تقرير الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان والمرصد المغربي للحريات العامة حول ظروف وملابسات وفاة كمال عماري بآسفي أصدر فريق التقصي الذي بعثه «الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان» و»المرصد المغربي للحريات العامة» تقريره حول تداعيات وفاة كمال العماري، الناشط بحركة 20 فبراير بآسفي وما سبقه من أحداث وصفت من طرف العديد من السياسيين والحقوقيين والملاحظين بأنها وصمت بالاستعمال المفرط للقوة والعنف غير المبرر، وتورط أجهزة الامن في قمع المتظاهرين بشكل سلمي ، التقرير الذي تنشره جريدة الاتحاد الاشتراكي أحاط بكل التفاصيل والوقائع التي سجلتها مساءات 29 ماي وما بعدها .. في هذا التقرير نجد استنتاجات وتوصيات مهمة وموضوعية سلطت الضوء على الحقيقة. قرار التقصي وأسباب النزول.. على إثر تواتر الخبر المتعلق بوفاة كمال عماري يوم الخميس 2 يونيو 2011، وما تعرض إليه من اعتداء إثر تدخل القوات العمومية لتفريق متظاهرين يوم 29 ماي 2011، بمدينة آسفي، قرر كل من «الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان»، و»المرصد المغربي للحريات العامة» إيفاد فريق تقص، في سياق ما راكمته الهيئتان من عمل مشترك على مستوى التحريات، وليصدرا بلاغهما الذي تضمن تعازيهما لأسرة الفقيد وقرارهما بالتقصي، ولتتم مباشرة بعد ذلك مراسلة وزارة الداخلية في شخص الوزير، بخصوص موضوع التقصي وطلب تسهيل مهمة الفريق بشأن لقاء ممثلي السلطات العمومية بأسفي، وهي المهمة التي ستغطي أيام 4 و5 و6 يونيو 2011. ويتكون الفريق من: ذة خديجة مروازي، ذ.كمال لحبيب، ذ. حسن السملالي و ذ. يوسف غويركات. منهجية العمل و»حفريات» بحثا عن الحقيقة.. استقر رأي فريق التقصي على أن يجعل من تقنية الاستماع الفردي والثنائي والجماعي، الأساس المنهجي لبلورة هذا التقرير، الاستماع لمختلف الأطراف التي يفترض أن إفاداتها وشهاداتها ستفيد في فهم ما جرى، ولأن الترابط قائم بين ما تعرض له كمال عماري، وبين ما عرفته تظاهرات الأحد 29 ماي الماضي من اعتداء وعنف، فكان لابد من توسيع قاعدة الاستماع في علاقة بالنازلتين، وقد تم الاستماع بشكل تناوبي إلى ممثلي السلطات العمومية على مستوى المدينة ، كما تم الاستماع لأفراد من عائلة الفقيد وشهود عاينوا الاعتداء وعينة من الضحايا الذين تعرضوا للاعتداء والاختطاف والاحتجاز، واستمع فريق التقصي أيضا إلى عينة عشوائية من المواطنين، وكذا فعاليات محلية مدنية وسياسية ونقابية. كما انتقل فريق التقصي إلى نواحي آسفي للاستماع إلى بعض الضحايا والشهود. وفي نفس السياق يشير فريق التقصي إلى رفض رئيس الأمن الإقليمي استقباله، حيث تم الاتصال به هاتفيا والانتقال إلى ولاية الأمن، ومحاولة الاتصال به عبر وسائط مختلفة من أجل اللقاء، لتمكين الفريق من إفاداته بخصوص المعطيات التي تخص التدبير الأمني المحلي. الاعتداء على كمال عماري ووفاته: تتقاطع مختلف الشهادات المتصلة بالاعتداء على كمال عماري يوم 29 ماي 2011، وما ترتب عنها من تداعيات انتهت بوفاته يوم الخميس 2 يونيه، من خلال الوقائع التالية: - كمال عماري من مواليد 24/08/1981 شاب مجاز في الكيمياء، منذ عام 2004، التحق مؤخرا (منذ شهرين)، بالعمل كحارس أمني بالميناء بآسفي، كما كان يقدم بعض دروس الدعم للتلاميذ في مادتي الرياضيات والفيزياء. - لم يسبق لعائلته ولا لأصدقائه أن لاحظوا أي تدهور أو معاناة من مرض ما، كما أن قبوله منذ شهرين كحارس أمني يؤكد سلامته البدنية، انطلاقا من المواصفات والمعايير التي يتطلبها الولوج إلى مثل هذه الوظائف. - منذ التحاقه لم يقبض بعد، أي راتب، وكان حسب إفادة العائلة سعيدا بأنه سيتسلم قريبا (نهاية هذا الشهر) أول راتب له، والذي لا يتجاوز 1300 درهم كل شهر. -كمال كما يؤكد المتظاهرون كان من المشاركين في مختلف التظاهرات التي دعت اليها «تنسيقية 20 فبراير» بمدينة آسفي، شهود من النساء والرجال الذين يعرفونه وتعرفوا عليه، أقروا به كمشارك في هذه الحركة الاحتجاجية. -ومن خلال شهادات العائلات والشهود من المتظاهرين وغير المتظاهرين، تؤكد اعتداء رجال من قوات الأمن عليه، من خلال تقاطعها وإقرارها بتواجده يوم الأحد 29 ماي بشارع دار بوعودة، يدفع دراجته النارية ويستعد لركوبها، بمجرد تدخل عناصر من القوات العمومية لتفريق المتظاهرين. -ما بين الساعة الخامسة والسادسة مساء نفس اليوم ، بنفس الشارع تقدم نحو كمال عماري عناصر من رجال الأمن 6 منهم من القوات العمومية وعناصر التدخل السريع، و2 بالدراجات النارية الخاصة بما يعرف بفئة الصقور. توجهوا إليه بالسؤال حول سبب تواجده في عين المكان وهل يشارك المتظاهرين، وحين أجاب ب»نعم»، انهالوا عليه بالضرب على جميع أنحاء جسمه: رأسه، وصدره وظهره، ورجليه ويديه اللتان ظلا يحتمي بهما من «الزرواطة» والأرجل، لمدة قد تصل إلى 7 دقائق. معطيات حول وفاة كمال .. بناء على تقاطع الإفادات والشهادات، تتحدد المعطيات ذات الصلة بالوفاة من خلال ما يلي: -لم يكن يريد «كمال عماري» بعد الاعتداء عليه يوم الأحد 29 ماي، التوجه إلى المستشفى بسبب تخوفاته من احتمال اعتقاله هناك، كما هو الحال بالنسبة لعدة متظاهرين آخرين؛ ظل يتألم طيلة ليلة الأحد ويوم الاثنين، بسبب جرح غائر في الأسفل الخلفي برأسه، والكدمات على رجليه وظهره مع صعوبات في التنفس؛ وبناء على التدهور المتصاعد لصحته منذ الاعتداء عليه، ألحت أسرته وبعض أصدقائه على زيارة طبيب خاص، والذي سيفحصه وسيقوم «بتجبيص» كامل لرجله اليمنى. عند عودته إلى البيت لاحظت أسرته استمرار تدهور حالته، بحيث لم يعد يقوى على النوم، ولا الأكل، ولا الكلام. وليتم نقله إلى مستشفى محمد الخامس صباح يوم الخميس، في الساعة الثامنة والنصف. أجريت له بعض الفحوصات الأولية التي طالب بها الطبيب الذي عاينه بقسم المستعجلات، والذي سجل صعوبات في التنفس، وارتفاع حرارته. كما أجريت له بعض الفحوصات الدقيقة بالمستشفى وخارجه؛ إحالته على قسم العناية المركزة على إثر أزمة حادة على مستوى التنفس؛الساعة الثانية زوالا يفارق كمال عماري الحياة بمستشفى محمد الخامس وهي الوفاة التي ربطها مباشرة كل من الأسرة والأصدقاء والشهود والمحيط بصفة عامة، بالاعتداء الذي تعرض إليه الفقيد يوم 29 ماي؛ أصدر الوكيل العام للملك أمره بالقيام بتشريح الجثة، ودعوة فريق مختص من الدارالبيضاء والرباط. الاعتداء على المتظاهرين