الدرهم يتراجع بنسبة 1,18 في المائة مقابل الدولار الأمريكي بين شهري شتنبر وأكتوبر (بنك المغرب)    الطرمونية: حزب الاستقلال يسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة بدكالة    وقفات تضامنية مع غزة ولبنان بعدد من مدن المملكة        الدريوش يتلقى استدعاء لتمثيل هولندا    عدد وفيات مغاربة فالنسيا بسبب الفيضانات بلغ 5 ضحايا و10 مفقودين    دهس عمدي يوقف 7 أشخاص بالبيضاء    بواسطة برلمانية.. وهبي يلتقي جمعية هيئات المحامين بالمغرب غدا السبت    فعاليات الملتقى الجهوي الثالث للتحسيس بمرض الهيموفيليا المنعقد بتطوان    منظمات أمازيغية تراسل رئيس الجمهورية الفرنسية حول استثناء تعليم اللغة الأمازيغية    الوسيط يعلن نجاح الوساطة في حل أزمة طلبة الطب والصيدلة    مدافع الوداد جمال حركاس: تمثيل "أسود الأطلس" حلم تحقق        قيود الاتحاد الأوروبي على تحويلات الأموال.. هل تُعرقل تحويلات المغاربة في الخارج؟    أكديطال تتجه لتشييد مصحة حديثة بالحسيمة لتقريب الرعاية الصحية    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    سانت لوسيا تشيد بالمبادرات الملكية بشأن الساحل والمحيط الأطلسي    حجوي: 2024 عرفت المصادقة على 216 نصا قانونيا    ابنة أردوغان: تمنيت أن أكون مغربية لأشارك من أسود الأطلس الدفاع عن فلسطين    افتتاح الدورة 25 لمهرجان الأرز العالمي للفيلم القصير بإفران    التصفيات المؤهلة لكأس إفريقيا لكرة السلة 2025.. المنتخب المغربي يدخل معسكرا تحضيريا    الطفرة الصناعية في طنجة تجلعها ثاني أكبر مدينة في المغرب من حيث السكان    أسعار الغذاء العالمية ترتفع لأعلى مستوى في 18 شهرا    دوري الأمم الأوروبية.. دي لا فوينتي يكشف عن قائمة المنتخب الإسباني لكرة القدم    من مراكش.. انطلاق أشغال الدورة الثانية والعشرين للمؤتمر العالمي حول تقنية المساعدة الطبية على الإنجاب    ظاهرة "السليت والعْصِير" أمام المدارس والكلام الساقط.. تترجم حال واقع التعليم بالمغرب! (فيديو)    بيع أول لوحة فنية من توقيع روبوت بأكثر من مليون دولار في مزاد    مصدر من داخل المنتخب يكشف الأسباب الحقيقية وراء استبعاد زياش    وسيط المملكة يعلن عن نجاح تسوية طلبة الطب ويدعو لمواصلة الحوار الهادئ    "أيا" تطلق مصنع كبير لمعالجة 2000 طن من الفضة يوميا في زكوندر    كوشنر صهر ترامب يستبعد الانضمام لإدارته الجديدة    الهوية المغربية تناقَش بالشارقة .. روافدُ وصداماتٌ وحاجة إلى "التسامي بالجذور"    بعد 11 شهرا من الاحتقان.. مؤسسة الوسيط تعلن نهاية أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة    هزة أرضية خفيفة نواحي إقليم الحوز    بحضور زياش.. غلطة سراي يلحق الهزيمة الأولى بتوتنهام والنصيري يزور شباك ألكمار    الجنسية المغربية للبطلان إسماعيل وإسلام نورديف    كيف ضاع الحلم يا شعوب المغرب الكبير!؟        ارتفاع أسعار الذهب عقب خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة    متوسط عدد أفراد الأسرة المغربية ينخفض إلى 3,9 و7 مدن تضم 37.8% من السكان    إدوارد سعيد: فلاسفة فرنسيون والصراع في الشرق الأوسط        تقييد المبادلات التجارية بين البلدين.. الجزائر تنفي وفرنسا لا علم لها    حظر ذ بح إناث الماشية يثير الجدل بين مهنيي اللحوم الحمراء    خمسة جرحى من قوات اليونيفيل في غارة إسرائيلية على مدينة جنوب لبنان    المنصوري: وزراء الPPS سيروا قطاع الإسكان 9 سنوات ولم يشتغلوا والآن يعطون الدروس عن الصفيح    طلبة الطب يضعون حدا لإضرابهم بتوقيع اتفاق مع الحكومة إثر تصويت ثاني لصالح العودة للدراسة    إسبانيا تمنع رسو سفن محملة بأسلحة لإسرائيل في موانئها    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



7 أسئلة لفهم الدينامية الجديدة للمغرب في إفريقيا

خلال الزيارات الملكية الأخيرة لدول إفريقيا، مر المغرب إلى السرعة القصوى في ديناميته الجديدة بالقارة السمراء. وقد لقيت هذه الدينامية تجاوبا كبيرا من طرف جميع العواصم التي نزل بها العاهل المغربي، وهو التجاوب الذي ترجمته عشرات الاتفاقيات والصفقات الهامة الموقعة في شرق القارة كما في غربها..
