قبل انطلاق بطولة أمم أوروبا لكرة القدم (يورو 2016) قال صانع ألعاب المنتخب الألماني مسعود أوزيل «لا يوجد مدرب للمانشافت أفضل من يواخيم لوف». لكن هل تغير هذا الأمر بعد فشل لوف في إحراز كأس أمم أوروبا الحالية وخروجه من دور نصف النهائي أمام فرنسا بهدفين دون مقابل؟ وهل سيُقدم المدرب الألماني على الاستقالة بعد عجزه عن التتويج بالبطولة الأوروبية للمرة الثالثة على التوالي؟ على الأقل تصريحات يواخيم لوف بعد مباراة فريقه الأخيرة أمام فرنسا تُبقي المجال مفتوحا أمام كل التكهنات. فقد قال لوف للتليفزيون الألماني «زد دي أف» عقب الهزيمة من فرنسا: «لا يمكنني توقع أشياء من الغد. لازلت حزينا. لن أفكر في هذا الأمر الليلة». وأضاف :»لم نناقش من قبل ماذا سيحدث بعد الخسارة. ربما خلال يومين أو ثلاثة سنناقش هذا الأمر والنظر فيما إذا كان هناك شيئا لمناقشته «. بيد أن تصريحات من هذا القبيل لا تعني بالضرورة تفكير لوف، المرتبط بعقد مع الاتحاد الألماني لكرة القدم حتى 2018، في تركه لمنصبه. فبعد الخروج المخيب من نصف نهائي اليورو، من الطبيعي أن يحتاج المدرب لبعض الوقت لإعادة ترتيب أفكاره وتجاوز فترة الخيبة التي تلي الإقصاء، وهو ما أكده أيضا لاعب بايرن ميونيخ والمانشافت توماس مولر عندما قال إن سؤال المدرب حول مستقبله بالفريق بعد الإقصاء يعتبر من أكثر الأسئلة «الجائرة» التي يمكن طرحها على المدرب. ومن المتوقع جدا أن يستمر لوف في مهامه كمدرب للمانشافت، ويقوده في حملة الدفاع عن اللقب في مونديال روسيا 2018 وذلك لمجموعة من الأسباب: لوف ضامن للاستمرارية يشغل يواخيم لوف منذ عشر سنوات مهمة مدرب للمنتخب الألماني، وكانت أول مباراة يقود فيها المانشافت كمدرب أول في 16غشت 2006 أمام السويد، والتي انتهت بفوز ألمانيا بثلاثة أهداف دون مقابل. إن بقاء لوف هذه المدة الطويلة على رأس الإدارة الفنية للمنتخب الألماني منح المانشافت استقرارا واستمرارية، وساهم ذلك بشكل كبير في تطور مستوى الفريق الألماني ومكنه من معانقة التتويج بكأس العالم بعد انتظار طويل. كما يحظى لوف بدعم كبير من الجماهير الألمانية واتحاد الكرة في ألمانيا. وحتى بعد الهزيمة أمام فرنسا لم تخرج أصوات تطالب باستقالة لوف، كما يحصل مع منتخبات أخرى. وعبر رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم، راينهارد غريندل، عن ثقته في مواصلة لوف لعمله في تدريب المنتخب، وقال بهذا الخصوص: «شخصيا وكل العاملين بالاتحاد الألماني نثق في أن هذا ما سيحدث»، مضيفا أن لوف يحتاج بعض الوقت لتحليل البطولة، وأنه من الطبيعي أن يطلب المدرب بعض الوقت من «السلام والهدوء». لوف يتطور باستمرار أظهر لوف في اليورو الحالي خاصية جديدة لم تكن معروفة فيه من قبل، وهي المرونة في اختيار أسلوب اللعب وتشكيلة اللاعبين، حسب ما تتطلبه ظروف المباراة ومستوى اللاعبين. فقد أجرى لوف تغيرات في التشكيلة التي بدأ بها دور المجموعات، فبعد فشل ماريو غوتسه في الإقناع، أصبح لوف يعتمد على غوميز كمهاجم صريح، كما اكتشف دورا جديدا للاعب الشاب كيميش في مركز ظهير أيمن، ومنح أيضا الثقة للموهبة الشابة، لاعب شالكه يوليان دراكسلر، الذي تم اختياره كأفضل لاعب في مباراة سلوفاكيا في دور ثمن النهائي. كل هذا يؤكد أن لوف أصبحت لديه قدرة كبيرة على التنويع في خططه التكتيكية كل ما دعت الحاجة إلى ذلك، وهو تطور بالتأكيد يترك انطباعا جيدا لدى الاتحاد الألماني لكرة القدم ويجعله يتشبث به أكثر من السابق. ثقة اللاعبين الكبيرة في لوف يرتبط لوف بعلاقة قوية مع لاعبي المنتخب الألماني، ويرجع ذلك للتقدير الكبير الذي يكنه لوف للاعبيه. ويرى المعد الذهني وخبير لغة الجسد، وينفريد غوسل، أن لوف يملك قدرة كبيرة على القيادة تظهر في كيفية زرعه للثقة في نفوس لاعبيه عن طريق التقدير الكبير الذي يظهره لهم. وأضاف غوسل، في حوار مع موقع مجلة فوكوس الألمانية، «عندما ينادي لوف على أحد لاعبيه تراهم يهرولون إليه بسرعة كبيرة. وهنا يمكن للكثير من مدراء الشركات تعلم كيفية تحفيز موظفيهم». ويقدم لوف حماية كبيرة للاعبيه مهما كانت النتيجة، ويدافع عنهم ويتحمل هو المسؤولية. ولعل أبرز نموذج على ذلك الإقصاء من نصف نهائي اليورو 2012 أمام إيطاليا، عندما قال لوف إنه هو من يتحمل المسؤولية الكاملة لهذا الإقصاء. «مثل هذه الأمور لا ينساها اللاعبون. فقد كان بإمكانه آنذاك أن يلقي بكامل اللوم على اللاعبين، لكنه لم يفعل»، كما يوضح الخبير غوسل. وقد تولدت عن ذلك ثقة كبيرة من اللاعبين في مدربهم، وهو أهم عامل يجعل جميع مكونات المنتخب الألماني تتشبث ببقاء لوف على رأس الإدارة التقنية للمانشافت، على الأقل حتى نهاية كأس العالم 2018 في روسيا.