وتداعياته.. أورد التقرير أن تنسيقية 20 فبراير بآسفي قد دعت إلى التظاهر السلمي يوم الأحد 29 ماي، عبر تنظيم مسيرتين تكون انطلاقتهما من حي كاوكي وحي سانية زين العابدين ابتداء من الساعة الخامسة مساء، على أن تنتهي المسيرتان باعتصام بحي الكورس، وتعتبر الأحياء الثلاثة طبوغرافيا امتدادا لبعضها، كما تعتبر اجتماعيا من الأحياء ذات الكثافة السكانية والتي تعرف ارتفاع نسب الفقر والبطالة والهدر المدرسي والتهميش، والخصاص على مختلف المستويات. وانطلاقا من حصيلة الاستماع لعينة من الشهادات ذات الصلة بالأعضاء الذين تعرضوا للاختطاف والاحتجاز من أعضاء التنسيقية المحلية ل20 فبراير، أو المتظاهرين أو المارة من المواطنين بالقرب من النقط الثلاث للاحتجاج، سواء الذين تعرضوا أو لم يتعرضوا للاعتداء، وبناء عليه فإن التقاطع بين مختلف الشهادات والإفادات يقر بما يلي: - الاستعمال المفرط وغير المتناسب للقوة تجاه التظاهرات السلمية المفترض تنظيمها بحي كاوكي وحي السانية من جهة وبحي الكورس كنقطة النهاية؛ -الحضور المكثف لرجال من مختلف فئات القوات والأجهزة الأمنية بتلك الأحياء الثلاثة وعلى امتدادها، بساعات قبل موعد انطلاق التظاهرات؛ -اللجوء إلى العنف مع بداية وصول أعضاء التنسيقية، واستهداف بعضهم بساعات قبل ذلك بمجالات سكنهم أو عملهم؛ -تعميم العنف والاعتداء على المتظاهرين وغير المتظاهرين من المواطنين الذين عبروا عن استيائهم من درجة القمع التي عاينوها. في نفس السياق أفاد تقرير الوسيط والمرصد أنه انطلاقا من مختلف الإفادات المقدمة من طرف نساء ورجال، متظاهرين وغير متظاهرين، بخصوص حجم العنف والاعتداء الذي مارسته قوات الأمن يوم 29 ماي على المتظاهرين، قبل انطلاق المسيرتين اللتين كان يفترض انطلاقهما من حي كاوكي وحي السانية، ابتداء من الخامسة مساء على أن تنتهي باعتصام بحي الكورس. إفادات ممثلي السلطات العمومية: هنا يورد التقرير إفادات العديد من المسؤولين من بينهم عامل الإقليم والي الجهة والوكيل العام.. في ما يتعلق في إفادتهم كما صاغ ذلك فريق التقصي: إفادة الوكيل العام للملك: أكد الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف.. على أنه لم يتم إشعاره قط بتظاهرة تم فضها بالعنف، سواء بشكل كتابي أو شفهي منذ التحاقه بالمدينة، وأنه سبق وأن اجتمع برؤساء الضابطة القضائية، وأكد على الحرص الكامل على التطبيق السليم للقانون. واعتبر أنه إذا ثبت استعمال العنف، على من أعطى أوامره بذلك أن يحاسب. أما مآل الشكايات فقد أفاد بأنه تمت إحالتها على الضابطة القضائية من أجل التحري والبحث. كما أحيلت شكاية أحد أعضاء هيئة الدفاع على نائبه، لغرض الاستماع واتخاذ المتعين بصددها. - بخصوص وفاة «كمال عماري»: أفاد بأن الإجراءات التي تم اتخاذها من طرفه تتمثل في الأمر بإجراء خبرة طبية بناء على الفصل 77 من قانون المسطرة الجنائية. إفادة والي جهة دكالة عبدة: عامل الإقليم ووالي الجهة نفى أي تدخل أو عنف بشأن يوم 29 ماي وتداعياته، انطلاقا من التقارير التي توصل بها، واستبعد حدوث أي عنف بشكل قطعي؛ كما جاء في إفادته لفريق التقصي. استنتاجات حول وفاة كمال عماري: معاينة فريق التقصي من خلال أحد أعضائه لجثة الفقيد بمستودع الأموات، الملحق بمستشفى محمد الخامس، وإفاداته بوجود الكدمات والجروح وآثار الضرب على مختلف أعضاء الجسم، وخاصة على الظهر والرأس والرجل.