زاوية أسبوعية تسلّط من خلالها الدكتورة خديجة موسيار، اختصاصية الطب الباطني وأمراض الشيخوخة الضوء على مجموعة من الأمراض بتعدد أنواعها وأشكالها متلازمة «إهلرز- دانلوس»، هي مرض يتميز بمشكل في النسيج الضام الذي يشكل 75٪ من أنسجة جسم الإنسان، وصف من قبل اثنين من أطباء الأمراض الجلدية والتناسلية الأول دنماركي، «دوارد أهلرز»، والثاني فرنسي، «هنري ألكسندر دانلوس»، اللذان قاما على التوالي بوصف المرض وشرح أسبابه سنة 1899 و 1908، وكان لهما الفضل في إعطاء اسم جديد لهذه المتلازمة، التي هي عبارة عن مجموعة من الاضطرابات الوراثية التي تصيب النسيج الضام الذي تكون فيه الخلايا تسبح في بنية أساسية وألياف تضمن لها الدعم، والحماية، والتغذية، وإلاصلاح، والحركة، والاستجابة المناعية والنمو والتخزين. يؤثر المرض بالأخص على إنتاج الكولاجين، التي هي بروتينات وظيفتها دعم الأنسجة وتحقق لها في نفس الوقت المرونة والقوة مثل قضبان الصلب في الخرسانة المسلحة، وهناك أنواع مختلفة من الكولاجين تتواجد في الجلد والعظام والمفاصل والأوتار والأربطة، والقرنية وعاج الأسنان والأقراص الفقرية وكذلك في جدران الأوعية الدموية، وأغشية الأجهزة، هذه الألياف تلعب دور رابط يدعم تماسك الجسم. ويجب التأكيد على أنه ونظرا لانتشار النسيج الضام في أماكن كثيرة بالجسم فإن الخلل الذي يحدث به يسبب أعراضا وعلامات متعددة، وتتميز متلازمة «إهلرز- دانلوس» بوجود مطاطية أكثر من اللازم في الجلد، وزيادة مدى حركة المفاصل، إلى جانب حدوث مرونة أكثر من اللازمِ بأربطة المفاصل ووجود أنسجة هشة. وتصنف متلازمة «إهلرز دانلوس» إلى عدة أنواع، وقد تم تحديد الجينات المسؤولة على جميع أنواع المرض باستثناء النموذج الأكثر شيوعا الذي تكون فيه زيادة مدى حركة المفاصل، وسببه طفرات في جينات كولاجين ألفا2 وألفا3 وكذا ألفا5، التي تغير بنية الأنسجة الضام وتضعفها، على أن معظم أشكال المرض تنتقل من الآباء إلى الأطفال بصفة سائدة، فإذا كان أحد الآباء حاملا للطفرة المسؤولة عن المرض فإن هناك خطرا في انتقال المرض بنسبة 50٪ إلى الأطفال، وعليه يكون الأشخاص الذين لهم سوابق عائلية للمرض، الأكثر عرضة للمرض، علما أنه في بعض الحالات تظهر طفرات عفوية من دون أن يكون احد من الآباء حاملا للمرض، والتي تقع في جينات مختلفة وبذلك تكون أشكال المرض متنوعة والأعراض متفاوتة. ويعاني المرضى المصابون بمتلازمة «إهلرز دانلوس»، من البنية الغير الطبيعية والهاوية للكولاجين الذي يضر ليس فقط بالجلد الذي يصبح هشا ومطاطيا، قابلا للسحب بعيدا عن الجسد، ولكن أيضا بالمفاصل، التي تصبح غير مستقرة، ومؤلمة جدا. وهناك أشكال نادرة من المرض أكثر شدة، تؤثر على الأوعية الدموية، التي تفقد سمكها ومرونتها مع إمكانية تمزقها، الأمر الذي يمكن أن يسبب نزيفا حادا. وتتباين المضاعفات حسب نوع متلازمة «إهلرز دانلوس»، ومن العلامات وجود تندب كبير، آلام مزمنة للمفاصل أو حتى التهاب المفاصل في وقت مبكر، ويمكن أن تنتج شيخوخة مبكرة بعد التعرض لأشعة الشمس، وكذلك هشاشة العظام.