قبل التحدث عن الواقع المر لهذا المسجد أحببت أن أعرف هذا المسجد الذي قلت إنه معلمة تاريخية فريدة وتحفة إسلامية، تشهد على عظمة أبناء المنطقة من المجاهدين وفي مقدمتهم عريس الشهداء الشريف سيدي محمد أمزيان قائد المجاهدين الذي أسس أول مدرسة جهادية مغربية لمحاربة الاستعمار في مطلع القرن العشرين. فلا يذكر هذا المسجد إلا ويذكر معه الشريف محمد أمزيان، لأنه هو الذي سماه بهذا الاسم « مسجد أجناده» حتى حمل السوق الذي توجد فيه جمعة أجناده. وقصة تسمية هذا المسجد تعود إلى التجاء الشريف محمد أمزيان إلى المنطقة عندما احتلت القوات الاستعمارية الإسبانية تراب قبيلة قلعية، أواخر 1909 فانتقل الشريف إلى المنطقة وأمر بإعادة بناء المسجد وترميمه، فأطلق عليه اسمه مسجد أجنادة ،تيمنا بالمسجد الذي احتلته إسبانيا بالقرب من فرخانة، حينما مددت حدود مليلية بالطريقة المعروفة «بضربة المدفع « المشهورة في القرن التاسع عشر (لمزيد من الاطلاع يراجع كتابي مصطفى الغديري: الريف ج1 وج2) ولفظة أجنادة مأخوذة من الأجناد ، أي الجنود المجاهدون في سبيل الله لتحرير الوطن.علما أن هذا المسجد كانت تقام فيه صلاة الجمعة قبل ذلك بكثير. مما يمكن القول إنه من المساجد العتيقة بالريف الشرقي .وأقدم معلومة لدينا أن صلاة الجمعة تمت فيه على عهد السلطان الحسن الأول سنة 1306 ه/حوالي 1887م. ولما نزل الشريف محمد أمزيان بسوق بورمانة فارا من قبيلة قلعية المحتلة ، استقر بمنزل المجاهد الكبير عمرو أمنصورالإدريسي، واتخذه محلة لقيادة الجهاد. ويقع هذا المنزل خلف مبنى السوق الأسبوعي على بعد 320 متر من المسجد. وأول ما سنه الشريف محمد أمزيان في إعادة بنائه أن يكون كل العاملين في البناء، وجلب الأحجار والمساهمة في البناء على وضوء وطهارة. وصارت هذه السنة متبعة فيما بعد في كل عمل أو ترميم أو بناء في المسجد من الشروط الأساسية لولوجه. وما يزال المسجد الذي أعاد بناءه الشريف محمد أمزيان قائما على حالة بالجانب الشرقي للمسجد الحالي.لأن المسجد الحالي رمم وفق الطرق الحديثة بالإسمنت والحديد في منتصف الستينات، بمساهمة أبناء المنطقة من الجالية الموجودة بالخارج ، منها هولندا بصفة خاصة.وبقي على حالة يتابع أداء مهمته في صلاة الجمعة يوم السوق الأسبوعي، يستفيد منه كل الوافدين على السوق يوم الجمعة.وكانت قاعة الصلاة تمتلئ عن آخرها فيصلي من تأخر خارجه في السوق. وتشاء الأقدار أن يقرر أحد أبناء قبيلة أيت سعيد بالمساهمة في إعلاء صومعته في بحر 2008. لكن الأيادي التي قامت بهذا العمل ربما أساءت - حسب ما تردد بين أفرد لجنة الفحص والمراقبة- أن الصومعة مائلة. كما قد يتضح في الصورة أسفله.فصدر في بحر سنة 2010 قرار منع الصلاة فيه عقب انهيار مسجد مكناس ومسجد زايو. ومنذ ذلك التاريخ والمسجد مغلق عن الصلاة ومفتوح للعبث واللعب، ورمي جثث الحيوانات. وتحول سكان المنطقة كل حسب وجهته لأداء صلاة الجمعة؛ فمنهم يتحمل المشقة والسفر إلى دار الكبداني مسافة 16كلم، ومنهم من يكتفي بأداء صلاة عادية بمنزله ومنهم من يتوجه إلى مسجد سيدي محند واحمد الذي صدر رأي لبعض الفقهاء في الصلاة بهذا المسجد لكونه يضم ضريحا قبلة المحراب . فما ذنب الساكنة ليمنعوا من أداء صلاة الجمعة ؟ وما هو البديل؟وما هي الجهة التي كانت وراء القرار؟ كل هذه الأسئلة المتناسلة لا يوجد لها جواب، رغم أن الوزارة الوصية على المساجد هي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية! علما أن هناك من المساجد التي منع فيها الصلاة لكن الترميم والإصلاح بدأ مباشرة، ولم تحل سنة حتى عادت الصلاة إلى المسجد. أما هذه المعلمة فلربما لا علم لوزارة الأوقاف عن مكان تواجدها، ولا عن أهميتها ولا عن عذاب الساكنة الذين يتحملون المسافة الطويلة للأداء الصلاة .وهي مسافة قد تزيد على 16 كلم. وليس هناك من وسائل النقل إلا شاحنات حمل الرمال أو سيارة النقل الفوضوي. لذا فإن المسجد يستغيث بمن يهمه الأمر ويطلب النجدة لعودة الصلاة، ويحن إلى خطبة الجمعة، والرأفة بالسكان الذين يتحملون مشقة السفر لأداء صلاة الجمعة ؟.