المجلس الوطني لحقوق الإنسان يؤكد على دستورية الحق في السكن اللائق ..    البنك الإفريقي للتنمية يمنح 150 مليون أورو لصندوق التجهيز الجماعي    كان المغرب 2025 .. الركراكي يعلن لائحة اللاعبين    المنتخب المغربي يتأهل إلى نصف نهائي كأس العرب على حساب سوريا    المنتخب المغربي يتجاوز سوريا.. ويتأهل إلى نصف نهائي كأس العرب 2025    المغرب يقتنص بطاقة نصف نهائي كأس العرب بفوز صعب على سوريا    مجلس الحكومة يصادق على 11 مرسوما لتحديد بدء عمل المجموعات الصحية الترابية    تساقطات ثلجية وأمطار قوية من الجمعة إلى الأحد في عدة مناطق بالمغرب    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    بمبادرة صينية.. المغرب ينضم إلى الدول المؤسسة لمجموعة "أصدقاء الحوكمة العالمية"    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى رئيس جمهورية إندونيسيا على إثر الفيضانات التي شهدتها بلاده    حركة "جيل زد" تلتمس من مندوبية السجون تقريب المعتقلين من عائلاتهم وضمان مواصلة تعليمهم    بطولة فرنسا.. نانت يعيّن المغربي القنطاري مدربا في مهمة محفوفة بالمخاطر    تلك البراري    هكذا يكبُر الخَوف    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية        الإمارات تعزّي المغرب في "فاجعة فاس"    تصنيف "فيفا" للسيدات.. المغرب يحتل المركز 66 عالميا والخامس إفريقيا    الدار البيضاء.. معرض "خمسون" يحتفي بأعمال 50 فنانا    منظمة الصحة العالمية تؤكد عدم وجود صلة بين تلقي اللقاحات والإصابة بالتوحد    إسرائيل تتمسك بنزع سلاح حماس غداة اقتراح الحركة "تجميده" مقابل هدنة طويلة الأمد في غزة    انتعاش النقل عبر التطبيقات يخيّم على استعداد الطاكسيات لل"كان" بالمغرب    أطر التدبير الإداري بالوزارة تصعّد وتطالب بإنصاف مالي وتعويض عن المخاطر    النفط يتجه لمزيد من الارتفاع وسط قلق بشأن الإمدادات    إطلاق ميزة البث المباشر من غوغل عند الطوارئ عبر أندرويد    انطلاق فعاليات الدورة الرابعة عشرة للجامعة السينمائية بمكناس    تتويج الذهبي بجائزة "الأثر الإنساني"    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    قبل مواجهة سوريا.. رئيس اللجنة المنظمة لكأس العرب يزور مقر بعثة المنتخب المغربي    تقرير: السياسات الفلاحية بالمغرب تستنزف الماء وتهمل الأمن الغذائي وتهمش الفلاحين الصغار    هذا الزوال بقطر: ربع نهائي ملغوم بين المغرب وسوريا..    بنسعيد: المناصفة ليست مجرد مطلب حقوقي بل خيار استراتيجي وضرورة تنموية    بمناسبة اليوم العالمي للتطوع..المغرب يكرّم المبادرات المحلية والوطنية ومغاربة العالم    البرد القارس يقتل رضيعة جنوب غزة    جامعة "الأخوين" تدعم التحول الرقمي    شباب "جيل زد" يحتجون في الدار البيضاء للمطالبة بالإصلاح وإطلاق سراح المعتقلين    المجلس الإداري لأكاديمية سوس ماسة يقر برنامج عمل وميزانية 2026    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس        تراجع استخدام اليافعين الألمان لمنصات التواصل الاجتماعي خلال 2025        مارسيل خليفة يوجه رسالة شكر إلى المغرب والمغاربة    أمريكا تطلق تأشيرة "ترامب الذهبية" لجلب أموال الأثرياء الراغبين في بطاقة الإقامة    غزة.. تنظيم حملة "شتاء دافئ" لفائدة نازحين