شهدت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأسبوع الماضي، جدلا كبيرا بشأن قرار منع خياطة وتسويق وبيع «البرقع»، الذي انتشر بالمحلات التجارية في الأسواق المغربية بعد بروز الجمعيات السلفية في المغرب. وقد أسال قرار منع خياطة وتسويق وبيع «البرقع» الكثير من المداد بين العديد من الأوساط المغربية على اختلاف توجهاتها، وشكل قرار منع تصنيعه وبيعه موضوع مواجهة جديدة بين مؤيد ومعارض من كل التوجهات، وأثار القرار نقاشا واسعا بين مؤيدين له أعلنوا أن البرقع يمثل خطرا فكريا وأمنيا على البلد، ومعارضين رأوا في ذلك مسا بالحريات الشخصية التي نص عليها الدستور. شهدت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأسبوع الماضي، جدلا كبيرا بشأن قرار منع خياطة وتسويق وبيع «البرقع»، الذي انتشر بالمحلات التجارية في الأسواق المغربية بعد بروز الجمعيات السلفية في المغرب. وقد أسال قرار منع خياطة وتسويق وبيع «البرقع» الكثير من المداد بين العديد من الأوساط المغربية على اختلاف توجهاتها، وشكل قرار منع تصنيعه وبيعه موضوع مواجهة جديدة بين مؤيد ومعارض من كل التوجهات، وأثار القرار نقاشا واسعا بين مؤيدين له أعلنوا أن البرقع يمثل خطرا فكريا وأمنيا على البلد، ومعارضين رأوا في ذلك مسا بالحريات الشخصية التي نص عليها الدستور. فبينما رحب البعض بالقرار، اعتبره البعض الآخر انتهاكا للحريات الفردية، وركزوا على جوانبه الدينيّة وتناسوا،كليا، الجوانب الأمنية والسياسية، وتحول السؤال من البحث والخوض في أسباب «المنع» إلى طرح سؤال: هل يتوجه المغرب نحو منع البرقع؟ وهل القرار هو تمهيد لمنع تام للبرقع في المغرب؟ وإلى حد الآن، لم يصدر أي موقف رسمي من طرف وزارة الداخلية إزاء قرار منع إنتاج وتسويق لباس البرقع، الذي توصل به تجار في عدد من المدن المغربية عبر إشعارات مكتوبة، صادرة عن العمالات وتحمل إمضاء الباشوات. وقد عاش المغرب على امتداد أيام على إيقاع نقاش وانقسام الرأي بين مؤيد ومعارض لقرار منع خياطة وتسويق وبيع «البرقع» في المحلات التجارية بالأسواق المغربية، فثمة «من اعتبروه تضييقا ومساسا بالحريات الفردية فيما رأى فيه آخرون خطوة إيجابية لكونه لباسا خارجا عن العادات المغربية». هذا وطلب أعوان وزارة الداخلية من أصحاب عدد من المحلات التجارية في الأسواق المغربية المتخصصين سواء في خياطة أو تسويق أو بيع «البرقع» الأفغاني منذ الاثنين الماضي، التخلص مما لديهم من قطع «البرقع» وأمهلوهم 48 ساعة ليتمكن المغرب من تحقيق غايته «زيرو برقع». فحسب نسخ من ال»إشعار بمنع إنتاج وتسويق لباس البرقع» التي تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي وجد أصحاب المحلات التجارية سواء كانوا يصممون ويخيطون، أو يسوقون و يبيعون ،أنفسهم، بحر الأسبوع الماضي، تحت طائلة الحجز المباشر في حالة عدم الامتثال للقرار. ولوحظ رجال السلطة الترابية، معززين برجال الأمن وممثلي العمالات، يجوبون بعض المتاجر الكبرى وسط العاصمة الاقتصادية لإخبار التجار بقرار منع صناعة وتوزيع البرقع والنقاب، الذي «كان مفاجئا للجميع، خاصة وأنه جاء بدون تعليل». ولا يوجد في المغرب قانون يمنع ارتداء البرقع، وشهد هذا اللباس انتشارا واسعا خلال العقدين الماضيين، إثر تنامي المد السلفي، إلى جانب نقاب الوجه الذي يوجد في الثقافة المغربية، ولا تزال العديد من النساء يرتدينه، لكن بشكل لا يتشابه مع لباس البرقع الذي يغطي جسد المرأة بالكامل ويكون في الغالب من لون واحد. ويرى خبراء في