لا يختلف اثنان حول مزايا المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وما قامت به في مجالات اجتماعية واقتصادية، حين وجدت أناسا يتسمون بالحس الجمعوي الممزوج بالحس الوطني عبر مختلف المناطق ، وعلى العكس من ذلك دفع البعض العديد من المشاريع الممولة من طرف المبادرة إلى أن تعرف عدة مشاكل وصلت أحيانا إلى ردهات المحاكم . بإقليم النواصر تقدمت جمعية آباء وأصدقاء الاطفال المعاقين ذهنيا بالدارالبيضاء، بمشروع لاصلاح وترميم المركز المتعدد الاختصاصات بدار بوعزة لمصالح عمالة اقليم النواصر الاجتماعية الخاصة بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي خصصت له مبلغ مليون درهم، والجمعية مليون درهم ،عملية فتح الاظرفة حضرها ممثل العمالة ، بالاضافة الى ممثلي الجمعية صاحبة المشروع والمهندس المعماري الذي كلفته من اجل تتبع الأشغال حيث رست الصفقة 2010/2 على مقاولة أ.أ ، التي قامت بانطلاقة جيدة مع مطالبتها بتسبيق قدره % 15 من قيمة المشروع مادام هناك تسبيق الى الجمعية من طرف المبادرة الوطنية يبلغ تقريبا % 60 ، الا ان المقاولة لم تتوصل بأي شيء حتى حدود شهر 2010/07 ، حين انجزت قياسات بواسطة عبار محلف تابع الأشغال منذ البداية مع تهييء مستخلص رقم 1 وتم وضع المستخلص من اجل الافتحاص من طرف المهندس المعماري للجمعية مع الموافقة بالاستلام 2010/7/14 . بعد كل هذه النتائج بدأ التماطل في تأشيرة المستخلص من طرف الجمعية ، تقول شكاية في الموضوع، مما دفع صاحب المقاولة الى مراسلة الآمر بالصرف وعمالة اقليم النواصر التي أمرت بعقد اجتماع طارئ بالورش، وأكدت بصحة المستخلص مادام المهندس قد أقر بمصداقية القياسات وبالتالي المستخلص رقم 1 مع المصادقة عليها ، وذلك في 2010/09/08 . وبتاريخ 2010/10/27 تسلم المقاول شيكا بمبلغ 342.962.76 ،الا انه بعد ساعتين من ذلك اتصل به رئيس الجمعية هاتفيا طالبا منه التريث في دفع الشيك لعدم وجود مؤونة مالية كافية، وخوفا من أن يتسبب دفع الشيك وإرجاعه في تغريم الجمعية خاصة وان رئيس الجمعية والامين التزما بأنهما سيتوصلان بدعم في حساب الجمعية، علما بأن للجمعية حسابين في وكالة بنكية وحسابا آخر في وكالة اخرى، ومن الملاحظ أيضا أن بنود الدفوعات المالية لم تحترم من طرف مصلحة الاعمال الاجتماعية التابعة لعمالة اقليم النواصر! ويؤكد المتتبعون لهذا الشأن أنه من غير المعقول ان تدفع قيمة 68 مليون سنتيم الى حساب الجمعية، اي بنسبة % 60 من قيمة المبلغ الممنوح قبل اعلان الصفقة، فتم دفع 36 مليونا في شهر 2009/1 ، و 32 مليونا في شهر 2010/1 ، والصفقة لم تتم الموافقة عليها الا في اواخر شهر أبريل 2010 ! في 2010/11/25 تم إخبار المقاول انه لم يدخل في حساب الجمعية سوى 160.000درهم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التابعة لعمالة انفا لمشروع آخر في مقر الجمعية بالمعاريف. وأكدت الجمعية للمقاول انها ستقسم له الشيك الاصلي بشيك يبلغ 120.000,00 درهم وكمبيالتين، الشيء الذي رفضه المقاول ، وطالب بشيكين بدل الكمبيالتين وتم التبادل بالشيكات في الوكالة البنكية الموجود بها