قد يرغب مارك زوكربيرج في التعقب السريع لسعر الاكتتاب العام لشركة «فيسبوك». فقد اعتُبر كشفه النقاب عن خدمة الفيديو للتحادُث عبر «فيسبوك» صوتاً وصورةً الأربعاء الماضي رد فعل مُتسرعاً على إطلاق منافسها «غوغل» لمنتج اجتماعي اسمه «غوغل بلاس». فالجديد الذي أطلق عليه زوكربيرج صفة «المذهل جداً» سبقته إليه «غوغل» قبل ثلاث سنوات عام 2008 . ومثل هذه الردود المتسرعة جعلت «فيسبوك» يبدو بشكل مفاجئ هشاً وقابلاً للاستهداف. وهو ما يُرسل إلى المستثمرين والمُساهمين الذين يضخون الكثير من الدولارات في بورصة تداوُل أسهم «فيسبوك» وفي عمليات البيع الخاصة إشارات ورسائل سلبية وغير مُطمئنة. هذه خلاصة التحاليل التي توصل إليها المراقبون التكنولوجيون، والتي أسسوها على مجموعة عوامل وقواعد. أولى هذه القواعد هي أنه عند إطلاق شبكة اجتماعية، يجب الحرص على تقديم جديد يجعل كل شخص ينتظر في طابور. فامتلاك خدمة مميزة بشكل حصري في الأيام الأولى هو ما جعل «فيسبوك» يُثير تلك الضجة غير المسبوقة في عالم الإنترنت. ويبدو أن شركة «غوغل» تستخدم الاستراتيجية عينها في إطلاقها لموقع «غوغل بلاس». ويجدُر بموقع «فيسبوك» أن يُدرك جيداً أن «غوغل» استخدمت هذه الاستراتيجية من قبل ونجحت في قطع الطريق على موقع «ياهو» كأحد محركات البحث الرائدة ومحضن هائل لعناوين البريد الإلكترونية كان يُشار إليه بالبنان في عهده وكان يشهد بسبب ذلك ازدحاماً مرورياً كبيراً لكثرة مستخدميه وعُملائه ،وهو الأمر الذي لم يدُم طويلاً ووضع حداً لشهر عسل «ياهو» بعد أن أطلقت «غوغل» جيميل. على شكل دعوة سُرعان ما ستتحول إلى هيمنة مُدوية سحبت البساط من تحت قدمي ياهو، وأحالت قبلة عملاق عناوين البريد الإلكتروني آنذاك إليها ولصالحها. وفيما يخص القاعدة الثانية التي انطلق منها المحللون في استنتاجاتهم هذه هي أن نجاح أي خدمة يتوقف على أفضليتها بالمقارنة مع الخدمات النظيرة الأخرى. فتبني شبكة اجتماعية جديدة قد يكون شبيهاً بتبني عنوان بريد إلكتروني جديد. وهو ما يعني أن الكثيرين سيُحاولون استخدامه. لكن مسألة مواصلة استخدامه رهينة بمدى وجود حافز وجيه وسبب سديد يُقنعهم بإجراء تغيير من هذا النوع. ف«جيميل» مثلاً يُقدم طاقةً استيعابيةً أكبر بكثير من تلك التي تُقدمها المواقع الأخرى، وكان هذا سبباً كافياً لدفع الملايين إلى التحول إلى «جيميل» بدل المواقع الأخرى. وقد مشى موقع «غوغل بلاس» على نفس النحو وعرض خدمة شبكة اجتماعية بخاصيات ومواصفات أفضل من «فيسبوك»، مستفيداً بذلك من مؤاخذات المستخدمين على الموقع الاجتماعي الأكثر شعبيةً إلى الآن، وعلى جوانب القُصور التي يُعددها المراقبون التكنولوجيون على «فيسبوك». وبالنسبة للمبتدئين، فموقع «غوغل بلاس» يمنح المستخدمين خدمةً يسهُل الوُصول إليها لتنظيم اتصالاتهم وعناوينهم الاجتماعية إلى «دوائر» مختلفة من بينها الأصدقاء والأقارب وزُملاء العمل وغيرهم ممن يرغب المستخدم في مشاركتهم ومُشاطرتهم أشياء معينة. هذا علماً أن «فيسبوك» يعرض الآن خيار إنشاء «مجموعات»، وجميع المعلومات التي يُرسلها المستخدمون تصل كل شخص بشكل آلي وتلقائي. ويُقدم «غوغل بلاس» بدوره خدمة التحادُث بالفيديو. ولذلك فإن إعلان «فيسبوك» عن إطلاق خدمة «التحادُث بالفيديو» بدت لغالبية المحللين خطوةً غير موفقة. وقد كان حرياً به أن يُطلق خدمة «التحادُث الجماعي عبر الفيديو» على الأقل. وبالنسبة لمولود «غوغل» الاجتماعي الجديد، فإن العائق الأكبر الذي يبقى أمامه هو الحصول على مستخدمين جُدد طبعاً. لكنه سيُدمج الخدمة في «جيميل» الذي يملك مسبقاً قاعدةً عريضةً من العُملاء تبلُغ 240 مليون مستخدم فريد حول العالم، حسب إحصاءات شركة «كوم سكور» الرقمية لبحوث التسويق. وفي الوقت نفسه، فإن مستخدم موقع «فيسبوك» هو ضحية نجاح هذا الموقع. فمستخدمو «فيسبوك» راكموا في سجلاتهم العديد من الأصدقاء الافتراضيين الذين يصعُب حصرهم وتنظيمهم. كما أن هؤلاء المستخدمين أنفسهم يشعرون أنه يتم استهدافهم بالكثير من المعلومات الاجتماعية البعيدة كل البعد عن مجالات اهتمامهم مثل مستجدات لعبة «زينجا» أو غيرها من التحديثات. وهذا ما جعل الكثير من المراقبين يقولون تعليقاً على إطلاق «جوجل بلاس» أن هذا المنتدى الاجتماعي الجديد قد يكون فرصةً للمستائين أو المتذمرين من نواقص «فيسبوك» للبدء من جديد والتخلُص من كل مُسبب أو مصدر لتعب الأعصاب. وهذا لا يعني أن الناس سيستغنون عن استخدام «فيسبوك» بين عشية وضُحاها، فمستخدمو «جيميل» لم يُغلقوا حساباتهم في «ياهو» عندما اشتركوا في «جيميل» بعد ظهوره، لكن الذي حدث هو أن موقع «ياهو» دخل مُذاك مرحلة ركود على الرغم من تفرُده بعدد من المستخدمين، لكن «جيميل» بالمقابل شهد منذ إطلاقه نمواً سريعاً مطرداً ما زال متواصلاً ومتصاعداً إلى يومنا هذا.