جعل الشاعر عبد القادر وساط (المشهور ب: «أبوسلمى») من شبكة الكلمات المسهمة فرصة/فسحة لاجتماع الأصدقاء والأتراب (وأحيانا أفراد الأسرة)، حول «مائدة» المتعة والفائدة، فرصة للتسلية وقدح زناد الفكر وتشغيل الذكاء وإغناء المعرفة. «الاشتغال» على شبكة عبد القادر مناسبة لفك مغالق المقالب والألغاز اللغوية والثقافية والمشاهد الحياتية وسلوكات بعض النماذج البشرية (الرشوة الانتهازية الكسل الأنانية...) التعاريف دقيقة، والأخطاء اللغوية (المستشرية لدى بعض صناع الشبكات) غير مسموح بها . التعاريف لا تهتم بتكديس المعارف ومراكمة المعلومات، بقدر ما تحفل بإعلاء ملكات التفكير وإعمال الذكاء بطريقة تنم عن هم بيداغوجي وهاجس عقلاني تثقيفي، ومقصد ترفيهي راقٍ، بأداة تبين عن اطلاع واسع وثقافة موسوعية وامتلاك واع لدقائق اللغة وخبايا الآداب والثقافة العربية (القديمة والحديثة) والأجنبية، وتحولات علوم العصر ونظرياته وتقنياته مع الالتزام ببساطة التعبير ويسر الأسلوب لمخاطبة جمهور واسع يتفاعل مع الشبكة ويستفيد منها بشكل مضاعَف (المتعة والفائدة) . وبالفعل فقد استطاع أبو سلمى أن يخاطب شريحة واسعة من المتلقين في أوساط الطلبة والأساتذة والمثقفين، والحِرَفيين والمواطنين البسطاء أيضا، من ماسحي الأحذية والباعة المتجولين... الذين ساعدهم الحظ في فك رموز الأبجدية. أبو سلمى أتاح الفرصة لازدهار «حرفة» نسخ الشبكة والتجول بها في الشوارع وبين المقاهي مع النداء على أنها شبكة «أبو سلمى» لإغراء «الزبون» وضمان مبادرة «الشراء» !! . كما أن العديد من معدي شبكات الكلمات المسهمة (أو المتقاطعة)، في بعض المنابر الصحفية المغربية صاروا يقتفون آثار تعاريف أبو سلمى (ويستنسخونها أحيانا)، مما مكن من تحسين «أدائهم» . الجميل في شبكات عبد القادر وساط أنها تؤدي خدمات لغوية وثقافية وتربوية... قد لا تؤديها العديد من الوسائل والوسائط التقليدية . وتتمثل تلك الخدمات في إغناء الرصيد اللغوي وصقل الذائقة اللغوية وشحذ الذهن وتشغيل العقل والذكاء، إضافة إلى إغناء المعارف المختلفة... وذلك بطريقة ممتعة غير مباشرة، وبدون تلقين أو وعظ أو إرشاد، أو استعراض محنط لتعاريف المعاجم، وإنما في إطار مرح ولعب بالكلمات، وانفتاح للذهن لتلقي التعاليم والإسهام في بلورتها . لا يترك أبو سلمى أي مجال من مجالات الثقافة والمعرفة إلا استلهمه في شبكته، من الأدب إلى التاريخ، إلى العلوم، إلى الفكر والفن والتراث الشعبي والديني والثقافة القرآنية (شبكاته المتخصصة ليوم الجمعة، مثلا) والأمثال والعامية المغربية... بطريقة مسلية ودون تكرار ممل، رغم أنه يشتغل في المجال منذ ما يقرب من ربع قرن من الزمن (أخذ ينشر شبكاته في جريدة الاتحاد الاشتراكي وغيرها، بشكل منتظم، منذ 1986) . ف»المعالج» لشبكته لا يشعر أنه يعبئ شبكة سابقة، وإنما يحس أن «أبو سلمى» يمتلك قدرات هائلة على توليد التعاريف، في تنويعات متجددة، متعددة، لنفس اللفظة الواحدة. وليس ذلك بغريب على شاعر مبدع رقيق، ومثقف كبير ذواقة (صائد لفرائد الضاد ودررها) ، امتلك ناصية اللغة وخبر خباياها، وامتطى ركاب الخيال الشعري، وخاض في حقول الأدب والفكر والعلم والثقافة، واعتاد التعامل اليومي مع أشواق النفس البشرية وأعطابها من خلال عمله كاختصاصي في الطب العقلي . وحتى عندما تتكرر بعض التعاريف في بعض الشبكات، فإن ذلك يكون، غالبا من أجل التثبيت، انطلاقا من الهاجس التعليمي الذي ذكرناه آنفا . الدكتور عبد القادر وساط من مواليد اليوسفية التي سماها الكاتب القصصي إدريس الخوري، «مدينة التراب»، من