الحركات السلفية أن وزارة الداخلية لا يمكن أن تتخذ قرار منع خياطة وتسويق وبيع «البرقع» الأفغاني بالأسواق المغربية، إلا إذا توفرت لديها معطيات حول احتمال استغلال هذا اللباس في أمور أخرى، فقد رجحت عدة تحليلات أن يكون القرار راجعا إلى مخاوف أمنية بسبب استخدام مجرمين النقاب للتستر على جرائمهم، فالعشرات من قضايا جرائم الحق العام، خارج نطاق الإرهاب، استُعمل خلالها البرقع من أجل التَّخفي، مما أدى إلى افتقاد حلقات مهمة من أدوات ضبط المجرمين. وتشير نفس التحاليل إلى أن القرار فرضته أساسا تحديات أمنية بالنظر إلى تكرر الحالات التي لجأ فيها ،مؤخرا، عدد كبير من المجرمين أو من المطلوبين للعدالة إلى التستر في هذا الزي الذي يخفي الجسد والوجه بالمرة، بشكل حوله إلى زي تنكر وليس إلى لباس عادي، كما أن التحديات الإرهابية التي يواجهها العالم بأسره تفرض التحقق من الهوية في أي لحظة، وهو أمر غير ممكن مع مرتدِيات هذا النوع من الزي واللائي يرفضن هن وأزواجهن إظهار وجوههن حين يطلب منهن ذلك. وهكذا برزت دعوات تدعو إلى حظر إنتاج هذا اللباس وتسويقه وارتدائه باعتباره دخيلا على الثقافة المغربية، كما أنه لا يكشف هوية من يرتدينه، ويمكن استغلاله لارتكاب جرائم والإفلات من العقاب، ووصف مؤيدون للقرار بأنه صائب وكان يجب أن يتخذ منذ زمن ف»مطلب توفير الأمن مقدم على مطلب توفير الحريات». ففي مقابل الدفاع عن الحق في ارتداء البرقع، تبرز دعوات بين الفينة والأخرى تدعو إلى حظر ارتداء هذا اللباس، وتبرّر ذلك بإمكانية استغلاله من طرف سيدات أو حتى رجال لأجل ارتكاب جرائم والإفلات من العقاب، بما أن هذا اللباس لا يكشف هوية من يرتديه، وقد شهد المغرب هذه الدعوات قبل مدة عندما راجت أخبار عن اعتداءات جسدية بطلتها سيدة ترتدي النقاب، وهو ما نفته السلطات الأمنية. وأوردت تقارير إعلامية أن الجدل الذي أحدثه قرار مصالح وزارة الداخلية بشأن منع إنتاج وتسويق لباس «البرقع»، أو النقاب الأفغاني، في المحلات والمتاجر بعدد من المدن المغربية، لم يعد مقتصرا على الرأي العام المغربي، بل تمكنت مواقع الكترونية موالية لتنظيم «داعش» المتطرف من التقاط القرار بنوع من اللهفة، لتوجه عبره مواقف متطرفة ضد المملكة. وبخصوص منع النقاب على المستوى الدولي، ظهر قبل ثلاث سنوات، وبعد حادثة قتل امرأة مُنقّبة لمُدرّسة أمريكية داخل مركز تجاري في أبو ظبي، في ما يسمى ب»شبح الريم»، ظهر نقاش عمومي وإعلامي في بلدان الخليج يتجه صوب رفع «الوجوب» الشرعي عن النقاب، بل ومنعه في الأماكن العامة، حفاظاً على الأمن العام وفي إطار مكافحة الإرهاب. وبحر السنة قبل الماضية حظرت الحكومة السنغالية اللباس النسائي المعروف ب»البرقع» حفاظا على الأمن القومي للسنغال، والاحتراز من العمليات الإرهابية. وأكد وزير الداخلية السنغالي عبدو داودا حينها أن النساء في السنغال لن يرتدين هذا اللباس في بلاده مستقبلا بقوة القانون، حفاظا على الأمن القومي للسنغال، والتوقي من العمليات الإرهابية التي ترتكب في عدد من الدول الإفريقية المجاورة باستعمال البرقع. ولا يعد القرار السنغالي بحظر البرقع استثناء في غرب أفريقيا، فقد منعته الكاميرونوتشاد أيضا، ورغم هذا القرار إلا أنه لم يحل دون وقوع هجمات انتحارية، رُبطت بحركة «بوكو حرام» النيجيرية، التي يرتدي منفذو عملياتها أحيانا النقاب لتسهيل دخولهم إلى الأماكن المزدحمة، حيث نفذت شابتان داخل تشاد كانتا ترتديان البرقع عملية انتحارية أوقعت 33 قتيلا، قرب العاصمة نجامينا في يونيو 2015. وبعد ذلك بوقت قصير، حذت كل من الكونغو برازافيل والغابون حذو تشاد، وذلك بعد وقوع هجوم انتحاري في الكاميرون عندما فجرت امرأتان ترتديان النقاب نفسيهما في بلدة فوتوكول القريبة من الحدود مع نيجيريا، وقتل في ذلك الهجوم 13 شخصا. لكن مسألة النقاب وحظر ارتدائه ليست حكرا على القارة الإفريقية، حيث سببت فرنسا لغطا كبيرا عام 2010 عندما أصبحت أول دولة أوروبية يحظر فيها على النسوة تغطية وجوههن في الأماكن العامة. وكان مجلس الشيوخ الفرنسي قد صوت بالإجماع تقريبا لصالح قانون يجعل ارتداء النقاب والبرقع، وكذلك الأقنعة والخوذ التي تخفي هوية الشخص، عملا غير قانوني يخضع للملاحقة. يذكر أنه بفرنسا يوجد نحو 5 ملايين مسلم - أكبر جالية مسلمة في أوروبا الغربية - ويعتقد أن ألفي مسلمة من هؤلاء ترتدين النقاب. وكان الرئيس الفرنسي آنئذ نيكولا ساركوزي قد قال إن النقاب «ليس مرحبا به» في الأراضي الفرنسية، معتبرا إياه «لا يتماشى» مع نموذج الاندماج الفرنسي المرتبط بالعلمانية التي تتبناها الجمهورية الفرنسية والتي يضمنها قانون صدر عام 1984 حظر بموجبه ارتداء أي رمز أو لباس يشير إلى انتماء ديني مهما كان. كما تضمن القانون الفرنسي المناوئ للحجاب عقوبات للذين يجبرون النسوة على ارتداء هذا الزي قد تصل إلى السجن لعام واحد وغرامة قد تصل إلى 32 ألف دولار. وهوجم القانون باعتباره يستهدف المسلمات دون غيرهن، وأحيلت القضية إلى محكمة حقوق الإنسان الأوروبية عام 2014، إلا أن قضاة المحكمة أيدوا ما جاء به القانون وقرروا أنه لا يعد انتهاكا لحقوق الإنسان. وحذت بلجيكا حذو فرنسا في عام 2012، إذ حظرت أي لباس يمنع التعرف على هوية الشخص «لدواع أمنية.» أما هولندا، التي كانت قد منعت النقاب في مدارسها في عام 2007، فقد قررت لاحقا تمديد العمل بهذا الحظر ليشمل الأماكن العامة مثل وسائل النقل والجامعات وبعض المهن المحددة. فعلى سبيل المثال، لا يسمح للعاملين في المحاكم بارتداء النقاب لأنه «يقوض حيادية الدولة»، فيما يطلب من النسوة اللواتي يعملن في مهن تطلب التواصل المباشر تجنب ارتدائه. وبينما لا تحظر أي دول أوروبية أخرى ارتداء النقاب على النطاق الوطني، تلتزم بالحظر مناطق محددة في دول أخرى. فمدينة برشلونة الاسبانية حظرت ارتداء أي لباس يغطي الوجه عام 2010، كما فعلت المحاكم الدنماركية وولاية هيسيه الألمانية وعدد من المدن الإيطالية. ولكن ثمة دول اتجهت في الاتجاه المعاكس بإلغاء قيود كانت سارية لعقود عديدة. فتركيا رفعت الحظر المفروض على ارتداء الحجاب عام 2013 وسط مخاوف عبر عنها حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم بأن الحظر يمنع النسوة المسلمات «الملتزمات» من التقدم في التعليم والحياة العامة. وعبرت المؤسسة العلمانية التركية عن قلقها من أن يكون السماح بارتداء الحجاب الخطوة الأولى نحو هيمنة الإسلام على دولة القانون العلمانية التي أسسها اتاتورك. ولكن شكاوى العلمانيين لم تؤخذ بجدية، وتم تخفيف القيود بحيث سمح للنسوة بارتداء الحجاب، ولو أن النقاب ما زال محظورا. وسوريا أيضا سمحت - منذ عام 2011 - للمدرسات بارتداء النقاب الذي يغطي الوجه، إذ ألغت قرارا كان قد أصدره وزير التعليم العالي بحظر هذا الزي وسط قلق من تصاعد موجة التطرف في أوساط الطالبات المسلمات. أما تونس فقد رفعت الحظر على ارتداء النقاب عام 2011، وكانت النسوة التونسيات تعرضن لضغوط من جانب الدولة لإجبارهن على التخلي عن الحجاب، الذي كانت الحكومة تنظر إليه باعتباره «لباسا طائفيا.»