سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في الندوة العلمية التي نظمتها جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس في موضوع الخطاب الملكي ليوم 9 مارس «المضمون والآفاق». حسن طارق: الهندسة الدستورية المغربية تميزت بهيمنة السلطة التنفيذية محمد الصبار: لا بد من طرح سؤال الماضي وتسوية أوضاع ملفات سنوات الرصا
مواكبة لورش الإصلاح الدستوري الذي أعلن عنه جلالة الملك محمد السادس في خطابه ليوم 9 مارس 2011، نظمت جامعة سيدي محمد بن عبد الله مؤخرا ندوة علمية في موضوع الخطاب الملكي المضمون والآفاق برحاب كلية الطب والصيدلة بفاس، أطرها عدد هام من الأساتذة الباحثين والمختصين. وفي الورقة التقديمية للندوة, أكد رئيس الجامعة الدكتور فارسي السرغيني أن خطاب 9 مارس سيفتح صفحة جديدة في تاريخ المغرب السياسي المعاصر كما سيشكل خارطة طريق تجعل المغرب نموذجا ديمقراطيا في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، على اعتبار أن الدستور المقترح سيكرس الطابع التعددي للهوية المغربية الغنية بروافدها، وسيعمل على ترسيخ دولة الحق والقانون وتوسيع مجال الحريات والارتقاء بالقضاء إلى مؤسسة مستقلة وتوطيد الفصل بين السلط، وبرلمان نابع من انتخابات نزيهة وحكومة منبثقة عن الإرادة الشعبية وتقوية مكانة الوزير الأول كرئيس لسلطة فعلية، ودسترة مؤسسة مجلس الحكومة وتخليق الحياة السياسية وربط ممارسة السلطة والمسؤولية العمومية بالمراقبة والمحاسبة، ودسترة هيآت الحكامة الجيدة وحقوق الإنسان. وفي المحور الأول للندوة تناول الكلمة حسن طارق, عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي في موضوع السلطة التنفيذية في إطار الوثيقة الدستورية، حيث أكد أن الهندسة الدستورية في المغرب تميزت بهيمنة السلطة التنفيذية على البرلمان وبهيمنة المؤسسة الملكية على الحكومة انطلاقا من دساتير 1962، و1970 غير أن دستور 1992 اتسم ببداية مسؤولية الحكومة أمام البرلمان، حيث أصبحت ملزمة بتقديم برنامجها لتحظى بثقة البرلمان، واعتبر ذلك تحولا هاما، إلا أنه لم يكن هناك تحول على مستوى الاختصاصات، وعاش المغرب تأرجحا بالنسبة لتعيين رئيس الحكومة. وفي سنة 1999 تم تعيين رئيس الحكومة المناضل عبد الرحمن اليوسفي في إطار حكومة التناوب, غير أنه بحلول سنة 2002 تم الخروج عن المنهجية الديمقراطية، وأصبحنا نعيش ازدواجية الحكومة والدولة، فالحكومة غير مسؤولة وغير مراقبة. أما اليوم فالمرتكز الرابع في الخطاب الملكي يؤكد على فصل السلط، وهذا تقدم هام في المجال الدستوري، لذا فالمغرب أمام منعطف تاريخي، غير أنه بالنسبة للمذكرات المقدمة ,يبدو أن هناك عدم التركيز على العلاقة بين الحكومة والبرلمان والعلاقة بين المؤسسة الملكية والحكومة، فالاقتراحات المقدمة ركزت على ثلاث خانات، المجال المحفوظ للمؤسسة الملكية- المجال المشترك بين الحكومة والمؤسسة الملكية - المجال الحصري والقضايا التي تعود للحكومة والمجلس الحكومي تحت مسؤولية الوزير الأول، هذا وقد تحدث حسن طارق بعد ذلك عن الملكيات في العالم والتي حصرها في 14 ملكية منها 10 ملكيات في أوروبا تعتمد صيغة الملكية البرلمانية كما أشار إلى النموذج السويدي والذي يعتبر الملكية الأكثر تطرفا ليؤكد أن أحدث فلسفة ملكية و أنجعها تطبيقا هي الصيغة الإسبانية، وخلص في مداخلته ليتحدث عن أهم المذكرات المرفوعة للجنة الملكية، وإلى النموذج المغربي الذي يتطلب إحداث ملكية برلمانية مغربية. أما عبد الحق المريني مؤرخ المملكة فقد أعطى لمحة عن المشاريع الدستورية المغربية قبل الحماية، ليؤكد أنه في عهد السلطانين المولى عبد العزيز والمولى عبد الحفيظ طالب عدد من المثقفين والقارئين للصحف الواردة على طنجة بوضع دستور للبلاد باقتراح من مفكرين سوريين كانوا يعيشون هناك، حيث قدموا وثيقة تطالب بجعل المغاربة سواسية في أداء الضرائب، كما طالبوا بتنظيم الجيش المغربي، واختيار الأشخاص الأكفاء في المناصب الحساسة، كما تحدث مشروع للمفكر المغربي علي زنيبر الذي قدمه للمولى عبد العزيز ضمنه مجموعة من الإصلاحات تقضى باستعمال اللغات المغربية وإنشاء بنك حكومي، وتطبيق الأحكام على سائر المغاربة، إلا أن هذا المشروع الدستوري قوبل بالرفض، فقيل