إيناس : أصابع دائمة المطر ، ألوان تنسل من القلب ، زهرة لوتس ، كائن سحري ، غزالة النيل ، آخر عنقود، جوهرة نفيسة جدا ، وكائنة بصيغة المؤنث في محافظة الجيزة _ العجوزة , تعشق ركوب الدراجة ومتى سنحت الفرصة تقوم بتأجيرها ، فهذه الآلة التي يعشقها كما «فريدي ميركوري» ، وكما تعشق هي « حنان « صديقتها وجارتها التي تتفهم طبيعتها وعزلتها الذهبية . «جلسن عباس « أجمل الأمهات ومديرة المدرسة ، تلقن ابنتها « إيناس « أنها كما السن في المشط بين الأطفال، وأن لا امتياز هاهنا سوى في البيت ، كما ورطتها في الشغف بالقراءة وأسبوع واحد يكفي كي تقرأ إيناس كتب مكتبة المدرسة الجديدة ، ولأنها أنيقة تظل الكتب جديدة كما هي . هذا الجنون بالقراءة جعل «إيناس» مكوكية وسريعة في قراءة النصوص حتى أن أصدقاءها في مدرسة «جلسن» يسمونها ( آلة عد النقود )، وحدث أنها حاولت الهرب من رتابة التمارين ، لكن رقابة الأم المديرة ، وعيونها من جواسيس «مدرسين وأطفال « ، كانت لها بالمرصاد ، فكان الأمر مستحيلا ، ثم يلقى عليها القبض وكثيرا ما تعاقب . قبل أن تفتح الكتابة والقراءة فمها لهذه الأنثى الموغلة في صمتها وإنسانيتها ، كانت مولعة بخربشاتها مبكرا ، تحكي « جلسن « أن «إيناس» وهي في الرابعة من حياتها كانت تأخذ ورقة وكانت مولعة برسم ما يدهشها ويثيرها في شاشة التلفاز، وحين اكتشفت تورطها في الرسم ، أصبحت أهديها ألوانا وأوراقا ،» ومن ثمة الجنون يهذا الفن وألوانه ، ترسم على الورق ، على الجدران ، ولما تسببت في تشويه صباغة البيت صدر الأمر بتخصيص حائط الشرفة كي ارسم عليه ، رغم قلب أجمل الآباء « محمد عمارة» مدرس رياضيات حديثة بمدارس اللغات ، فقط خوفا من أن يكون الرسم ملهاة عن الدرس . في ذاكرة مرسمها الطفولة مازالت تسريحة معلمتها المحيرة والعجيبة التي تشغلها عن متابعة الدرس ، حتى أن خيالها الصغير كان يوحي لها أن السيدة المعلمة نضع كوبا وتلف شعرها حوله خشية من سقوط الكوب ويتشظى. في ذاكرة المرسم ، صورة « جلسن عباس الجميلة والبهية والأنيق ليست لأنها أمها ، لكنها كانت شهيرة باسم المديرة الجميلة .. في الذاكرة مدرس العلوم ،الذي يحول كل درس إلى قصة ورسوم ملونة وبسببه عشقت مادة العلوم.» وفي الذاكرة حادث طريف:»إيناس لا تجيد نطق حرف الراء ، وفي يوم دراسي طلبوا منها أن تؤدي أغنية في الإذاعة المدرسية كلها بحرف الراء ، وكانت دعابة من المدرس ، فبعد الانتهاء من الأغنية اكتشفت اللعبة ، وفوجئت بعاصفة من الضحك « وفي فضاء الذاكرة لا أحد من أصدقاء الابتدائي والثانوي والجامعي ، غير جوزيف ذلك الطفل المسيحي ، الذي كانت تشعر بغربته حين يغادر حصص التربية الدينية وكما لو كان يمارس طقسه الخاص ، حينها انزعجت وكان يجب أن تحس بالغبن . وفي مقبرة الذاكرة أيضا أسوأ اللحظات ..عندما توفي والدها ، وهي على مقعد التعليم المتوسط ، همست لصديقتها مات أبي « ، اندهشت الصديقة ، فقط، حاولت صرف ذاكرتها عن الموت ، ولما عادت إيناس الى البيت ، عرفت فعلا أنه مات وفي تلك اللحظة . في ريبورتوار « إيناس» الكثير من المعارض من كثير من المجموعات الفنية ..مجموعة اللقطة الواحدة ..مجموعة بالقاهرة ومجموعة الجريك كامبس الأمريكية .. «إيناس « سيرتها وكما لو أنها ولدت سيدة ، وستموت طفلة ، عاشقة للأطفال ، كانت مدمنة على قراءة المكتبة الحمراء ثم المكتبة الحمراء ، وقصص كامل كيلاني ،وموسوعة الأطفال العلمية وكتابات أسكار وايلد للأطفال الذي أحببته كاتب للاطفال أكثر منه كاتب روائي وهانز أندرسون وقصص ليدي بيرد ... وتكتب بعض مسلسلات الكرتون للأطفال بعضها عرض في قناة artوالقنوات المصرية المختلفة وكتبت قصص مصورة للأطفال في مجلة اطفال اليوم وعلاء الدين عن مؤسسة الأهرام..اليوم السعودية .. وكثير من كتاباتها كانت نصوصا لمسلسلات كرتون " ميرو ومرمر ، أغاني النحل عارف ... في جبتها كثير من الجوائز كرسامة خلفيات في أفلام الكرتون ومخرج منفذ لبعضها ، من قبيل "جائزة في مهرجان الفرسان والعديد من جوائز في مهرجانات سينما الأطفال في إيران، ومهرجان الفرسان ، أغلبها وضعت في خزانة القنوات التلفزيونية ومكاتب المدراء . طقوس إيناس بسيطة بمرسمها ، لابد أن تجلس محاطة بلوازمها ، ولابد من عش .. نافذة أمامها .. فنجان قهوة .. عود بخور ..موسيقي .. أغاني خاصة فيروز .. أما الرسوم الخارجية فعادة ما تختار مكانا بعيدا عن الاكتظاظ. إيناس عمارة رحالة وحفيدة ابن بطوطة ، هي تشتغل الآن لتسافر وبس ، عشقت ايطاليا جدا وخصوصا فنيسيا ..جزيرة الألوان "بورنو" ... باريس الصاخبة . رببودروم و مرمريس في تركيا على بحر إيجه .. منطقة جبال أطلس في المغرب.. سان بطرس برج (روسيا ) ..وقبر جبران خليل جبران بلبنان و...هذه السفريات حول مدن وبلدان العالم تسببت فيه صديقتها القاصة الكويتية استبرق أحمد التي فتحت بداخلها هذه الأبواب والدروب والشبابيك . كل الأماكن جميلة ولولا تشجيع صديقتي الكاتبة أستبرق أحمد ما كانت سافرت لأي مكان، فتحت في داخلي هذا الباب ولها كل الفضل فيه . أما مصر فأرى العالم كله متفرقا في المدن، تنوع جمالي فريد ما بين الآثار في الأقصر وأسوان.. في الإسكندرية العريقة .. في البحر والجبال .. في شمال وجنوب سيناء شمالها.