بعد تنصيب اللجنة الاستشارية للإصلاحات الدستورية يوم 10 مارس2010، وقبل أن تعقد أول اجتماعاتها لتحديد منهجية عملها وأسلوب اشتغالها، بدأت ردود الفعل المتباينة والنقاشات الواسعة في الأوساط السياسية والإعلامية وهيئات المجتمع المدني المغربي حول مضامين الخطاب الملكي 9 مارس 2010، ومهام اللجنة وتركيبتها، حدود واتساع مجالات عملها، وما يمكن أن تقوم به، بل هناك من أصدر أحكاما مسبقة عن نتائج عملها، وفي المقابل هناك من اعتبر أن اللحظة لحظة تاريخية وأن خطاب 9 مارس خطاب تاريخي ، فلأول مرة يفتح جلالة الملك ورش الإصلاح الدستوري ويحدد المساحات والميادين التي ستعرف هذه الإصلاحات الدستورية، وأن اللجنة لها صلاحية الاجتهاد والابتكار في أشغالها من أجل انبثاق دستور جديد من خلال تعديلات وإصلاحات لعدد من الفصول للدستور الحالي. ويتجلى هذا بشكل واضح في العديد من التصريحات لعدد من الفعاليات السياسية والنخب المغربية، والبيانات للعديد من الهيئات السياسية والحقوقية، وما ينشر على صفحات الجرائد الوطنية ومداولات البرامج الإذاعية، وكذلك من خلال الآراء المتباينة والمتضاربة أحيانا خلال الندوات الفكرية المنظمة في إطار هذه الدينامية التي يعرفها المجتمع المغربي، هذه الندوات التي تتخذ من موضوع الإصلاحات الدستورية موضوعا للنقاش والتفصيل العميق، وهذا ينطبق على الندوة الفكرية التي نظمتها الكنفدرالية الديمقراطية للشغل بتعاون مع الجمعية الحقوقية «عدالة» حول موضوع مقومات الدستور الديمقراطي مساء أول أمس بالرباط. لقد اعتبر الأستاذ الجامعي بندورو أن تركيبة اللجنة الاستشارية للإصلاحات الدستورية تضم في عضويتها أعضاء محسوبين على ما أسماه التيار المحافظ في الدستور، وعلى حد تعبيره، سيكون لهؤلاء دور سلبي في صياغة التعديلات المرتقبة، كما يرى بندورو أن هذه اللجنة تفتقد للمشروعية والتمثيلية لأنها لجنة معينة وليست بلجنة منتخبة، كما سجل أن هناك تهميشا وعدم إشراك للبرلمان، مطالبا في آخر مداخلته بحل الحكومة والبرلمان. ودعا أحمد عصيد بنفس المناسبة إلى الانتقال من ثقافة استجداء الإصلاحات الدستورية إلى إقرار الإصلاحات من طرف أغلبية الشعب ،مسجلا في السياق أن هذا الحراك الاجتماعي والدينامية التي يعرفها المجتمع وما وصل إليه اليوم، أعطى تيارين، الأول تفاؤلي حول ما يجري ومنخرط في العمل ويعتبر أن هذه فرصة تاريخية وخطوة إلى الأمام وتيار ثان ،يقول أحمد عصيد «،علمته حنكته السياسية وتضرره من الممارسات السياسية السائدة انعدام الثقة في المؤسسات وأن نتائج التغيير ستكون مخيبة للآمال وستؤدي إلى صدمة كبرى وسنفقد موعدنا مع التاريخ»، كما قدم أحمد عصيد أحكاما مسبقة حول اللجنة الاستشارية للإصلاحات الدستورية قبل أن تباشر أعمالها ومشاوراتها، حيث قال «إن مكونات اللجنة ليس لهم استعداد للإنصات، أكثر ما لهم استعداد لتنفيذ تعليمات». ومن جهته يرى حسن طارق أستاذ القانون الدستوري وعضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن اللحظة اليوم لحظة مواتية وبمثابة نافذة لتحقيق إصلاحات دستورية من أجل تحقيق انتقال ديمقراطي أعيق وتم إيقافه في 2002، معلقا على التقسيم الذي صنفه أحمد عصيد حول ما يجري في الساحة السياسية بالمغرب في تيارين متفائل/ ومتشائم ، قائلا «أنا من التيار المتفائل الحذر» مشيرا في السياق ذاته الى أن خطاب 9 مارس 2010 تضمن إشارات سياسية جيدة تفتح إمكانية تحول في الهندسة الدستورية ، مسجلا في نفس الصدد أن الخطاب الملكي حدد ثوابت الأمة في إمارة المؤمنين والدين الإسلامي والنظام الملكي ولم يتكلم على أي نوع من الملكية، ملكية برلمانية أو ملكية رئاسية، مؤكدا في نفس السياق أن ما سيحكم في الأخير هو التدافع والدينامية الشعبية والمجتمعية .