عمق قرار اللجنة الأولمبية الدولية بعدم حرمان جميع رياضيي روسيا من المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية في ريو من 5 إلى 21 غشت المقبل الانقسام بين القيادات والمنظمات الرياضية العالمية. وشغلت قضية المنشطات الروسية عالم الرياضة منذ نحو عام، مع بروز تقرير للوكالة الدولية لمكافحة المنشطات (وادا) يتحدث عن عملية تنشط منظم في العاب القوى ما أدى إقرار الاتحاد الدولي للعبة بإيقاف نظيره الروسي وجميع عدائيه وحرمانهم بالتالي من المشاركة في ريو. وانفجرت فضيحة المنشطات مجددا وبقوة منذ عشرة أيام مع بدء حملة أميركية-كندية لاستبعاد شامل لرياضيي روسيا من الألعاب، بعد تسرب رسالة إلى اللجنة الأولمبية الدولية من وكالتي مكافحة المنشطات في البلدين في هذا الشأن. وجاء تقرير ثان على درجة من الأهمية لوادا نشر قبل أسبوع تماما، أعده المحقق الكندي ريتشارد ماكلارين، اتهم فيه روسيا مباشرة بالإشراف على نظام ممنهج لتعاطي المنشطات في الرياضة خصوصا في دورة الألعاب الأولمبية في سوتشي مطلع 2014 وبطولة العالم لألعاب القوى في موسكو منتصف 2013. عاشت روسيا بأسرها والرياضيون الذين تم اختيارهم للمشاركة في ريو على وجه التحديد أسبوعا صعبا جدا، وكانوا على وشك فقدان فرصة المنافسة في الألعاب الأولمبية، قبل أن تقرر اللجنة الأولمبية الدولية الأحد عدم حرمان «النظيفين» منهم من حقهم بذلك. وقررت اللجنة الأولمبية الدولية عدم استبعاد نظيرتها الروسية وبالتالي جميع رياضيي روسيا، مؤكدة أن على الاتحادات الرياضية الدولية أن تحدد أهلية كل رياضي في المشاركة بشكل فردي. وتابعت «إن الاتحادات الرياضية الدولية يجب أن تحلل سجل المنشطات لكل رياضي على حدة، مع الأخذ في الاعتبار فقط الاختبارات الدولية الموثوقة، وخصوصيات كل رياضة ولوائحها، من أجل ضمان تكافؤ الفرص». وقال رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، الألماني توماس باخ، بدوره «لقد رفعنا المعايير إلى الحد الأقصى»، في دفاعه عن موقف اللجنة عقب أسوأ فضيحة منشطات في تاريخ الحركة الأولمبية. وسبق للجنة الأولمبية الروسية أن اعتمدت 387 رياضيا للمنافسة في ريو، من ضمنهم 68 رياضيا في ألعاب القوى تم حرمانهم من المشاركة، بعدما رفضت محكمة التحكيم الرياضي (طاس) الطعن المقدم من قبلهم، مؤكدة قرار إيقافهم من الاتحاد الدولي للعبة. وتوالت المواقف الداعمة لقرار اللجنة الأولمبية الدولية، بعدم ظلم الرياضيين غير المتورطين بالمنشطات والسماح لهم بالمشاركة في ريو. وكان اتحاد اللجان الأولمبية الوطنية (أنوك) أول الداعمين، حيث أكد رئيسه الشيخ أحمد الفهد الصباح في بيان له «إن أنوك تعلن دعمها الكامل للقرار، الذي اتخذته اللجنة التنفيذية للجنة الأولمبية الدولية». وتابع «إن المزاعم الواردة في تقرير ماكلارين مروعة وتهدد بشكل مباشر نزاهة الرياضة، ولكن معاقبة الفريق الروسي بأكمله كانت ستظلم العديد من الرياضيين النظيفين». وأشاد «بقرار منح الاتحادات الرياضية الدولية مسؤولية ضمان نظافة مسابقاتها في ريو 2016». وأعرب المجلس الأولمبي الأوروبي عن دعمه للقرار أيضا، فاعتبر رئيسه الإيرلندي باتريك هيكي أن ذلك «سيسمح بمشاركة الرياضيين الروس النظيفين في الألعاب الأولمبية بعد أيام قليلة فقط». وأصدرت منظمة الرياضة في البلدان الأميركية (باسو) بيانا أيضا أعربت فيه عن «التأييد الكامل لقرار اللجنة الأولمبية الدولية بمشاركة الرياضيين الروس في ريو». وبدأت مواقف الاتحادات الرياضية الدولية الداعمة للقرار بالظهور، فقرر الاتحاد الدولي للتنس السماح للفريق الروسي، المكون من ثمانية لاعبين ولاعبات بالمشاركة في الألعاب، مؤكدا أنهم «يلبون المعايير» المفروضة من اللجنة الأولمبية الدولية. وكانت اتحادات رياضية دولية أخرى داعمة لقرار عدم حرمان روسيا من المشاركة، وأبرزها الاتحاد الدولي للجودو. لكن قرار اللجنة الأولمبية شكل في المقابل خيبة أمل لدى منظمات رياضية أخرى، وفي مقدمتها وادا، التي كانت من أبرز المطالبين باستبعاد شامل لروسيا عن الألعاب. وأوضحت وادا أنها ستعمل جاهدة «من أجل الوصول إلى أفضل النتائج الممكنة لمصلحة الرياضيين النظيفين»، معربة «عن أسفها» لقرار اللجنة الأولمبية الدولية. وقال رئيس وادا الاسكتلندي كريغ ريدي إن «وادا تشعر بالخيبة لأن اللجنة الأولمبية الدولية لم تأخذ في عين الاعتبار توصيات لجنته، المستندة على نتائج تحقيق ماكلارين، والتي كانت ستضمن مقاربة واضحة، قوية ومتسقة». وفي حين رأى باخ أن القرار، الذي اتخذ الأحد كان لحماية حقوق الرياضيين الروس «النظيفين»، فإن وادا اعتبرت أن منح الاتحادات الدولية حق تقرير أهلية كل رياضي روسي سيسبب إرباكا. واعتبر المدير التنفيذي للوكالة الأميركية للمنشطات ترافيس تايغارت في بيان أن القرار خلف فوضى مربكة وشكل ضربة قاسية لحقوق الرياضيين «النظيفين»، معتبرا أن اللجنة الأولمبية الدولية «رفضت أن تلعب دورا قياديا حاسما». وعبرت الحكومة الاسترالية عن خيبتها أيضا فقالت وزيرة الرياضة سوزان لي «أشعر بخيبة أمل كبيرة»، مضيفة «أن مكافحة المنشطات في الرياضة تتطلب قيادة دولية قوية، لا شيء أكثر من ذلك في هذه الحالة، حيث مصداقية الألعاب الأولمبية والبارالمبية برمتها على المحك». وانتقد الرئيس التنفيذي للوكالة النيوزيلندية للمنشطات غرايم ستيل أيضا قرار إحالة الأمر إلى الاتحادات الرياضية الدولية.