فلسطينيين بتمويل مغربي    وفاة طفل إثر سقوطه في مسبح فيلا بطنجة    "ميتا" تمنح مستخدمي "إنستغرام" أدوات تحكم جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي    الثلوج تغطي الطريق في "آيت تمليل"    اليونيسكو يصادق على تسجيل القفطان تراث مغربي على قائمته التمثيلية    ادراج القفطان المغربي ضمن قائمة التراث الثقافي اللامادي لليونسكو    حوار مع شاب مصاب بالهيموفيليا: رحلة معاناة لا تعترف بها القوانين    ضعف حاسة الشم قد يكون مؤشرا مبكرا على أمراض خطيرة    دراسة تكشف فوائد الذهاب للنوم في التوقيت نفسه كل ليلة    علاج تجريبي يزفّ بشرى لمرضى سرطان الدم    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



« سلطة الآية وفتنة الحكاية: المتخيل وحدود الكتابة»

ضمن منشورات وزارة الثقافة، صدر للباحث والناقد مصطفى النحال مؤلف جديد موسوم ب« سلطة الآية وفتنة الحكاية: المتخيل وحدود الكتابة». الكتاب بحث علمي رصين عن تمظهرات المتخيل الإسلامي المشترك، عبر إطار نظري منسجم ومفتوح آثر الكاتب أن يكون المنهج الأنثروبولوجي لجيلبير دوران في ملامحه العامة. وفي هذا السياق، درس الباحث نصا متفردا هو «تحفة الألباب ونخبة الأعجاب» لأبي حامد الغرناطي.
تعميما للفائدة وتحسيسا بأهمية منجزه الفكري، نقترح على القراء خلاصات « سلطة الآية وفتنة الحكاية: المتخيل وحدود الكتابة».
حاولنا، عبر فصول هذا الكتاب، المساهمة في الكشف عن بعض العناصر و المكونات و العلاقات الغنية التي تزخر بها «تحفة الألباب ونخبة الأعجاب» لأبي حامد الغرناطي، ومن خلالها خطابات المتخيل في بعض النصوص السردية العربية القديمة. وتأسيسا على المقدمات و المبادئ المعبر عنها في مقدمة هذا العمل، وكذا المسار الذي أخذه التحليل، عبر مختلف الفصول، يمكن استخلاص بعض النتائج الأساسية التي من شأنها تطوير و إثراء البحث العلمي في هذا التراث السردي والتخييلي.
هناك، أولا، الطابع المنفتح لخطاب المتخيل ونصوص العجائب والغرائب. فرغم القول بنسقية الثقافة العربية القديمة، وبنْينتها القوية، كمشروع وأنماط فكر وإحالات ،لا يعدم الباحث أن يجد نصوصا تنفلت من هذه النسقية، نصوصا نجحت في أن تخلق لها منطقا خاصا بها، ومسارات غير متوقعة، وذلك في منأى عن مراقبة حراس الخطاب. و لكونها غير نسقية، فإنها تتحدى، في الوقت ذاته، مفهوم النوع و حدود الجنس. وقد اتضح، بالملموس، وجود نوع من التنافذية بين حدود كتابات تبدو متباعدة ومختلفة في النوع وفي نمط ومشروع الكتابة.
الخلاصة الثانية هي تلك المتعلقة بنسبية التعارض بين مفهومي القدسي والدنيوي. فانطلاقا من مفهوم التنافذ نفسه يتم الانتقال من نص قدسي إلى آخر دنيوي ذي طبيعة مختلفة، أو العكس، على اعتبار أن هذا امتداد للآخر. فقد تبين أن طبيعة المتخيل، هنا، تنبع أساسا من مبدأ التفاعل النصي، أي تفاعل النص مع نصوص أخرى، ومع أجناس و أنواع مختلفة، ظهرت في الفترة نفسها أو في فترات سابقة أو لاحقة. إن آلية الإضاءة المتبادلة هي التي تسمح بعملية الاغتناء الذاتي، وتتبع الخيوط الظاهرة والخفية التي تنسج فيما بينها، رغم التباين الظاهر والخادع، في غالب الأحيان بين المؤلفات والأنواع والأجناس. بناء على ذلك، اتضح أن هناك حوارا صريحا تارة، وضمنيا تارة أخرى بين مجموعة من الأجناس والأنواع.
