تميزت احتفالات الذكرى السابعة عشرة لعيد العرش، بفعاليات ذات رمزية بالغة، تمثلت، على الخصوص، بإشراف الملك محمد السادس، في خطوة سامية، غير مسبوقة، يوم السبت بطنجة، على تدشين شارع «عبد الرحمان اليوسفي»، الذي يحمل إسم الوزير الأول لحكومة التناوب ( 1998- 2002 ). وتعتبر هذه المبادرة الملكية، تكريما لأحد القادة الاتحاديين، الذي تحمل مسؤولية الكتابة الأولى لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وأحد كبار شخصيات الحركة الوطنية، الذي تميز عند تحمله لمسؤولية الوزارة الأولى، بالتفاني الكبير والحكمة، وحنكة رجل الدولة، الذي وضع الوطن والمصلحة العامة، فوق أي اعتبار حزبي أو سياسي أو إيديولوجي أو شخصي. ومن المعلوم أن المجاهد عبد الرحمان اليوسفي، من مواليد مدينة طنجة، حيث يقع الشارع الذي أطلق اسمه عليه، والذي كان يحمل سابقا اسم «السلام»، بوسط هذه المدينة. وفي غمرة هذه الاحتفالات تم تكريم وجهين اتحاديين، بارزين، هما الفقيد محمد باهي، والأخت لطيفة الجبابدي. ويمثل الفقيد محمد باهي، رمزا من رموز الصحافة الاتحادية، حيث تميز بكتاباته العميقة، المعتمدة على البحث والتقصي، والرصانة في التحليل، وسعة الأفق والثقافة الموسوعية، وتشكل «رسالة باريس» الأسبوعية، مدرسة في الصحافة، حيث كان القرّاء والسياسيون والمثقفون، ينتظرون صدورها، كحدث أسبوعي، شكلت إضافة نوعية في المشهد الصحافي المغربي. وبالإضافة إلى تميزه كصحافي ومثقف، فإن باهي، كان مناضلا وطنيا، سواء في إطار مرافقته لكفاح جيش التحرير، أو في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، داخل المغرب وخارجه، كما عمل صحافيا في عدة منابر عربية ودولية. وقد عمل رفيقه، الأخ عباس بودرقة، على جمع أعماله في خمسة كتب، تكريما لذكراه الطيبة ومسيرته الكبيرة وحفظا للذاكرة الوطنية. الأخت لطيفة الجبابدي، التي حظيت بالتكريم الملكي، قيادية في اليسار المغربي، عرفت تجربة الاعتقال السياسي، وأشرفت على تجربة رائدة في مجال الصحافة النسائية، من خلال أسبوعية «8 مارس»، التي شكلت أداة أساسية ومرجعا رئيسيا في الدفاع عن حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين. وقد انتمت الأخت لطيفة الجبابدي، إلى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وتولت مسؤولية عضوة المكتب السياسي، بعد اندماج الحزب الاشتراكي الديمقراطي، كما انتخبت نائبة برلمانية في دائرة حسان بالرباط. و قد تفاعلت العديد من وسائل الإعلام الوطنية والدولية، مع حدث إطلاق اسم «عبد الرحمان اليوسفي»، على أحد شوارع طنجة، معتبرة أنه تكريس للمسار الوطني لرجل دولة، بامتياز، تحمل المسؤولية في لحظة فارقة ودقيقة من تاريخ المغرب، وحرص على إنجاحها بكفاءة وبتواضع وتحفظ الكبار. كما سجل عدد من المراقبين بإيجابية، رمزية التكريم الملكي، للأخ محمد باهي، كرائد في الصحافة الملتزمة والأخت لطيفة الجبابدي، كمناضلة سياسية ومدافعة قوية عن المساواة بين الجنسين وعن الحداثة، ضد التخلف والرجعية.