وانطلاقا من عرض فريق التقصي لبلاغ الوكيل العام للملك، على خبير دولي مختص في الطب الشرعي؛- يتابع التقرير-وبناء على نتائج الاستقراء على ضوء مختلف الإفادات المقدمة بخصوص الاعتداء وتداعياته، فقد تم ترجيح القناعة بخصوص ما يلي: 1- إن ما تعرض له كمال عماري من اعتداء وعنف غير مبرر من طرف رجال الأمن يوم الأحد 29 ماي، كان السبب المباشر في التدهور الذي ستعرفه حالته الصحية،والذي سيؤدي إلى وفاته يوم الخميس 2 يونيه، وما يترتب عن ذلك من مسؤوليات خاصة وعامة على مستوى التدبير الأمني إقليميا ووطنيا. 2- إن تخوفات الفقيد كمال عماري من التوجه للمستشفى بسبب احتمال اعتقاله من هناك، له ما يبرره من خلال صور لرجال الأمن يرابطون بمداخل المستشفى، وكذا تقاطع الإفادات بهذا الشأن، المستخلصة من مختلف الشهادات، وهو ما يطرح إشكالا أخلاقيا وقانونيا بالنسبة للجهات التي حولت المستشفيات من وظائفها الاستشفائية إلى فضاءات للتخويف والترهيب والاعتقال، أو تلك الجهات المختصة التي قبلت بهذا التجاوز الخطير دون إشعار بذلك. 3- إن التباطؤ في وتيرة الخدمات الصحية بقسم المستعجلات على صعيد مستشفى محمد الخامس، يطرح من جهة أولى الاختلالات التي تطال الخدمات والمسؤوليات المنوطة أصلا بأقسام المستعجلات، ومن جهة ثانية طبيعة التجهيزات المعطلة (سكانير) وما يترتب عنها من تعثر في التسريع بالتشخيص خاصة بالنسبة لتلك الحالات الحرجة، ومن جهة ثالثة مدى وجود أو غياب أنظمة للمراقبة والمحاسبة محليا ومركزيا على مستوى هذا القطاع؛ 4- في مقابل ذلك وبينما ترجحت القناعة لدى فريق التقصي باستهداف شباب جماعة العدل والإحسان ضمن شباب 20 فبراير، بالنصيب الأوفر من الاعتداء والعنف المفرط وجميع أشكال المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة يوم 29 ماي، فإن فريق التقصي في مقابل ذلك لم يجد من القرائن ما يدل على استهداف كمال عماري كأحد المنتمين للجماعة، بقدر ما تم الاعتداء عليه تحديدا كأحد المتظاهرين يوم 29 ماي. توصيات انطلاقا من توصيف الوقائع المرتبطة بالاعتداء على كمال عماري ووفاته، وبما تعرض له المتظاهرون وغير المتظاهرين من اعتداء وعنف، وانطلاقا من الوقائع المتصلة بالاختطاف والاحتجاز والتعذيب لأعضاء من التنسيقية المحلية ل20 فبراير ولفعاليات من محيطها؛وبناء على السياق المحلي للمدينة وما يعرفه من خصاص واختلالات على مستوى الحكامة، خلص فريق التقصي «للوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان» و»المرصد المغربي للحريات العامة» إلى التوصيات التالية: تحديد المسؤوليات: 1- العمل على كشف الحقيقة كاملة في ظروف وفاة كمال العماري وتحديد المسؤوليات في ذلك، مع اتخاذ جميع الإجراءات القانونية لمساءلة مرتكبي الاعتداءات التي تعرض إليها، بما يضع حدا للإفلات من العقاب. 2-العمل على أن تأمر النيابة العامة وبأقصى سرعة بإجراء بحث دقيق بخصوص الإفادات المتضمنة في شهادات جميع الأشخاص الذين تعرضوا للاعتداء والتعذيب والاختطاف ،والحجز يوم 29 ماي 2011 مع تحريك المتابعات في مواجهة المتورطين في ارتكاب هذه الأفعال. 