أزيد من مليون مواطن مغربي مصاب بمرض القصور الكلوي ، و تزداد أعداد المصابين بوتيرة سريعة كل سنة ، إذ يتم اكتشاف ما يقارب 4000 حالة سنويا . ويمثل هذا المرض ما بين 10 إلى 20 بالمائة من أسباب الوفيات في المغرب بسبب مضاعفاته السيئة والخطيرة على الإنسان، سواء على المستوى الصحي أو النفسي أو الاجتماعي... ومن بين 1500 إلى 2000 مريض يدركون سنويا المرحلة النهائية من القصور الكلوي المزمن، جزء قليل منهم يتمكنون من الاستفادة من تصفية الدم. وغالبية هؤلاء المرضى لا يقوون على الاستفادة في الوقت المناسب من العلاج بشكل ملائم، كما أن التشخيص لا يكون مبكرا مما يؤدي بهم إلى المرحلة النهائية من القصور الكلوي المزمن. و يشكل ارتفاع الضغط الشرياني وداء السكري العاملين الأكثر خطورة في التسبب بحالات أمراض الكلى ، إذ أنهما مسؤولان عن حوالي ثلث حالات مرض الكلى المزمن والفشل الكلوي، بحيث تشير الدراسات العالمية الى أن مرض السكري مسؤول بشكل مباشر عن نحو 40 بالمئة من حالات الفشل الكلوي في العالم، وأن ارتفاع ضغط الدم مسؤول عن 25 بالمئة من المرض نفسه، وهي إحصائيات مماثلة تقريبا للوضع في المغرب وفق الاحصائيات المتداولة . و تتطلب هذه الأمراض المزمنة الخضوع لعملية تصفية الدم ( الدياليز ) أو إجراء عملية زرع كلية . وهذه العلاجات رغم فعاليتها وأهميتها بالنسبة لسلامة الانسان، فإنها ليست دوما في المتناول و تتطلب تكاليف باهظة يعجز المرضى عن تغطيتها ، علما بأن أغلبهم من الطبقات الشعبية الفقيرة، وهي تكاليف تثقل بشكل كبير على ميزانيات المصابين وأسرهم مما يدفع بعضهم الى بيع ممتلكاته من اجل البقاء على قيد الحياة . وفي هذا الإطار، وحسب معطيات رسمية، يخضع 17 ألف مريض لعملية غسل الكلي في حوالي 200 مركز مرجعي عمومي ومراكز بالقطاع الخاص والمصحات ، فيما تتم 1300 عملية غسل جديدة سنويا، بينما لايتجاوز عدد عمليات زرع الكلي 400 عملية. وبالتمعن في المعطيات الرقمية المتوفرة ، يظهر أن دائرة انتشار المرض في اتساع متواصل ومستمر مؤدية الى ارتفاع مقلق لعدد المصابين بداء السكري وارتفاع ضغط الدم، مقابل ضعف قدرة القطاع العمومي على الاستيعاب مقارنة بمعدل انتشار المرض و ارتفاع التكاليف المترتبة عنه والكلفة الباهظة للعلاج في القطاع الخاص . فأغلب المصابين ليست لديهم تغطية صحية عبر تأمين صحي، إذ أن معظمهم يحمل « بطاقة الراميد» التي تظل دون فائدة تذكر في ما يخص تلبية عدد من الحاجيات والمتطلبات الصحية، ويضطر المريض لشراء الأدوية من الصيدليات. ورغم أن نسبة هامة من مرضى القصور الكلوي يتم علاجهم داخل المستشفيات العمومية والمراكز المرجعية العمومية و عدد من الجمعيات الاحسانية مجانا ، فإن المعطيات المتعلقة بالتجهيزات تفيد، بما لايدع مجالا للشك، أن المعدات والآليات المتوفرة ببلادنا غير كافية، بحيث لانتوفر سوى على 200 آلة غسيل كلية، أي آلة لكل 13.6 مريضاً، في حين تبلغ نسبة المرضى لعدد آلات الغسيل في اليابان ، مثلا ، 2.38 مريض لكل آلة، و3 مرضى لكل آلة غسيل في السعودية و4 في فرنسا، ومعدل النسب العالمية لا تزيد عن (4) مرضى لكل جهاز. وتظل التصريحات والتطمينات المتعددة للحكومة بخصوص مجانية العلاج بالنسبة للمرضى ذوي القصور الكلوي، وخاصة من حاملي بطاقة الراميد، مجرد شعارات لم تصل بعد الى الترجمة الفعلية على أرض الواقع .وهي وضعية تؤكدها الاستغاثات والتوسلات اليومية للمرضى أمام المستشفيات والمراكز المرجعية لتصفية الدم. و يستمر الضعف في علاج كافة المصابين باعتبار أن المغرب مازال يفتقد، بشكل كبير، للوسائل والإمكانات والأجهزة الطبية والعلمية والأدوية ، فضلا عن ندرة الكفاءات البشرية من أطباء وممرضين مختصين في تصفية الدم وغسل الكلي وتقديم خدمات علاجية ذات الجودة المطلوبة لمرضى القصور الكلوي. فأغلب المراكز المختصة في غسل الكلي ، تشكو من ضعف القدرة الاستيعابية للطلبات الجديدة بسبب قلة الأجهزة و تعطل بعضها وتقادم ما هو متوفر منها في عدد من الجهات، مما يضع المرضى في لوائح الانتظار لفترات طويلة تؤدي بهم الى الفشل الكلوي المزمن والحاد، ومن جانب آخر، وبسبب تزايد أعداد المصابين، تراجعت حصص التصفية من 4 ساعات في المعدل الى ساعتين او اقل، كما تراجع عدد الحصص الأسبوعية من حصتين الى حصة واحدة، وهي غير كافية باعتبار ان المريض في حاجة ماسة إلى ثلاث حصص للعلاج في الأسبوع ، مما يعرض المرضى لمضاعفات ويرفع من نسبة الوفيات.