سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مدير مرصد أوكايمدن الفلكي يتحدث عن مساهمة المغرب في اكتشاف سبعة كواكب جديدة شبيهة بالأرض .. زهير بنخلدون: فك ألغاز الكون يجعلنا نسعى لابتكار وسائل جديدة
اكتشف فريق من العلماء سبعة كواكب صغيرة شبيهة بالأرض حول نجم قزم فائق البرودة، يبعد عن المجموعة الشمسية بمقدار 39 سنة ضوئية فقط، ومن المحتمل أن تحتوي تلك الكواكب على مياه سائلة، وفق ما جاء في الورقة البحثية المنشورة في العدد الأسبوعي من مجلة نيتشر p ما هي طبيعة الكشف الذي نحن بصدده اليوم؟ n هذا الكشف يخص 7 كواكب خارج المجموعة الشمسية تدور حول نجم فائق البرودة. الشيء الرائع هو أن هذه الكواكب السبعة في حجم كوكب الأرض، وبالتالي يمكن أن تكون تلك الكواكب صالحة للحياة؛ فهي تبعد عن نظامنا الشمسي بمقدار 39 سنة ضوئية، لذا فهي ليست بعيدة نسبيًّا، مقارنة بما سبقها من اكتشافات مماثلة. والتوصل إلى هذا الكشف تم عن طريق استخدام التلسكوبات الأرضية والفضائية، كما أسهم فيه كذلك تلسكوب «ترابيست» الجنوب في شيلي، و «ترابيست» الشمال في المغرب. إن المعلومات المتوفرة ومشاركة العديد من التلسكوبات في تحليل البيانات لا تدع مجالًا للشك، فنحن متأكدون تمامًا من أن النظام المكتشَف يتكون من 7 كواكب، وبالتالي فأوضاعه شبيهة نسبيًّا بالنظام الشمسي، بل قد تكون أفضل. ففي النظام الشمسي، الأرض هي الكوكب الوحيد الصالح للسكن أو للحياة. أما في النظام الجديد فهناك العديد من الكواكب مقاربة نسبيًّا للأرض من حيث الحجم ومن حيث المسافة من النجم التي هي تابعة له. إن التعتيم الجزئي على سطوع النجم من جراء عبور الكواكب السبعة أمامه هو ما سمح للفلكيين بتقدير المعلومات الخاصة بالأحجام والمدارات وأيضًا التراكيب، ومن هنا وجدنا أن الكواكب الستة الداخلية متشابهة في الحجم ودرجة الحرارة مع الأرض، مما يعني أن الظروف المحيطة بها قد تكون مواتية للحياة. من الواضح أننا بحاجة إلى مزيد من الدراسات لنتمكن من دراسة الغلاف الجوي لتلك الكواكب، فالنجم محل الاكتشاف كتلته لا تتعدى 8% من كتلة الشمس، وتعادل كتلة كوكب المشتري. ونأمل أن يسمح لنا هذا النوع من النجوم بالكشف عن كواكب خارج المجموعة الشمسية تكون الظروف فيها مناسبة للحياة. فهناك العديد من الطرق التي توضح التفاصيل بشكل أعمق، مثل عبور الكواكب أمام النجم وأيضًا السرعة الشعاعية وهي تأثير حركة الكواكب على النجم الذي تتبعه، وجمع كل تلك المعلومات يُمكِّننا من تحديد «مورفولوجيا» النجوم أو تشكُّلها العام. وعندما نصل إلى مؤشرات «تلازُم» بين حجم الكوكب نفسه والمسافة التي بين الكوكب والنجم تتشكل لدينا معلومات عن الطاقة على سطح الكوكب وبالتالي عن درجة حرارة السطح، مما يتيح القول بأنها كواكب صالحة للحياة، وإن كنا لا نعلم إن كان عليها «حياة» بالفعل! p ما المثير والجديد في هذا الكشف؟ وما أوجُه الاختلاف بينه وبين الكشوف السابقة لكواكب شبيهة بالأرض؟ n المثير حقًّا والجديد في هذا الكشف بالمقارنة بما سبقه من كشوف لكواكب شبيهة بالأرض خارج المجموعة الشمسية أن هذه هي المرة الأولى التي نجد فيها 7 كواكب دفعة واحدة بينها 6 قد تكون صالحة للحياة. فالاكتشافات السابقة لم تتعدَّ اكتشاف كوكب شبيه بالأرض هنا أو هناك، أو نظام من نجم وثلاثة كواكب على أقصى تقدير. مرة أخرى أحب أن أؤكد أن الباحثين بدأوا في البحث عن كواكب صالحة للحياة خارج المجموعة الشمسية، لكنهم ركزوا البحث حول النجوم التي تشبه الشمس. إن ذكاء أو رؤية الفريق الذي كان وراء هذا الكشف يكمن في قولهم لأنفسهم إنه لا سبب يمنع وجود كواكب مثل الأرض في مكان آخر، خاصةً حول نجم شبيه بالشمس مثل الأقزام الحمراء وغيرها من النجوم الباردة. فكون النجم باردًا يعني أننا قد نجد بسهولة إلى جواره كواكب صغيرة في حجم الأرض، على عكس غيره من النجوم. وبالتالي فإن فكرة البحث حول الأقزام الحمراء سمحت للفريق باكتشاف هذا النجم الذي أُطلق عليه اسم: «ترابيست 1» TRAPPIST1. في العام الماضي، تشككنا بالفعل في وجود ثلاثة كواكب حول هذا النجم؛ لذلك تحمسنا وعملنا على توفير كل الوسائل ودعوة مراصد أخرى للتعاون في مراقبة هذا النظام لنصل إلى هذا الكشف الاستثنائي. p ما مدى أهمية ودقة ما توصلت إليه الورقة البحثية من معلومات؟ وهل هناك معلومات إضافية يسعى الفريق البحثي لمعرفتها؟ n لا يزال ينقصنا الكثير لنكون قادرين على إعطاء المزيد من المعلومات عن الأوضاع القائمة على أرض الواقع من أجل التعرُّف على الغلاف الجوي لتلك الكواكب. ما في حوزتنا الآن من معلومات قد سمح لنا بمعرفة دقيقة لكلٍّ من الشعاع والمسافة من النجم وتقدير أولي لكتلة 6 من الكواكب السبعة، وهو ما يتيح لنا معرفة تقريبية لدرجة الحرارة لا تحتمل الكثير من الخطأ. وتُقدَّر درجة حرارة سطح الكواكب المكتشفة بحوالي (30 درجة مئوية)، وبالتالي فإنها درجة حرارة كافية لنقول إن الغلاف الجوي معتدل ونتوقع وجود المياه كما هو الحال على كوكب الأرض. ولكن فيما عدا ما ذكرنا في السابق كحقائق مؤكدة موجودة بالتفاصيل والأرقام في الورقة البحثية التي نُشرت اليوم 22 فبراير في العدد الأسبوعي لمجلة نيتشر، يظل الباقي مجرد تكهنات. فلا تتوفر معلومات مثلًا حول الغلاف الجوي. الخطوة التالية هي البدء في دراسة تكميلية تقوم على استخدام وسائل أخرى غير «قياس الضوء العابر» بواسطة القياسات الطيفية للغلاف الجوي، وهو ما لم يتم حتى الآن. p من وجهة نظركم لماذا أصبح الكشف عن كواكب شبيهة بالأرض شائعًا؟ n خلال السنوات القليلة الماضية لم يحدث فعليًّا أن مَرَّ يوم أو أسبوع دون إعلان عن اكتشاف كوكب خارج المجموعة الشمسية في مكان ما. ومن الواضح أن التطور التكنولوجي الذي شهدته ظروف الرصد بالإضافة إلى البحث في المكان الصحيح هو ما كان وراء فكرة مشروع «ترابيست» والذي سيجري استكماله بمشروع آخر يسمى «سبيكولوس» سيعمل على التركيز على تلك النجوم الباردة والقادرة أكثر من غيرها على إيواء أنظمة الكواكب التي تسمح بوجود حياة. لذا يفتح هذا الكشف مجالًا واسعًا في جميع أنحاء العالم يستهدف النجوم فائقة البرودة في المقام الأول. وأنا متأكد من أنه في السنوات القليلة القادمة، سوف نكتشف العديد من الأنظمة الأخرى والتي قد تكون أقرب من النجم محل البحث. في الحقيقة أن النجوم فائقة البرودة موجودة بوفرة، ونحن في مرصد المغرب نعمل على أهداف أخرى غير «ترابيست1». وقد توصلنا إلى أدلة على وجود أنظمة أخرى وحركات عبور أخرى في أماكن عدة. وذلك يفتح مجالًا ضخمًا، وبالسعي سوف نصل حتمًا لأشياء كثيرة، وحين نصل للكثير بشكل إحصائي سنتوصل إلى اكتشافات من هذا النوع، وستكون لدينا الفرصة لتهيئة الظروف المواتية للحصول على قياسات فيزيائية. p في النهاية، هل يمكنكم توضيح أهمية هذا النوع من الدراسات للكشف عن كواكب تبعد سنوات ضوئية عنّا، وقد لا تأتي الفرصة مطلقًا للبشر للاستفادة من وجودها؟ n من الناحية الفلسفية ، فإنه من المهم للغاية بالنسبة للإنسان أن يدرك دائمًا وأبدًا أن الظروف المواتية للحياة ليست حكرًا على كوكب الأرض، وهذا من شأنه أن يجعلنا ندرك أننا لسنا مركز الكون طالما أن شكل حياتنا موجود في مكان آخر. أما من وجهة النظر العلمية، فمن المهم للغاية التركيز على جميع الوسائل التي جرى تطويرها للوصول إلى هذه الاكتشافات. إن التعطش الفلسفي لاكتشاف عالم آخر قد دفع بالبحث العلمي -الذي اعتمد بشكل كبير على التطور التكنولوجي- لتحقيق هذا الهدف. أما بالنسبة لنا نحن العلماء، فإن أهمية البحث في تلك المجالات ترجع إلى فكرة الشغف والتعطش للمعرفة والاكتشاف، وهو ما يُمكِّن العلم من التطوُّر بشكل عام وشامل. وهذا ما يجعلنا نسعى لابتكار وسائل جديدة وتكنولوجيات... إلخ. بالنسبة لي شخصيًّا فإن ما يتم استخلاصه من هذا النوع من الاكتشافات هو التقدُّم العلمي الشامل الذي يصب -في نهاية المطاف- في مصلحة البشرية. * عن «للعِلم» و»نيتشر ميدل إيست»