o كيف هي وضعية المسنين في المجتمع المغربي اليوم؟ n يجب أن نعلم بأن المسنين في المغرب حاليا يشكلون فئة لابأس بها من مكونات المجتمع وهي في تزايد مستمر عدديا، فوفقا لآخر الإحصائيات لسنة 2012 يبلغ عدد المسنين المغاربة حوالي 3 ملايين مسن من الجنسين، هذا العدد سيظل في ارتفاع نظرا للتغيير الديمغرافي الذي يشهده المغرب والعالم بصفة عامة، لكون نسبة أمل الحياة هي في ارتفاع مقابل انخفاض عدد الوفيات، كما أن عدد الأطفال داخل الأسرة المغربية هو في انخفاض إذ أن كل أسرة بها معدل طفلين عكس سنوات خلت، وذلك نتيجة لعوامل متعددة، يتداخل فيها ما هو مرتبط بجانب التثقيف الصحي والاجتماعي والاقتصادي، مما يجعل الهرم السكاني متغيرا ويتميز بارتفاع أعداد المسنين وهو ما سيلاحظ أكثر خلال السنوات المقبلة. o ماهي طبيعة الأمراض التي يعاني منها المسنون؟ n مع التقدم في السن يصبح المسن عرض لمجموعة من الأمراض بالنظر إلى التغيرات الفيزيولوجية في الذات مما يجعل الشخص عرضة للأمراض، كأمراض القلب والشرايين، ارتفاع الضغط الدموي، العظام والمفاصل، خصوصا هشاشة العظام، أو مشكل الغضروف، ثم الأمراض المرتبطة بالدماغ والأعصاب، ومرض الزهايمر أو الرعشة «الباركنسون»، فضلا عن أمراض تصيب الغدد خاصة داء السكري، وهناك أمراض أخرى تهمّ الجهاز الهضمي وغيره ...، فالخصوصية أن المسن يكون في الغالب لا يعاني من مرض واحد وإنما مجموعة أمراض متداخلة فيما بينها، تجعله يكون عرضة لمشاكل صحية كثيرة يجب على الطبيب أن يكون على علم بكيفية التعامل معها. وعندما نقول أمراض كثيرة فذلك يعني بالمقابل أدوية كثيرة يكون على المسن المريض تناولها، فالأدوية لها جدواها وهي ذات نفع، لكن بالمقابل يمكن كذلك أن تتسبب في أضرار، فحينما لا تتم مراعاة خصوصيات المسن فإن هذه الأدوية هي نفسها قد تؤدي إلى خلق مشاكل صحية وإلى التسبب في مضاعفات التي قد يتأثر بها المسن بشكل كبير، ففي أوربا مثلا نجد أن من بين المسنين الذين يلجون المستشفى من أجل الاستشفاء نسبة 10 في المئة تكون قد ولجت بفعل استعمال الأدوية التي تناولوها فأثرث على أجسادهم، أي شخص من كل عشرة أشخاص. o ماهي طبيعة المشاكل التي تعترض المسن خلال شهر رمضان؟ n المسن خلال شهر رمضان يواجه مجموعة من المشاكل والتحديات، ويكمن أولها في كيف يمكنه الحياة خلال هذا الشهر الفضيل وهو يعاني من مجموعة من الأمراض، والسؤال الذي يطرح نفسه هل إصابته بهذه الأمراض تمكنه من الصوم من خلال أخذ مجموعة من الاحتياطات، أم تحول دون ذلك ويشكل الصيام خطرا عليه بحيث أنه من المفروض أن يفطر، علما بأن الدين الإسلامي واضح في هذا الصدد ويجيز للمريض الإفطار، ولكن مع الأسف رغم وضوح الأدلة الشرعية والخطاب الديني فهناك من يصرّ على الصوم رغم معاناته من الأمراض التي تجعل من صيامه مصدرا لمضاعفات صحية وخيمة ومبعثا على الخطر. التحدي الثاني يحضر خصوصا بشدة خلال فترة الصيف حيث الحرارة مرتفعة مقابل عدم إقبال الشخص على شرب المياه مما يمكن أن يعرض ذاته للاجتفاف، سيما أنه لا يأكل طيلة اليوم وعندما يفطر لا يتناول طعاما مناسبا، حيث يمكن أن يعرض نفسه للسوء كذلك. إضافة إلى ذلك هناك تغيرات نفسية واجتماعية فالشخص المسن مع رمضان تتغير العادات الاجتماعية فيكون في حاجة إلى رعاية اجتماعية خاصة وإلى الإحساس بدفء أسري، دعم نفسي، لكن مع الأسف نلاحظ أن عددا كبيرا من المسنين إما يعيشون بمفردهم أو لا يحظون باهتمام ذويهم، وبالتالي فرمضان مناسبة للتجميع وتقوية الجانب الحميمي في العلاقات الإنسانية، وعليه فالتحدي الآخر هو إمكانية تعرض المسن لمعاناة نفسية في هذه الفترة الزمنية. o هل هناك أمراض تحتم على المسن إلى الإفطار؟ n الأمراض التي تحول دون قدرة المسن على الصوم هي الأمراض المزمنة بصفة عامة، التي يكون الجسم معها في حاجة إلى أدوية في وقت معين، إذ أن الاستغناء عنها في هذا التوقيت قد يشكل خطرا على المسن المريض، وكمثال على ذلك السكري، وهو نوعان، الأول الذي يحتاج فيه المريض إلى حقنة الأنسولين، والنوع الثاني الذي يحتاج فيه فقط إلى حمية وأقراص في البداية، وبالتالي فإنه في حالة النوع الأول المريض لايجب عليه الصوم بشكل قطعي، لان الذات تكون في حاجة إلى الأنسولين الأمر الذي قد يتسبب في غيبوبة ويصل الأمر إلى حدّ الوفاة. أما النوع الثاني من السكري فإذا كان في بدايته وإذا ما كان مضبوطا فالشخص وفي غياب مضاعفات يمكنه الصوم مع المراقبة، خلافا لداء السكري غير المنضبط أي عندما يفوق خزان السكري نسبة 7 في المئة، أي أن السكري يفوق يوميا نسبة 2 غرامات أو 3 في اليوم، حيث يكون من الصعب عليه الصوم لضرورة احترام مواعيد الأدوية. ثم في حالة السكري المرفوق بمضاعفات في القلب، أو العينين، أو في الكلي، أو الدماغ والأعصاب، في هذه الحالات يكون الشخص مدعوا إلى الإفطار لأنه يكون في حاجة إلى رعاية خاصة. إلى جانب ذلك يمنع على مرضى القلب والشرايين من المسنين الصوم، لأن القلب يكون في وضعية إعياء تتطلب تناول الأدوية، ويعاني من التعب الذي لا يمكن مضاعفته بالصوم الذي لن يطيق المريض تحمله، وكذا من يعانون من ارتفاع الضغط الدموي، ثم المصابين بأمراض الأعصاب والدماغ كمن يعانون من مرض ألزهايمر الذي يصيب الدماغ مما يؤدي إلى اضطرابات في الذاكرة، ومرض الباركنسون «الارتعاش»، الذين يجب أن يتناولوا الأدوية بصفة منتظمة، حيث يمكن أن تصل مواعيدها الأدوية إلى 6 أو 7 مرات في اليوم. ثم هناك بعض أمراض المعدة كمن يعانون من قرحة المعدة سيما الحديثة الذين لايجب أن يصوموا، عكس أولئك الذين يعانون من قرحة قديمة الذي ننصحهم بأخذ الأدوية قبل شهر رمضان وخلاله وبعده من أجل حماية المعدة، ، أضف إلى ذلك التهاب الكبد المزمن، أو التشمع الكبدي خصوصا من النوع «ب» و «س»، وبعض أمراض الروماتيزم. ويمكن للمسنين الذين يعانون من أمراض مزمنة تأكيد إمكانية صومهم، إذا ما تبين انضباط المرض، حيث يتم تحديد عدد جرعات الدواء، ويتم التنسيق مع المريض حول مواعيد تناوله، في الإفطار أو عند السحور، وهو الأمر الذي لا يتم إلا من خلال استشارة الطبيب المعالج. أما بخصوص التحدي الثاني المرتبط باجتفاف أو جفاف الذات، فينصح بشرب المياه بكثرة خلال وقت الإفطار حيث يوصى بشرب على الأقل لتر ونصف إلى لترين من الماء مع السوائل، مع تجنب الخروج خلال ذروة الشمس خاصة بين 12 ظهرا و 4 زوالا، واعتمار القبعة والنظارات لتفادي مخاطر الشمس. أما بالنسبة لمخاطر التعرض لسوء التغذية بفعل قلة الأكل، فإننا ننصح بإيلاء الأهمية لكيفية الأكل وليس الكمية، حيث يجب أن يكون الإفطار متوازنا ومتكاملا، وان تكون هناك وجبتان اثنتان فقط وليس ثلاثة خاصة وأن وقت الليل قصير، ويتعلق الأمر بالإفطار وبالسحور فحسب، وأن تتضمن الوجبات السكريات المتوفرة في التمر، ثم الخضراوات لكونها غنية بالفيتامينات والأملاح والألياف إلى جانب الفواكه، وكذا مصادر الكالسيوم كمشتقات الحليب، ثم مصادر البروتينات كالأسماك، لأن في التنويع تقديم حاجيات الذات، ولا مانع من شرب حريرة خفيفة أو حساء، وتفادي اللهفة في الأكل من أجل عملية هضم مناسبة تمكن من تفادي التخمة. وبخصوص وجبة السحور التي هي بمثابة صمّام ضد الجوع، فيجب أن تتوفر على سائل إما حليب أو شاي، مصادر للسكريات كالتمر، وأخرى للسكريات البطيئة، إضافة إلى الفواكه. فالأكل الصحي ضروري لتفادي الإعياء الذي يصيب الإنسان في النهار وخصوصا سوء التغذية عند المسنين. (*) اختصاصي في الطب الباطني وطب الشيخوخة