أسرة عمالية. هو قاص وشاعر، نشر قصائده في الملحق الثقافي لجريدة «المحرر» و»الاتحاد الاشتراكي» وفي المجلات المغربية والعربية . وهو شاعر مُقِلّ، ولم يُنشَر له، لحد الآن، أيّ ديوان. ويؤثَر عن الشاعر المغربي الجميل الراحل أحمد المجاطي، صاحب الديوان الشعري الوحيد: «الفروسية»، رحمه الله، أنه قال عن عبد القادر وساط: «يمكن أن أنتظر سنة كاملة لا أقرأ قصيدة للشاعر وساط عبد القادر، على أن أقرأ يوميا لشعراء واهمين... فهو لا ينشر القصيدة باستسهال» (الشاعر نقوس المهدي). وهي شهادة من شاعر كبير وناقد أدبي أيضا، لا يطلق الكلام على عواهنه. فهل زاد اشتغال وساط، بشكل يومي، ب»شعرية» الكلمات المسهمة، إضافة إلى التزامات مهنة الطب، من إقلاله، في مجال الإبداع الشعري؟ لأبو سلمى أيضا، دراسات في علم النفس والطب العقلي والأدب واللغة، كما أنه مترجم كبير كذلك. وقد أشرف (بمعية مجموعة من الكتاب والمبدعين المغاربة)، على إصدار موسوعتين هامتين: الأولى للكبار، هي موسوعة «المعارف الحديثة». وهي تتكون من 3000 صفحة، موزعة على 20 مجلدا، وتشتمل على أكثر من800 ملف، في الآداب والفنون والحضارات والطب والاقتصاد والعلوم والتاريخ والمشاهير ... أما الثانية، فهي موسوعة «الصفوة» للناشئة، في سبعة أجزاء، شارك فيها إلى جانب اللغوي المغربي الراحل، الأخضر غزال، والشاعر مبارك وساط (أخيه) والأديب والمترجم: محمد الشركي... وتشتمل الموسوعة، وهي غنية بالصور والرسوم والخرائط والجداول، على 520 صفحة بالألوان، في 7 أجزاء و100محور من صميم اهتمامات الأطفال واليافعين، في العلوم والتقنيات والتاريخ والجغرافية والثقافة العامة وملفات عن المغرب ومصر والنحو العربي والرياضيات ... يشتهر عبد القادر وساط، في أوساط معارفه بالتواضع وتجنب الأضواء والعمل في صمت، في الظل، وقد تجلت بعض هذه الصفات على شاعرنا، حين استضافه الشاعر والإعلامي: ياسين عدنان في برنامجه التلفزي: «مشارف»، في الصيف الماضي (2010)، وهي المرة الأولى، فيما أعلم التي يظهر فيها في التلفزيون، حيث بدا أبو سلمى متواضعا خجولا حَييا متهيبا للكاميرا، وكأنه ليس ذلك الإعلامي المتمرس باللعب بالألفاظ والكلمات وصاحب المقالب الذكية والجريئة والمراوغة أيضا... في إبداع التعاريف وتحدي قراء الصحف ومحبي الكلمات المسهمة، والسفر في منعرجات اللغة والأدب والعلم والثقافة الشعبية والعالمة... في ختام هذه الورقة، نورد هنا، نماذج من تعاريف «أبو سلمى»، ذات النكهة المسلية والباعثة على إعمال الفكير وتحريك الذكاء: 1 له باب واسع، لكن لا يدخله من هب ودب . 2 من دعاة التربية الجنسية في الروض. 3 مشهود له بالبراءة . 4 يتوجهون نحو الكارثة . 5 كان يزن جيدا ما يقول . 6 تظهر رقبتها في الظلام، وتختفي في الضوء . 7 تنطبق عليه قولة: «إياكِ أعني واسمعي يا جارة» . 8 من أفراد الطبقة القادحة . 9 نشاط يدوي يبعث، فعلا، على التشجيع. 10 الحصى لمن عصى . 11 تصير حرة خارج البحر . . 12 لا يتنافى مع الحديث . 13 يضمن حقوق النشر . 14 أساس النقد بالنسبة إلى نجيب محفوظ . 15 لم يكتف بأكل التفاحة التي سقطت عليه .. 16 يُضرَب المثل بجده في القدم . 17 ابن الجبل؟ 18 يضع قدميه على أرض الواقع . 19 يثير الغبار في جميع الفصول . 20 يُصوَّر بطريقة أو بأخرى في بعض مناطق المغرب . أما الحلول فهي: (1 التاريخ 2 النفزاوي 3 المخترع 4 رجال المطافئ 5 الفراهيدي 6 الضاد 7 التعريض 8 النمام 9 التصفيق 10 الرجم 11 القصيدة 12 المغزل 13 السطح 14 الجنيه 15 نيوتن 16 النمل 17 فأر 18 الحافي 19 الطباشير 20 أغروم .)