في بلدة «حمانا»التي عشقها «لامارتين» ووصفها بشغف روحي عميق في «رحلة إلى الشرق»، عقد مؤخرا وفي دارة الشيخ الرافعي احتفال بالجائزة السنوية.. جائزة جورج طربيه للثقافة والإبداع والملتقى الثقافي للحوار اللبناني العالمي وتجمع البيوتات الثقافية، التي يضم حوالي أربعين بياتا وملاذا دفيئا لكل مثقف ومبدع. جائزة وحيدة في توقيعها، فريدة في نوعية مستحقيها، جائزة ثقافية، تسلمتها الدكتورة لويزا بولبرس الباحثة المغربية المتميزة ذات الثقافة المتحفزة لكل تلاقح وإشراق في مجال الأديبة المغربية، إلى جانب كوكبة من رجال ونساء الفكر والثقافة والفن، ومعها تسلم حائزها موسوعة ثقافية صدر منها عشرون جزءا، ودرعا تقديريا من تصميم الفنان الجبيلي ميشال صقر، وقد نحتت عليه يد وسيف، يتحول إلى قلم، وأبجدية فينيقية ورموز تراثية، في فرع أرزة تحنو على كل إبداع، الأرزة التي تمناها أمين معلوف محفورة على سيفه العتيد، يوم سيقلد هذا السيف تحت قبة الأكاديمية الفرنسية. وقد تميزت هذه الجائزة بالجلسة الافتتاحية، التي استهلت على إيقاع النشيد الوطني اللبناني، ثم نشيد «التجمع الثقافي» بالكلمة الرقيقة التي تناولها البروفيسور جورج طربيه، حيث تقدم من خلالها بتكريم عشاقه رواد الفكر والأدب، إيمانا بتأثير الثقافة في تكوين المجتمعات وبناء الأوطان، وبهدف المتابعة الحثيثة لكل إبداع وفي كل مجال. كما كرمت الجائزة البروفيسور جميل جبر، الاسم الأيقوني الذي ينحني لعلمه الغزير وأدبه الراقي وثقافته الموسوعية، إلى جانب الأستاذ عبيدو باشا، المناضل في تلفزيون لبنان الرسمي، والسيدة ليليان اندراوس الإعلامية المتميزة برقة طبيعتها ورحابة روحها .. وقالت الدكتورة لويزا بولبرس متأثرة بهذا التكريم،: «من أرض المغرب البعيدة مكانا، والقريبة مكانة، أتيت إلى لبنان ملبية، وفي القلب وقع، وفي الأذن صدى.. لبنان، آلاؤه لازمة لي لزوم الطوق للحمام، وباعثة في قلبي المنى عند كل مقام زرته أكثر من مرة، ووجدتني غير ما مرة، كأني لم أزره بالمرة.. ناهض في غير فتور، قائم في غير اتكال، رافع يديه في وجه كل ريح، بالفعل الصحيح، والقول الصريح». واعتبرت الدكتورة لويزا في تصريح للجريدة، أن هذه الجائزة تحفيزا لما سينجز، وليس تقويما لما أنجز، وتكريما لجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس وللثقافة المغربية وللحلم العربي وللقيم والمحبة، وللخير والجمال، وأن هذه الملتقى «محجة»، وهذا التجمع «حجة» «لمن كان له قلب، أو ألقى السمع وهو شهيد»، ولمن رصد الانفتاح الواعي الذي لا يمس عقيلة الذات. تأتي هذه الجائزة لتأكيد تراكم الفكر والقيم الإنسانية العريقة، التي شكلت الشخصيات والمفاهيم والأخلاق والأوطان، والتي أصبح لها تاريخ طويل بعد تكريم حوالي ستين شخصية رائدة ومميزة في نتاجات ثقافية متنوعة منذ تأسيسها عام 1993 .