بملاحقتها في الوقت الذي أعاد فيه الجهاز والبطارية والأقراص إلى الكوخ لحق بهم حيث أخبره خاله كون إيمان ماتت متأثرة نتيجة ضربة قوية بواسطة عصا غليظة وجهها إليها المسمى عبد الرحمان أصابتها على مستوى الرأس تم غادر المكان رفقة أخيه جواد ، الأمر الذي دفع به إلى مصاحبة خاله إلى مكان تواجد الضحية التي وجداها جثة هامدة تغوص وسط بركة من الدماء بعدما هشمت العصا رأسها ، وخوفا من افتضاح أمرهم قام بنقل الجثة إلى وسط الطريق حتى يتوهم الجميع كون الحادث يتعلق بحادثة سير . تشخيص الجريمة واحالة المتهمين على العدالة اعترافات الجيلالي هذه وضعت حدا للغز الجريمة التي هزت مشاعر الساكنة الزمورية حيث وجهت التهمة إلى خمسة أضناء، وعند استكمال كل موجبات عناصر البحث تمت إعادة تشخيص الجريمة بحضور النيابة العامة وذلك يوم 26 أبريل، وعليه فقد تم آنذاك تحرير برقية بحث في حق كل من بوشعيب وخديجة الملقبة ب « خبيزة « وسفيان وعبد الرحيم ومصطفى وأحمد بينما قدم الآخرون للعدالة بتهمة الفساد وعدم التبليغ عن جريمة قتل في حق كل من جواد وعيسى مع إضافة تغيير معالم الجريمة بالنسبة للجيلالي بينما وجهت لعبد الرحمان تهمة المطاردة والضرب والجرح المفضي للوفاة ومحاولة الاغتصاب وعدم التبليغ عن جريمة قتل . بهذا الإجراء القانوني يسدل الستار على إحدى الجرائم البشعة التي عرفتها مدينة آزمور التاريخية ، والتي خلفت العديد من الاستنكار وسط الساكنة التي ألفت الطمأنينة والسكينة بين كل مكوناتها .