تتوفر المدن المنجمية جميعها ، على مغارات تستعمل في استخراج المعادن من باطن الارض، حيث تعمد الشركات المنجمية التي تستغل هذه المغارات ، الى تركها على حالها مباشرة بعد أن يعلن عن انتهاء استخراج المعادن منها، وبحكم أن المغرب يتوفر على مدن منجمية يستخرج منها الفوسفاط أساسا، فإن الشركة التي تستخرج هذه المادة تعمد الى ترك العديد من المغارات مهملة مباشرة بعد الانتهاء من استخراج الفوسفاط، وهي المغارات التي تعمد الشركة اثناء استعمالها الى تجهيزها بعدد لا يستهان من التجهيزات التي هي الأخرى تبقى مهملة بالمغارات المذكورة . سرقة الدعامات وبيعها لتجار المتلاشيات في البداية تمت سرقة العديد من دعامات المغارات المنجمية لبيعها لتجار المتلاشيات، ومن بينها الاعمدة الحديدية التي تعتبر دعامة أساسية لبناء هذه المغارات. وإذا كان قاطنو هذه المدن المنجمية يعمدون الى استكشاف ما بداخل المغارات، فإن آخرين يسطون على ما بهذه المغارات من تجهيزات مهملة، واضافة الى انتهاء الاستغلال، فإن من بين الاسباب التي تقود الى اغلاق هذه المغارات مؤقتا، التهديد الذي يمكن ان تشكله على حياة العمال. وقد تكونت في السنوات الاخيرة، شبكات مختصة في سرقة هذه التجهيزات في مغارات مهملة بعدة مدن منجمية في غياب المراقبة والحراسة، وهي العمليات التي أدت الى إغلاق قسري لهذه المغارات دون أسباب تذكر. ملف هذا الاسبوع يتعلق بهذه المغارات والشبكات التي تسطو على تجهيزاتها، والذي لا تنحصر حبكته في سرقة محتويات مغارة ما وإنما في انهيار جزء منها قاد الى إصابة شخص إصابات خطيرة قادت الى بتر فخذه !؟ فبينما كان الضابط المداوم يقلب أوراق ملفات أمنية وشكايات، رن الهاتف فحمل السماعة، إذ لم يكن في الطرف الآخر سوى مسؤول بمصحة الإدريسي باليوسفية حيث تم إخبار الضابط بحالة شخص تم نقله الى المصحة المذكورة مصاب بكسر على مستوى فخذه الأيمن، وجرح خطير على مستوى مؤخرة رأسه ورجله اليسرى شبه مبتورة وكسر على مستوى ذراعه الأيمن وإصابات أخرى. وأثناء استفساره من طرف مسؤولي المصحة، أفاد أنه كان رفقة أخيه عبد الفتاح وكذا زميلهما عبد القادر يقومون بإزالة دعائم حديدية من إحدى المغارات التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط، وفجأة انهار سقف المغارة مما أصابه بما هو مصاب به، وهي التصريحات التي تمت إفادة فريق المحققين بها. كان عبد الفتاح الخيط الذي قاد الى بداية التعرف على أصل الحادث، فتم استدعاء عبد الفتاح الى مقر الشرطة لمعرفة كيف انهار سقف المغارة على أخيه، إلا أن تصريحاته كانت واضحة حين أفاد أنه ألف رفقة شقيقه المصاب وزميلهما عبد القادر ، ولوج المغارة من أجل الاستيلاء على المعدات الحديدية المتواجدة بها، وقد كانوا في كل مرة يجمعون كميات لابأس بها من الحديد لنقله الى مركز أربعاء اولاد عمران لتخزينه عند هدي الى حين بيعه. انهيار مغارة بعد سرقة دعاماتها يخلف إصابات خطيرة وبعد أن تم تقديم الإسعافات وإجراء عدة عمليات جراحية لعزيز، تم استنطاقه بعد ان رخص الطبيب بذلك فأفاد بأنه رفقة شقيقه عبد الفتاح والعياشي وعبد القادر وغير ما مرة قاموا بسرقة الدعائم الحديدية وبعض التجهيزات والاجهزة من المنجم رقم 5 الخاص باستخراج الفوسفاط، إلا أنه في المرة الاخيرة انهار المنجم عليه وعبد القادر وبعد عملية البحث عثر على أخيه مصابا إصابات بليغة، فيما لم يجد أثرا لعبد القادر. فريق المحققين الذي كان مكلفا بالملف، انتقل الى أربعاء اولاد عمران بحثا عن هدي الذي يعتبر مخزنا لهذه الآليات المسروقة من المناجم والمغارات باليوسفية، وبوصولهم تم الاهتداء الى هدي الذي أفاد في عين المكان أنه يعرف الاخوين عزيز وعبد الفتاح، إذ سبق له أن اقتنى منهما أدوات وتجهيزات حديدية، كما من أشخاص آخرين، وقد كان يقتني منهم هذه التجهيزات كمتلاشيات للكيلو، حيث أفاد بأن الدعائم الحديدية التي تم العثور عليها بمخزن أخيه تخصه هو شخصيا ، وقد اشتراها من عبد الرحيم الذي كان قد اشتراها بدوره من عزيز وعبد الفتاح، أما الاسلاك النحاسية وقطع حاملات الفوسفاط البلاستيكية فقد اشتراها بنفسه منهما بثمن 6 دراهم للكيلوغرام الواحد. وبعد استكمال البحث التمهيدي أحيلوا على المدعي العام الذي استمع الى كل من عزيز وعبد الفتاح وهدي، وأحالهم على التحقيق حيث تم الاستماع إليهم ابتدائيا وتفصيليا حيث تشبث كل واحد منهم بما صرح به أمام المحققين تمهيديا، فتابعهم من أجل جناية تكوين عصابة إجرامية والسرقة الموصوفة وإخفاء شيء متحصل من جناية وأحالهم على غرفة الجنايات. المتهم يعترف بالسرقة والدفاع يلتمس البراءة والمحكمة تراعي ظروفه الصحية حين أحضر عزيز وعبد الفتاح من السجن، وكان عزيز في حالة صحية متدهورة، حيث لم يتم إحضاره إلا عن طريق كرسي متحرك، وبعد أن تم إشعار كل واحد منهما بالمنسوب إليه، حيث أجاب عزيز أنه دخل المغارة قصد سرقة الاسلاك والدعائم الحديدية حوالي السادسة مساء فانهارت عليه الاحجار مما أصابه إصابات بليغة، حيث بترت يده وأصيب بشلل، فيما أنكر شقيقه ان يكون قد دخل المغارة من أجل السرقة. وبعد ان تناول الدفاع الكلمة، أفاد بأن موكله دخل المغارة فتساقطت عليه الأحجار دون ان يتمكن من فعل أي شيء، حيث أدى هذا الانهيار الى حدوث مصيبة، فيما نفى موكله الثاني اية سرقة. والتمس البراءة للأول لإصاباته الخطيرة والبراءة لنفي الثاني. وبعد أن انسحبت الهيئة للمداولة أصدرت القرار التالي: بعدم مؤاخذة عزيز وعبدالفتاح من أجل تكوين عصابة إجرامية وببراءتهما منها ومؤاخذتهما من أجل باقي المنسوب إليهما ومعاقبة كل واحد منهما بسنتين حبسا نافذا في حدود سنة وموقوف في حدود الباقي، ومؤاخذة هدي بستة أشهر حبسا نافذا وغرامة (1000 ده).