ويكمن سر التجاوب الإفريقي مع هذه الدينامية الجديدة التي أطلقها المغرب، في المبادئ البراغماتية والواقعية التي بنى عليها المغرب استراتيجيته لولوج الفضاء الاقتصادي لإفريقيا، والمتمثلة في المصلحة المشتركة التي يخدمها التعاون جنوبجنوب، ما جعل مبادئ»رابح رابح» و «خيرات افريقيا من أجل إفريقيا» و «التنمية المتكاملة» و «المصير المشترك» .. تشكل عناوين رئيسية لمعظم الاتفاقيات الاقتصادية التي وقعها المغرب مع شركائه الأفارقة.
وإذا كان المغرب قد نجح خلال السنوات العشر الأخيرة في بلورة سياسة متكاملة للتوسع الاقتصادي في بلدان القارة السمراء، حيث كثفت العديد من المقاولات المغربية الكبرى، سواء في القطاع العام أو الخاص، من استثماراتها الموجهة إلى إفريقيا..فإن ذلك قد بدأ بالفعل ينعكس على ميزانه التجاري وهو ما سيتطور مستقبلا وبسرعة أكبر عند الشروع في ترجمة هذا الجيل الجديد من الاتفاقيات الموقعة أخيرا مع دول إفريقيا على أرض الواقع، والتي تعد بالشئ الكثير لصالح دول المنطقة ..فإلى أي حد يمكن لهذه الدينامية أن تفي بوعودها؟
1 ما مدى واقعية وعود أنبوب الغاز المغربي النيجيري؟
يشكل أنبوب الغاز المغربي النيجيري فرصة ثمينة لتعزيز الاندماج الإقليمي في غرب إفريقيا ولتحرير إمكانيات وطاقات اقتصادية جديدة بالمنطقة. من بين أبرز وعود المشروع إنشاء سوق إقليمية للغاز الطبيعي والكهرباء وفتح إمكانيات تصديرها إلى أوروبا.
المشروع لن ينطلق من الصفر، إذ يربط خط أنابيب أربع دول في جنوب غرب أوروبا، وهي نيجيريا وبنين والتوغو وغانا. ويبلغ طول هذا الشطر الذي شيد بين 2005 و2008 نحو 670 كيلومترا، وشيد على في عرض البحر على بعد 17 كيلومترا في المتوسط عن الشاطيء.
قبل تشييد هذا الأنبوب، كانت نيجيريا تحرق زهاء 60 ألف متر مكعب من الغاز في اليوم، وهو ما يعادل وفقا للبنك الدولي إجمالي حاجيات إفريقيا الغربية بكاملها من الطاقة. ومنذ انطلاق خط الأنابيب أصبح جزء أساسي من الغاز النيجيري يصدر للدول الأربع حيث يستخدم أساسا في إنتاج الكهرباء.