حساب الجمعية مع أمينها. الا ان إحدى الموظفات لاحظت «تزييفا» في التوقيع، وبعد ان تأكدت مديرة الوكالة البنكية من ذلك تبين للمقاول بأنه «تعرض لعملية نصب واحتيال، خصوصا بعد إرجاع الشيكين بعبارة «إمضاء غير كامل مع مؤونة غير كافية»، وذلك يوم 2010/12/02 ». المفاجأة الكبيرة هي ان المقاول حين دفع الشيكين الى المحكمة بعد انتظار طويل، أخبرته فرقة الشرطة القضائية لولاية الدارالبيضاء أن الجمعية وضعت شكاية بعد رجوع الشيكين يوم 2010/12/03 بسرقة الشيكين من مجهول ! أمام هذا المستجد الخطير ، تقدم المقاول للعدالة لانصافه وإعادة حقه وحمايته من «النصب والاحتيال» الذي تعرض له، بعد أن وجد نفسه متهما بسرقة شيكين رغم ان كل الادلة والشهود بالوكالة البنكية تدل وتشهد على ان الامين هو الذي سلم الشيكين اللذين يحملان توقيعا مزورا من رئيس الجمعية وسيتقدم هو الآخر امام وكيل الملك. التقديم بدوره شابه التأخير، ولم يعد المقاول يتحمل المزيد من التلاعب، فطالب النيابة العامة« بالتقديم والكشف عن حقيقة هذه القضية التي تهم أموال المبادرة الوطنية». الوكيل العام بالمحكمة الجنائية بعين السبع وبعد الاستماع شخصيا للمقاول أمر باستدعاء رئيس الجمعية وأمين المال امام نائب وكيل الملك المكلف بالشيكات، وبعد مواجهة الجميع والاستماع لكل واحد واستفسارهم أمر بإعادة تدقيق البحث للحسم نهائيا في هذا الملف، واعطاء لكل ذي حق حقه. وفي الوقت الذي كان على رئيس جمعية ان يبحث عن حلول مع المقاول، سارع إلى طلب عروض رقم 2011 و دفتر تحملات آخر حيث تقدمت مقاولتان، الاولى بعرض بقيمة 450 مليونا والثانية بعرض بقيمة 270 مليونا مع عدم حضور ممثل عمالة اقليم النواصر لعملية فتح الاظرفة، وهو خرق للمسطرة المعمول بها، حيث خرج الرئيس عن المألوف ليختار الشركة المقاولة التي تقدمت بمبلغ 450 مليونا وعمل على حذف 250 مليونا ليصبح العرض المقدم هو 200 مليون، مما يؤكد ان المقاولة التي فازت بالعرض من المقربين الى الرئيس، كما تؤكد ذلك بعض المصادر، التي اوضحت ان حتى 200 مليون التي تقدمت بها الشركة المقاولاتية، فهي غير متوفرة اذا ما وضعنا في الحسبان حذف المستلخص رقم 1 وأشغال اخرى! وقد علمت الجريدة ان المقاولة الثانية التي تم ابعادها من طرف الرئيس قد تقدمت بشكاية في موضوع استبعادها خلافا للمساطر الجاري بها العمل . هذا مع العلم ان المقاولة الاولى موضوع الصفقة 2010/2 قد تعرضت لمشاكل مادية مع زبنائها ومع عمالها، وقد تعرضت لفسخ عقد تعسفي من طرف رئيس الجمعية، مع إتلاف معداتها واستغلت سلعتها وتجهيزاتها ، بحسب الشكايات المسجلة في هذا الإطار. وقد علمنا أنه تم تقديم رئيس الجمعية وأمين مالها أمام وكيل الملك وبعد أن تم التأكد بأن الإجراءات القانونية ستأخد مجراها الطبيعي، قاما بعقد صلح مع المقاولة والإلتزام بأداء قيمة الشيكين، لكن السؤال المطروح هو: من سيعوض الخسارة التي تعرضت لها المقاولة سواء تلك المتعلقة بفسخ العقدة من جهة واحدة ،أو من خلال الإستغلال غير القانوني لتجهيزاتها أو أيضا من حملة التشهير التي طالتها خاصة وأن ذلك أثر سلبا على مشاريعها الأخرى؟!