في مستوى آخر، أبرزنا كيف أن العجائبي، في الثقافة العربية الكلاسيكية، مسألة في غاية الجدية. لا يتعلق الأمر بالخيال الصرف: فالجن و سليمان و الإسكندر و الخضر وبخت نصر وشداد بن عاد ونمرود وموسى الخ، أسماء ذات وجود أنطولوجي يستمد مصداقيته من العنصر القدسي، من النص القرآني والحديث ومحكيات القصاص وغيرهم. لذلك دخل العجائبي بسهولة إلى متون - عالمة -، كالمعرفة الدينية. فرجل العلم ورجل الدين و الإنسان العادي، لا يرون أي تناقض ولا أي مس بمنطق الأشياء حين يتحدثون عن ( أو يسمعون) حيوانات ونباتات أو انجازات بشرية تنتمي إلى العجائبي. وبالتالي، فكل ما يثير العجب والتعجب هو علامة على القوة الإلاهية، وعلى عظمة الخالق، وعلى فكرة وجود وحدة الكائن المخلوق ووحده الخالق.
لا مجال، إذن، للحديث عن العجائب بمنطق الصواب و الخطأ، و الحقيقة و الوهم.
هنا ينتفي الفرق، النظري، بين ما ينتمي إلى التأليف العقلاني، وبين ما يصدر عن المتخيل بوصفه شكلا من أشكال الحياة. ذلك أن المتخيل لا يقيم، بالضرورة، علاقات صراعية مع العقل ومتعلقاته، غير أنه يعمل وفق الصيغ الخاصة به. إنه لا يشكل خرقا فاضحا لما هو عقلاني.
و من ثم، لا يكون العجائبي فعالا، و ضامنا لاستمراريته، بصفته مكونا أساسيا للمتخيل، إلا إذا امتد إلى تحقيق الوظائف التي من أجلها وجد. ومن أهم هذه الوظائف، نذكر الوظيفة المعرفية، أي الدعوة إلى إعمال العقل والتدبر والتفكر، والوظيفة التطهيرية، بالمعنى المزدوج الذي أشرنا اليه.
إن الاطلاع على نظريات السرد الحديثة، وعلومه، وترجمته إلى اللغة العربية، وكذا تطبيق البعض منها في دراسة التراث السردي العربي، كل هذا ساهم بشكل أو بآخر، في تحفيز العودة إلى النصوص التراثية السردية لفحصها بمنظور جديد، وتقديمها في لغة أخرى، انطلاقا من أسئلة وفراضيات مخالفة.
لقد ارتكز منظورنا إلى - تحفة الألباب-، على كونها كتابة تشتغل وتتحاور مع نصوص أخرى مكتوبة و/أو شفهية بدءا من النص القرآني إلى قصص الأنبياء وكتب التاريخ و الجغرافيا والسير والرحلات، مرورا بكتب العجائب والأحاديث وألف ليلة و ليلة.
وهكذا، يكون متخيل النص، مثلما دللنا على ذلك، نابعا من مجمل العلائق القائمة ما بين نواة أو بنية قاعدية و بين مختلف التفصيلات الوصفية والحكائية في النص الهدف. و هذا يعني أن المتخيل فضاء تفاعلي وعلائقي، أي أنه شبكة من الرموز و الصور و المشاهد التي تولدها المخيلة بوصفها ملكة إنتاجية، من خلال تفاعلاتها مع عالم مرجعي يتكون من نصوص مشتملة على متخيل بدئي، جنيني، ومن محيط اجتماعي و إيديولوجي ونفسي.
وراء المظهر الخارجي للغة، هنا، يتضح أن الكلمة نوع، على حد تعبير ميشال فوكو. هناك طبقات متتالية و متراكبة و متعاقبة، وهذه الطبقات لا تنسى، بقدر ما يلزمها فقط حفر مناسب في المكان والزمان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.