غير أن وقع مد خط الأنابيب سرعان ما تجاوز البعد التجاري المحض. فظهور بنيات تحتية مستهلكة للغاز، خاصة المحطات الكهربائية الحرارية، حفز الشركات النفطية على الاهتمام بقدرات المنطقة ومؤهلاتها النفطية، وأعطى دفعة كبيرة للتنقيب عن الغاز، توجت باكتشافات جديدة في البلدان المجاورة، خاصة غانا التي تعتبر أكبر مستهلك للغاز النيجيري وأكثر بلدان المنطقة تعميما للكهرباء إذ يغطي 85 في المئة من السكان. وبفضل توالي الاكتشافات في السنوات الأخيرة، أصبحت غينيا تتجه نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز.
في خضم ذلك، ازداد نشاط الشركات النفطية في مجال التنقيب عن النفط والغاز على السواحل الأطلسية لبلدان غرب إفريقيا. وبدأت الاكتشافات تتولى، خاصة في عرض البحر، إلى أن تأثرت بتداعيات انخفاض أسعار النفط خلال العامين الماضيين وتقليص الشركات لميزانياتها الموجهة للتنقيب. غير أن إطلاق المشروع المغربي النيجيري أعاد الحرارة والحماس لهذا النشاط مع الآفاق الجديدة التي فتحها، سواء من خلال إمكانيات التصدير ﻷوروبا أم على مستوى تطوير السوق الإقليمية من خلال مشاريع المنصات الصناعية أو المحطات الكهربائية.
وللإشارة، فالغاز الطبيعي يستخدم في العديد من الصناعات كمصدر للطاقة الحرارية، كما يستخدم كمادة أولية في بعض الصناعات الكيماوية مثل صناعة الأسمدة، ومن هنا أهمية المشاريع الاستثمارية الضخمة للمجمع الشريف للفوسفاط بإفريقيا الغربية كأحد المستهلكين الكبار للغاز الطبيعي.
2 كيف ستصدر إفريقيا
الطاقة إلى أوربا عبر المغرب؟
أما بالنسبة لآفاق التصدير، فالمغرب يتوفر على ربط مع أوروبا بأنبوب الغاز الأورو مغاربي تحت البحر عبر مضيق جبل طارق، والذي تستغله حاليا الجزائر في إطار اتفاقية ستنتهي في 2021. أما عن تصدير الكهرباء، فتجدر الإشارة إلى أن المغرب خطا خطوة كبيرة، واستباقية، في هذا المجال بتوقيع اتفاقية مع أوروبا تسمح له بتصدير الكهرباء المنتج في المغرب وإفريقيا الغربية إلى بلدان الاتحاد الأوروبي. ووقعت الاتفاقية في مراكش خلال كوب 22 بين المغرب، من جهة، ووزراء الطاقة في ألمانيا والبرتغال واسبانيا وفرنسا، من جهة ثانية، بالإضافة إلى المفوض الأوروبي للطاقة ميغل أرياس كانيتي.
ويتوفر المغرب حاليا على ربط كهربائي تحت بحري مع إسبانيا، ويتجه إلى مضاعفته عبر الاستثمار في خط جديد، كما تجري دراسة مشتركة بين المغرب والبرتغال لإنشاء ربط كهربائي تحت البحر بين البلدين. أما بالنسبة لفرنسا التي تحفظت على مد خط كهربائي في اتجاه إسبانيا عبر جبال البيرني نظرا للطابع الإيكولوجي لهذه المنطقة، فأعلنت عن استعدادها لبحث إمكانية ربط كهربائي تحت بحري مع المغرب.
هذه الآفاق الجديدة، أعطت إشارات ورسائل تلقتها الشركات الاستثمارية سواء في مجال التنقيب عن الغاز أو في مجال إنشاء محطات الكهرباء والصناعات المستهلكة للغاز. فبوجود سوق وبنيات تحتية مناسبة ، لن تتأخر الاستثمارات.
وفي هذا السياق، أعلنت كوسموس إنيرجي قبل أيام مضاعفة ميزانيتها للتنقيب عن الغاز في أوروبا الغربية، مشيرة إلى أن اكتشافاتها الأخيرة في عرض البحر على الحدود الموريتانية السينغالية ذات أهمية عالية ومشجعة للمضي قدما في التنقيب عن النفط في سواحل غرب إفريقيا.
