وعدت ريو دي جانيرو أن تقدم أولمبيادا آمنا. ماوريسيو ليما دا سيلفا، بائع متجول بعمر ال19 ليس مطمئنا. في حيه الفقير، لا تزال الرشقات النارية تفرقع والدماء تهرق بعيدا عن الميداليات والاحتفالات الرياضية.حول المواقع الاولمبية، على طول الشواطىء الأنيقة والسياحية في كوباكابانا وايبانيما، الجيش والشرطة في كل مكان. برغم هذا الحشد العسكري الهائل من الجنود والشرطة، لا تزال ريو كما هي. في هذه الفقاعة الأولمبية، عمليات نشل، اعتداء على وزير برتغالي في ايبانيما وضح النهار، القاء الحجارة على حافلة للصحافيين وغيرها من الاحداث، دقت ناقوس الخطر ونشرت الرعب بين الزوار الاجانب. على بعد 15 كلم، توجد «ماريه»، مدينة صفيح بالقرب من المطار الدولي، حيث يقطن عشرات الالاف، على غرار ماوريسيو ليما دا سيلفا. كابوس يومي آخر عاشه في ظل سيطرة عصابات مهربي المخدرات. قوات الامن تصبح غير مرئية هناك. ترك ماوريسيو حياته البائسة في ناتال (شمال-شرق) قبل سنتين، بحثا عن حياة افضل في ريو. الالعاب الاولمبية لا تعني ماوريسيو. لديه مخاوف أخرى مثل التعرض لرصاصة طائشة. يشرح لصحافي وكالة فرانس برس وهو يدفع عربته: «عندما تخرج من منزلك هنا، لا تعرف اذا كنت ستعود مساء. الخوف ينتابك دوما. انها مثل السجن». قاعدته بسيطة: «عندما تأتي الشرطة، لا اخرج. لا اعمل. عندما تحضر الشرطة هناك خطر اطلاق النار». الاربعاء الماضي، دخل ثلاثة افراد من قوات الأمن الوطني المرسلين الى ريو لتعزيز الأمن خلال الالعاب، عن طريق الخطأ الى ماريه. استقبلوا بطلقات نارية من رشاشات اوتوماتيكية. احدهم توفي، اثر رصاصة برأسه، فنال مصير نحو 60 شرطيا منذ بداية العام. يبدو السكان المحليون غاضبين من الشرطة اكثر مما هم متعاطفون معها. يقول جانسن (56 عاما) صاحب مقهى صغير بالقرب من مكان الحادث: «الشرطة لا تلتزم بالقوانين. تأتي فقط لمهاجمتنا». تابع: «ينظرون الينا كمشتبه فيهم، مجرد اننا من الفافيلا. لكني مجرد عامل». مثل كثير من الناس، يفضل تجار المخدرات: «على الاقل يلتزمون بقواعد معروفة. يجب ان تعرف الشخص اللازم (النافذون)، واحترامه». برغم الهجوم المميت الذي تلاه عملية للشرطة، مع اطلاق نار جديد، يبدو الحي مهجورا من قبل السلطات. يظهر اي شرطي على احد مداخل الفافيلا. لكن على مدخل اخر يغلب النعاس ثلاثة شرطيين داخل سيارتهم. وعلى مدخل ثالث، تحمي مجموعة من بعض العسكريين نفسها من الشمس في ظل شجرة، من دون التدقيق في المركبات الداخلة والخارجة، او على الاقل القيام بدوريات في الشارع. استحضارا للاحتلال الاستعراضي لفافيلا ماريه في 2014-2015، ضمن اطار «حفظ السلام» في الاحياء الفقيرة، يومىء احد العسكريين برأسه ممتعضا: «لقد عاد مهربو المخدرات». هنا تطبق «قواعد» عصابات المخدرات، من ضمنها العدالة والحصانة. لكن بالنسبة لكثيرين، هذا أهون الشرين. ليس بعيدا في اليماو، مجموعة اخرى من مدن الصفيح، زرعت السلطات وحدات شرطة لحفظ السلام، ضمن سياسة استرداد الاحياء الفقيرة التي أطلقت عام 2008. لكن اجزاء كبيرة من هذه المتاهة الهائلة لكتل الاسمنت البائسة، وازقة الارض الترابية الغارقة بالنفايات والمجارير المكشوفة، خارجة عن سيطرة السلطات. يتمركز عناضر الشرطة بجانب سوق صغير، مع اسلحتهم الرشاشة والاصبع على الزناد. يعلق ماركوس انريكي ناسيمنتو (35 عاما): ليس هناك أمن. هذه ليست سوى الواجهة. يرسل الشرطيون الى هنا كي يموتون من دون مقابل». يضيف: «لا يأتي احد الى هنا ليسألنا: هل تريدون مشاهدة الالعاب الاولمبية؟. ابن شقيقي يحب كرة القدم كثيرا، لكن لم تسنح له الفرصة ابدا لمشاهدة المباريات في الملعب. هذه الالعاب، هي للاغنياء فقط».