عنه (إنه كلام الدراري) بالإضافة إلى مشروع آخر يتضمن 93 مادة نشر في جريدة لسان المغرب لصاحبها فرج الله المصور اللبناني، وهو مبادرة مشبعة بالروح الوطنية والنهضة العربية، تقر بالنظام الملكي وإمارة المؤمنين. وخلص في مداخلته متحدثا عن مطالب الوطنيين في عهد الحماية والمطالبة بالاستقلال, غير أن هذه المشاريع ظلت دون تطبيق، وفي 2 ماي 1958، تم إصدار قوانين الحريات العامة وإنشاء المجالس، وفي سنة 1960 تم تعيين المجلس التأسيسي لإنشاء الدستور، وكان أن أعلن محمد الخامس قبل وفاته يقول ذ المريني «لن تمضي سنة 1960 حتى نقيم دستورا وفاء لعهدنا». من جهته قال محمد الصبار: أمين عام المجلس الوطني لحقوق الإنسان متحدثا عن الحماية الدستورية لحقوق الإنسان والحريات العامة في مشروع الدستور الجديد، ليؤكد أنه لا بد من طرح سؤال الماضي وتسوية أوضاع الملفات الناتجة عن سنوات الرصاص ضمانا لحقوق الإنسان في بعدها السياسي ولا يمكن أن نقبل بدستور متدرج، وأن نعتمد على القوانين الدولية في إقرار حقوق الإنسان، وتجاوز أخطاء الماضي كالاختطاف والاعتقال القسري، ولا بد أن تكون صيغة حقوق الإنسان واضحة في الدستور الجديد ولا تحتمل التأويل، لأن الشعب هو مصدر السياسة، كما يجب التنصيص على تعدد الهويات وحرية الاعتقاد والأديان، وكذا الولوج إلى المعلومة، والسماح بمغادرة «البلاد ماعدا إذا كان هناك قرار بالمنع بالإضافة إلى منع الإعدام، ومنح البرلمان صلاحيات العفو حتى يتمكن المغرب من تحقيق السبق في العالم العربي من خلال الدستور الجديد. أما عبد الحي عمور رئيس المجلس العلمي بفاس فقد أكد أن إمارة المؤمنين هي ضمانة لاستمرار الدولة وصمام أمان خلافا للقوانين الوضعية الغربية، فالشريعة ليست قيدا, بل هي وسيلة تفتح المجال للرقي. السيد الخلفي مدير جريدة التجديد قال: إن خطاب 9 مارس لم يتطرق للحديث عن تصور الملكية في المرحلة القادمة, مشيرا أن الملكية المغربية ينبغي أن تنتقل إلى ملكية إنسانية انطلاقا من الإرهاصات الدستورية الماضية، لأنه سابقا كان يتم تقوية الدولة الاستعمارية وبذلك تراجع الدستور، فالمغرب في حاجة إلى تغيير، لأننا فوتنا فرصا كثيرة أدت إلى اجهاض الديمقراطية وخاصة في سنة 2002. السيد مشيش العلمي وزير العدل السابق, تحدث عن مركز القضاء في مشروع إصلاح الدستور، ليؤكد أن المشكل متجه نحو السلطة التنفيذية لأن الطرح الملكي يرتكز على ارتقاء القضاء كسلطة مستقلة عن السلطة التشريعية والتنفيذية، فمنذ 1962 والتشكيلات الحكومية تضم وزارة العدل، وهي الوصية على القضاء، بمعنى أنها تؤطر القضاء وبذلك أصبح هذا المجال قاصرا لأن وزير العدل له صلاحيات كثيرة إذ يوجه منشورات لتفسير القانون، حيث يتخذها ضباط الشرطة والولاة والعمال وسيلة لتطبيق القانون، وهذا تناقص كبير لأن الاستقلالية تظهر داخل القضاء وخاصة في القضايا الجنائية. البرلماني د محمد الأعرج ركز في مداخلته حول تعزيز مؤسسة البرلمان في مجال التشريع, مشيرا إلى أن كثيرا من الفعاليات تجهل دور المؤسسة البرلمانية، بالرغم من الدعوة أن تكون الملكية برلمانية، لذا لا بد من توازن السلط بالنظر إلى دور البرلمان، ففي دستور 1996 كانت هناك هيمنة العمل الحكومي على البرلمان, لذا لا بد من رد الاعتبار للمؤسسة البرلمانية انطلاقا من مركزية المؤسسة الملكية، وكذا تفعيل الآليات الدستورية لمراقبة أعمال الحكومة، على اعتبار أن البرلمان لم يمارس التشريع، وخلص في مداخلته ليطالب بإعادة النظر في الفصول 45 و 56 و58 حتى تتعزز المؤسسة البرلمانية دعما لتوازن السلط .أما المحور الثاني من الندوة فقد اشتمل على مجموعة من المداخلات تضمنت الهندسة الدستورية للمغرب الجديد ألقاها آيت المكي نائب رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله. 2 الدينامية الجديدة للإصلاح ألقاها محمد أوجار وزير سابق. 3 آفاق الجهوية في ظل مشروع الإصلاح الدستوري للدكتور حسن عبايبة. 4 دور المجتمع المدني في ورش الإصلاح ذ. محمد امجيد، بالإضافة إلى مجموعة « من المداخلات الهامة للأساتذة عبد العزيز النويضي وأحمد بوكوس وكمال المصباحي وعبد القادر لكحل والدكتور أحمد مفيد، تناولت مجموعة من القضايا تصب في صلب الندوة العلمية حول الخطاب الملكي ليوم 9 مارس.