3 ما موقع «المخطط الغازي الكبير» ضمن هذه الدينامية الإفريقية؟
من المنتظر أن يعلن المغرب في غضون الشهور القليلة القادمة، وبالضبط قبل مارس 2017، عن الشركات التي ستحظى بإنشاء مشروع محطة الغاز الطبيعي المسال بمنطقة الجرف الأصفر ، هذا المشروع العملاق الذي سيكلف قرابة 4.6 مليار دولار ، وربما أكثر، سيشكل النواة الصلبة لما يسميه المغرب «المخطط الغازي الكبير» وهو مخطط تسعى المملكة من ورائه إلى تحقيق نوع من الاستقلالية الطاقية التي ستسمح أولا بتلبية الطلب الداخلي المتزايد على الطاقة وثانيا بتطوير تنافسيتها الصناعية و قدراتها التصديرية التي مازالت تئن تحت وطأة التبعية الطاقية علما بأن المغرب يستورد حاليا 96 % من احتياجاته الطاقية. وهو ما جعله يتجه نحو تقليص هذا العجز، بنهج سياسة اقتصاد صارمة في مجال استهلاك الطاقة، وكذا تنويع باقته الطاقية..
ويسيل المخطط الغازي الكبير للمغرب لعاب العشرات من الشركات الوطنية والدولية التي أعربت عن رغبتها في المشاركة في المشروع ، ومن المفترض قبل شتنبر 2017 أن تنتهي المفاوضات ويتم الاختيار، وبعد ذلك، في أكتوبر ، سوف تبدأ عملية بناء المحطة، والتي ستستمر حتى دجنبر من عام 2020 لتكون جاهزة عمليا في 2021.
وتبلغ قدرة المشروع الإجمالية 2.7 ميغاواط، والإنتاج سيتراوح بين 5 و 8 مليار متر مكعب من الغاز، وسيتضمن المشروع بناء المحطة، ومستودعات التخزين، وبناء معمل لإعادة تحويل الغاز، على أن يكون طول خط الأنابيب 400 كيلو مترا، فضلا عن بناء البنية التحتية للمشروع.
وتقضي خارطة الطريق بمنح المغرب إمكانية تطوير قدراته في مجال الإنتاج الكهربائي، من خلال إدخال الغاز الطبيعي المسال عبر 3 مصادر: الأول، هو الموجود حاليا، ويتعلق بالأنبوب الذي ينطلق من الجزائر نحو أوروبا ويمر عبر المغرب، ويوفر نحو مليار متر مكعب من الغاز، والثاني هو الاستيراد على المستوى الدولي، أما المصدر الثالث فهو داخلي. مع التذكير بأن الغاز الطبيعي المكتشف في المغرب ما زال ضعيفا و لا يتعدى بضعة ملايين من الأمتار المكعبة ، وإن كانت هناك مؤشرات مشجعة للتنقيب عن الغاز قد ترفع هذه الملايين إلى بضعة ملايير ، غير أن ذلك – حسب ما صرح لنا به وزير الطاقة والمعادن عبد القادر اعمارة – لن يكفي في أحسن الحالات لسد حاجيات الاستهلاك الوطني، خصوصا بسبب ارتفاع الاستهلاك الوطني للطاقة الكهربائية بحوالي 6 في المئة سنويا.
اما بالنسبة للشق المالي للمشروع الذي يتطلب استثمارا بقيمة 4.6 ملايير دولار، فستجري تعبئة الحصة الكبرى منها من خلال مستثمرين خواص، ومؤسسات وطنية ودولية في إطار عقود امتياز. ويقوم المخطط الوطني لتطوير الغاز الطبيعي المسال على اختيار الشركاء الوطنيين والدوليين، في إطار مساطر شفافة وتنافسية، خاصة من خلال طلبات إبداء الاهتمام وطلبات العروض. ويروم المخطط الوطني لتطوير الغاز الطبيعي المسال إنجاز البنية التحتية الأساسية الضرورية لاستلام الغاز الطبيعي المسال، وتحويله ونقله واستخدامه في إنتاج الطاقة الكهربائية والصناعة، كما يهدف المخطط إلى الاستجابة للطلب الوطني على الكهرباء، وتقليص تبعية المغرب الطاقية للخارج وللمصادر التقليدية، من خلال تزايد أهمية الطاقات المتجددة وتثمين الموارد الطاقية المحلية، وتأمين تزويد المحطات الكهربائية ذات الدارة المركبة، خاصة بعد انقضاء أجل اتفاقية نقل الغاز الجزائري بواسطة أنبوب المغرب العربي-أوروبا في نونبر 2021 وعقد التموين بالغاز الطبيعي من قبل "سوناطراك" الجزائرية .