3-العمل على فتح تحقيق لتحديد المسؤوليات على مستوى « القرار الأمني في مختلف مستوياته»، بخصوص الإفراط في استعمال القوة وما رافقه من اعتداء واختطاف واحتجاز وتعذيب ومعاملات مهينة وحاطة بالكرامة، واتخاذ التدابير اللازمة على مستوى ما وقع من تجاوزات وانتهاكات. 4-العمل على التحقيق بخصوص ما تعرفه المستشفيات خلال أحداث مماثلة من انزياحات عن مهامها، وتحويلها لملحقات للاعتقال. الحاجة لإحداث وإعمال آليات الحوار: 1- العمل على وضع آلية مؤسساتية أو موازية للحوار الوطني حول الحق في التظاهر، وبناء التعاقدات بين مختلف الأطراف ذات الصلة بما يعزز مكتسبات الحريات العامة، ويؤسس للتدبير السلمي لها في إطار احترام القانون والحرص على التطبيق السليم لمقتضياته في كل الظروف والنوازل، 2 ضرورةإيجاد الدولة لآليات الحوار الملائمة، وانتهاجه كسبيل وحيد للتدبير السلمي للاختلاف، مع مختلف الفاعلين سياسيين ومدنين ضمن التيارات التي تم استهدافها بالاعتداء والعنف، والقطع مع سياسة الإقصاء بمبررات سبق وأن خبر المغرب نتائجها وتكلفتها في علاقة بملفات الماضي، وإيمانا بكون الحوار هو الخيار الوحيد الذي يؤسس للتعاقدات بين مختلف الفاعلين. 3- فسح مجال الاعلام العمومي لجميع التيارات والتعبيرات للتداول في النوازل، وفي مختلف القضايا بشكل دائم ومستمر، وتعزيز تمثيلية الشباب ضمن هذه التيارات والتعبيرات. 4 -العمل على إحداث الآليات الملائمة مركزيا وجهويا ومحليا، الخاصة بالمراقبة والمحاسبة على مستوى التدبير المحلي وحكامته، وكذا إعادة النظر في سياسة الإقصاء والتهميش التي تطال مدينة آسفي، والتسريع بإدماجها في مختلف الأقطاب الاقتصادية، انطلاقا من مؤهلاتها ومواردها الطبيعية والبشرية. شهادة خبير دولي في الطب الشرعي.. بلاغ الوكيل العام ذي الصلة بموضوع وفاة كمال العماري، دفع فريق التقصي المبعوث من المرصد والوسيط إلى الاتصال بخبير دولي مختص في الطب الشرعي خارج المغرب من أجل استقراء مضامين البلاغ، وبناء عليه تم استنتاج الخبير لما يلي: «...إن الأمر يتعلق في هذه النازلة بالعلاقة السببية بين العنف ومرض الضحية. السؤال بسيط للغاية: لو كان الضحية بقي في منزله، هل كان سيتوفى...؟ وبتعبير آخر، وطبقا لهذا السيناريو، لم تكن الوفاة لتحدث لولا تدخل الشرطة. أعتقد أن ملابسات الاعتداء، وحالة التوتر، والخوف، والقلق، والعنف، كل ذلك نجم عنه أن الضربة، حتى ولو كانت خفيفة، عَجَّلت بوفاة ضحية ربما كانت تعاني أصلا من مرض في الرئتين. هذا الشخص كان في أيدي الشرطة وتعرض لعنف ترتب عنه وفاة تأخرت ببضع ساعات. إذا كان جسم الضحية يحمل آثار عنف، مهما بدت خفيفة، فقد يكون ثمة علاقة سببية مباشرة وثابتة. من ناحية أخرى، يجب ألا ننسى أنه على المستوى المدني، فإن تأخُّر تقديم العلاج الطبي أو إهمال تقديم الإسعافات قد ساهما أيضا في حدوث الوفاة. غير أن هذا التقصير، رغم كونه ثابتا، لا يمكن أن يشكل تبريرا أو تبرئة من الفعل الأصلي الذي هو عنف الشرطة، وهو العنف الذي كان وراء القضية برمتها.»