قامت مؤخرا جموع قادمة من البوادي، تمثل الفلاحين المتضررين من ندرة المياه وارتفاع تسعيرة الري بإقليم قلعة السراغنة، بحركات احتجاجية سيرا على الأقدام في اتجاه مقر عمالة الإقليم، قبل أن تنتظم في شكل مسيرات متوجهة نحو ولاية الجهة بمراكش، احتجاجا وتدمرا من الوضعية الراهنة، عساهم يجدون مخاطبا مسؤولا يحسن الإنصات إلى مطالبهم. وبدأت سلسلة هذه الحركة الاحتجاجية منذ أواخر شهر مارس الماضي، بعد شح الأمطار الذي بات الموسم الفلاحي معه قاب قوسين أو أدنى من البوار، في حوض تساوت بمناطق بورية وسقوية على حد سواء وخاصة في بني عامر والعطاوية والصهريج وزمران. وأبدت هذه الحركة، في اتصال بوكالة المغرب العربي للأنباء، عن رغبتها في عرض متطلباتها على المسؤولين المحليين بغية إيجاد السبل الكفيلة لتجاوز «محنة الفلاحين مع معضلة مياه السقي، وتسعيرتها المرتفعة التي لم يعد صغار الفلاحين يجارون وتيرة تصاعدها، لكن التسويف وصد الأبواب حمل ممثلي هؤلاء على العودة إلى حال سبيلهم خائبين». وسجل ممثلو هذه الحركة، التي تهم منطقة زمران الشرقية وجمعت نحو ألف شخص، «أنهم رفضوا خلال مسيرة أول أمس الاثنين، وهي في منتصف الطريق نحو مراكش، أي حوار مع سلطات الإقليم بعد أن طرقوا بابها في فترة سابقة، إلا أن مساعي مدير المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي للحوز، أفضت في نهاية المطاف إلى الإنصات إلى مطالب الفلاحين الذين عادوا على أمل استكمال الحوار في عين المكان». وبخصوص تسعيرة مياه الري المحددة بقرار وزاري، والتي يدعي الفلاحون أنها جد مرتفعة، فإن مصالح المكتب الجهوي أكدت أنها «لم تعرف أي زيادة منذ شتنبر 2009، وهي لا تتعدى 30ر0 درهم للمتر المكعب»، مشيرة إلى أن ما يمثل 90 بالمائة من الفلاحين بالإقليم أدوا مستحقات استهلاكهم من مياه السقي، وأن مصالح المكتب على استعداد لوضع تسهيلات في الأداء بالنسبة للفئة المتبقية. كما وعدت مصالح المكتب المتضررين بأنها ستعمل على تدارس أوضاعهم على اعتبار أن مراجعة تسعيرة المياه تخضع لمسطرة إدارية معينة لكن قنوات الحوار والتواصل كفيلة بإيجاد الحلول الملائمة لتجاوز الصعوبات المطروحة والظروف المناخية التي تعرفها المنطقة. أما عن مسألة ضعف الصبيب في قنوات الري، والذي يطرح مشكلة قد تكون ذات صلة بارتفاع التسعيرة، فقد أبرزت أن المكتب بصدد تنفيذ برنامج رصد له خمسة ملايين درهم لإصلاح شبكة الري وقنواتها التي تتسبب أحيانها في إتلاف كميات هامة من المياه مما يترتب عنه نقص واضح في الصبيب، أي في كمية المياه، ويسبب ضررا للفلاح بفعل عدم تلبية حاجياته المعتادة في الفترة الزمنية المحددة. ولاحظت أن الإقليم يتوفر، فضلا على السواقي التقليدية التي لا تخدم سياسة اقتصاد الماء، على شبكة سقوية هامة تشتمل على 2800 كيلومتر من القنوات، وبالتالي فإن البرنامج يروم إصلاح وترميم مختلف الاختلالات الحاصلة في هذا الميدان فضلا عن رغبتها في تحقيق الأهداف المرسومة ضمن مخطط «المغرب الأخضر» والتي تكمن، بالأساس، في اقتصاد الماء وتشجيع الفلاحين على استعمال التقنيات الحديثة في السقي لتحسين مردودية القطاع وعصرنته.