4 كيف تنعكس الدينامية الجديدة للمغرب على صادراته نحو إفريقيا؟
عرفت التجارة البينية للمغرب مع إفريقيا انتعاشا كبيرا خلال السنوات الأخيرة. ففي سياق الديناميكية الجديدة التي أعطتها الزيارات الملكية للعلاقات التجارية مع إفريقيا ارتفعت قيمة صادرات المغرب إلى القارة السمراء بنسبة 98 في المئة بين 2010 و2015. ونتج هذا الارتفاع أساسا عن زيادة صادرات السلع المصنعة من مختلف الأنواع، خاصة السلع النصف مصنعة التي ارتفعت بنسبة 187 في المئة خلال هذه الفترة، والمنتجات الصناعية الاستهلاكية التي ارتفعت بنسبة 144 في المئة، ومنتجات الصناعات الغذائية التي ارتفعت بنسبة 144 في المئة.
وأصبحت تركيبة صادرات المغرب إلى إفريقيا تعكس تركيبة بلد صناعي، إذ تكونت بنسبة 36 في المئة من المنتجات النصف مصنعة، وبنسبة 25 في المئة من منتجات الصناعات الغذائية، و20 في المئة من المنتجات الصناعية الاستهلاكية و14 في المئة من منتجات صناعية تجهيزية. في حين لم تعد تشكل المواد الخام المعدنية والنباتية والحيوانية سوى حصة 3.7 في المئة من صادرات المغرب إلى إفريقيا.
وفي هذا السياق، وجدت بعض السلع التصديرية المغربية التقليدية، التي كانت دائما تواجه صعوبات في الأسواق التقليدية، خاصة أوروبا، طريقها إلى الأسواق الإفريقية محققة معدلات نمو كبيرة. فصادرات الحوامض إلى إفريقيا عرفت زيادة بنسبة 87 في المئة بين 2010 و2015، كما عرفت صادرات الطماطم زيادة بنسبة 46 في المئة خلال نفس الفترة. فأما صادرات صناعة الأحذية التي تواجه منافسة شديدة في الأسواق التقليدية عرفت ارتفاعا بنسبة 170 في المئة في الأسواق الإفريقية خلال نفس الفترة. وعرفت صادرات صناعة الألبسة بدورها زيادة بنسبة 40 في المئة.
شكلت إفريقيا منفذا جديدا لصادرات الفوسفاط، خاصة الصناعية. فقد ارتفعت قيمة صادرات الأسمدة إلى إفريقيا خلال هذه الفترة بنسبة 315 في المئة، وبلغت 4.25 مليار درهم في 2015، وذلك في الوقت الذي تراجعت فيه هذه الصادرات في باقي مناطق العالم بسبب التقلبات التي تعرفها أسواق الفوسفاط ومشتقاته وانخفاض الأسعار نتيجة الصعود الصيني وارتفاع مخزون كبار المستهلكين في أمريكا وآسيا.
وإلى جانب الصادرات التقليدية للمغرب، وجدت منتجات المهن الدولية الجديدة أيضا طريقها إلى إفريقيا. فصادرات قطاع السيارات ارتفعت خلال هذه الفترة بنسبة 400 في المئة، إذ مرت من 482 مليون درهم في 2010 إلى 2.44 مليار درهم في 2015.
5 ما الذي يجعل المنتجات النفطية تهيمن على 90 من واردات المغرب الافريقية؟
صحيح أن واردات المغرب من إفريقيا ارتفعت فقط بنسبة 5.12 في المئة من حيث القيمة خلال الفترة بين 2010 و2015، مقابل ارتفاع بنسبة 98 في المئة في صادرات المغرب. غير أن هذه الوتيرة الضعيفة لنمو الصادرات الإفريقية للمغرب من حيث القيمة تخفي نموا قويا من حيث الحجم، والذي بلغ نسبة 85 في المئة خلال هذه الفترة. وهذا التفاوت ناتج بالأساس عن تأثر قيمة الصادرات الإفريقية بسبب انهيار أسعار النفط والمواد الأولية في الأسواق العالمية.
وللإشارة، فإن المنتجات النفطية تهيمن على واردات المغرب من إفريقيا، إذ تمثل نسبة 90 في المئة من حيث الحجم و60 في المئة من حيث القيمة. ورغم أن واردات المغرب من المنتجات النفطية الإفريقية ارتفعت من حيث الحجم بنسبة 137 في المئة خلال الفترة 2010-2015، إلا أن ارتفاعها من حيث القيمة لم يتجاوز 13 في المئة بسبب انهيار أسعار النفط. وبالتالي فمع عودة أسعار النفط إلى الارتفاع يرتقب أن يتحسن الميزان التجاري لإفريقيا مع المغرب.
وإضافة إلى ذلك، هناك عامل موضوعي آخر يمكن أن يفسر الاختلال النسبي للمبادلات خلال هذه الفترة، ويتجلى في كون المغرب هو صاحب المبادرة في إرساء هذه العلاقات الجديدة. فالمبادرة تمت في إطار زيارات ملكية معدة بدقة وعناية. ويكفي مقارنة تركيبة الوفود المرافقة للملك في السنوات الأخيرة مع ما كانت عليه في السابق لقياس مدى الأهمية التي أصبح يكتسيها البعد الاقتصادي في الزيارات الملكية لإفريقيا. فالغالبية العظمى لأعضاء الوفد مشكلة من فاعلين اقتصاديين ورؤساء مجموعات مالية وصناعية وشركات. وبالتالي فهؤلاء يحلون في البلد المضيف بملفات جاهزة ومشاريع مدروسة. من هنا، فمن الطبيعي أن يحتاج رد الفعل الإفريقي على هذه المبادرة وانخراط الطرف الإفريقي فيها إلى وقت. لذلك فمن المتوقع أن تعرف الصادرات الإفريقية للمغرب توجها اقتصاديا خلال السنوات المقبلة في إطار هذه الديناميكية الاقتصادية. وكنموذج لذلك تطور مبادلات المغرب مع مجموعة دول غرب إفريقيا، التي شكلت المحطات الأولى لهذه الديناميكية. فخلال النصف الأول من العام الحالي، لوحظ استقرار في صادرات المغرب لهذه المنطقة، والتي لم يتجاوز نموها 2.4 في المئة بعد النمو القوي خلال السنوات الماضية، في حين ارتفعت صادرات غرب إفريقيا إلى المغرب بنسبة 25 في المئة خلال النصف الأول من 2016.
6 هل تساهم الدينامية الجديدة للمغرب في قلب موازين التجارة البينية مع إفريقيا؟
إن الدينامية التجارية الجديدة بين المغرب وإفريقيا لا تزال في بدايتها، وتنتظر المبادلات التجارية المغربية الإفريقية آفاقا واعدة مع دخول عشرات الاتفاقيات التي أبرمها المغرب خلال الجولات الملكية الأخيرة مع الدول الإفريقية، حيز التنفيذ، علما بأن جل هذه الاتفاقيات يتعلق بمجالات تسهيل التجارة وحماية الاستثمارات والتنسيق الجبائي، إضافة إلى النتائج المرتقبة لمفاوضات التبادل الحر الجارية مع العديد من الدول الإفريقية، خصوصا مع التكتلات الكبرى كالمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ومجموعة دول شرق إفريقيا.
ويشكل التوسع الإفريقي للبنوك المغربية رافعة أساسية لتنمية العلاقات الاقتصادية، سواء الاستثمارات أو التجارة، من خلال مد القنوات المالية التي تعتبر عصب التجارة والأعمال. وتغطي البنوك المغربية الكبرى حاليا 22 دولة إفريقية عبر شبكة من البنوك، والتي تمكنت من حيازتها إما عبر شراء بنوك موجودة أو إنشاء بنوك جديدة في البلدان المستهدفة.
وتشكل المشاريع الاستثمارية المغربية في إفريقيا بدورها رافعة أساسية لنمو التجارة، خاصة عبر تصدير السلع التجهيزية والمنتجات النصف مصنعة ومدخلات الإنتاج من المغرب، وأبرز مثال على ذلك، مشاريع الاستثمارات المشتركة للمجمع الشريف للفوسفاط في إفريقيا والتي ستشكل منفذا للفوسفاط المغربي ومشتقاته، كما سيكون لهذه الاستثمارات وقع إيجابي على صادرات إفريقيا، ليس فقط في اتجاه المغرب ولكن أيضا لباقي العالم، عندما تكون المشاريع الاستثمارية موجهة للتصدير.
وفي سياق هذه الدينامية الجديدة ، عرفت الاستثمارات المغربية في إفريقيا للعلاقات البينية توسعا منقطع النظير، إذ ارتفعت من نحو 8 مليار درهم في 2010 إلى نحو 30 مليار درهم حاليا. وتتصدر المصارف والاتصالات والعقار والأشغال العمومية هذه الاستثمارات، إلا أنها تشمل قطاعات جد متنوعة كالمناجم والفلاحة والخدمات.
7 هل يتمكن المغرب
من التغلب على إشكالية النقل واللوجيستيك في إفريقيا؟
تعد إشكالية النقل واللوجستيك من أبرز معوقات التجارة البينية للمغرب مع إفريقيا. وفي هذا المضمار، أطلق المغرب أخيرا دراسة حول تطوير منصات لوجيستيكية من أجل تسهيل التجارة والاستثمارات بين المغرب و9 دول إفريقية جنوب الصحراء، وهي موريتانيا، مالي، النيجر، السنغال، غينيا بيساو، ساحل العاج، الكامرون، الغابون، وجيبوتي.
وتهدف الدراسة، التي ستكلف 3.8 مليون درهم، وتقودها الشركة الوطنية للنقل واللوجستيك، إلى القيام بتشخيص للمناخ الاقتصادي والمالي في البلدان المعنية، بهدف تحديد البنيات التحتية اللوجستيكية الموجودة في البلدان المستهدفة، وحجم التدفقات التجارية والاستثمارية لهذه البلدان مع المغرب وآفاق تطورها، ووضع نموذج اقتصادي لمشاريع إنشاء شبكة إقليمية للمنصات اللوجستيكية بين المغرب والبلدان الإفريقية على أساس نتائج التشخيص. ويندرج هذا المشروع في إطار سعي المغرب لإعداد رؤية شاملة للمشروع لتعزيز الاندماج الاقتصادي الإقليمي. ويرتقب الإعلان عن نتائج هذه الدراسة خلال شهر مايو المقبل.
وفي نفس المنوال، يندرج مشروع خط أنابيب الغاز المغربي النيجيري، الذي أعلن عنه أخيرا في سياق الزيارة الملكية لنيجيريا، والذي يهدف إلى إرساء بنية تحتية لسوق مشتركة للغاز والطاقة الكهربائية بين الدول الغرب إفريقية التي سيعبرها، وهي نيجيريا، بنين، التوغو، غانا، ساحل العاج، ليبيريا، سيراليوني، غينيا، غينيا بيساو، غامبيا، السنغال، موريتانيا، المغرب. فخط الأنابيب، سيمكن من نقل الغاز الطبيعي من البلدان الإفريقية المنتجة، خاصة نيجيريا، إلى البلدان التي تحتاج إلى استعماله في المشاريع الصناعية والكهربائية.
ولا بد من الإشارة إلى أن نيجيريا تتخلص من جزء مهم من الغاز الطبيعي الذي تحصل عليه كمنتوج ثانوي في حقول النفط عبر حرقه. وبفضل هذا الأنبوب، سيدخل هذا الغاز ضمن صادراتها بدل أن يتحول إلى دخان يلوث الجو بدون فائدة.
وبالموازاة مع إنشاء الأنبوب، سيتم مد خطوط الربط الكهربائي بين البلدان المعنية، وأيضا مد خطوط الاتصالات والألياف البصرية. وسيشكل المشروع فرصة بالنسبة لاتصالات المغرب، لاستكمال مشروع شبكة الألياف البصرية التي مدتها جنوبا نحو إفريقيا الغربية عبر موريتانيا. وتمتلك اتصالات المغرب حاليا شركات اتصالات في 10 دول إفريقية، وتسعى لتوسيع شبكتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.