«الترمضينة» هي مجموعة من السلوكيات التي تعكس صعوبة ضبط النفس، والتحكم في غريزة الطعام، ولكن أيضا الغرائز الأخرى، بما في ذلك الجنسية منها، التي تكون في جملتها المعنية أثناء الصيام. ويكون الشخص خلال شهر رمضان «محروما» من أشياء كثيرة لعدة ساعات، التي يتجاوز عددها أحيانا 16 ساعة، وبالتالي فإن الصراع الداخلي لا يكون فقط ضد غرائز الإنسان الخاصة، ولكن أيضا ضد الإدمان على المواد الغذائية والعديد من المواد الأخرى. «حرمان» يتسبب في خلق التوتر عند البعض والإحساس بالضغط الذي يمكن أن يؤدي في بعض الأحيان إلى فقدان السيطرة على النفس، إذ غالبا ما تكون الاضطرابات في المزاج والقلق هي الأسباب الرئيسية لما يعرف ب «الترمضينة»، أخذا بعين الاعتبار أن الدراسات الوطنية تشير إلى أرقام مقلقة وليست بالهيّنة، بالنظر إلى أن هذه الإحصائيات تؤكد أن أكثر من ربع السكان يعانون من حالات الاكتئاب، وثلث المغاربة يعانون من حالات القلق، وبالتالي فإن الضغط والإجهاد عند هذه الشريحة من الناس الأكثر هشاشة، والعرضة للاضطرابات السلوكية قد يولّد «الترمضينة». وجدير بالذكر أن رمضان الذي هو شهر الصيام تتغير فيه أنماط الحياة اليومية، التي تتوزع ما بين التعبد وزيارة الأقارب من أجل صلة الرحم، وممارسة عدد من الأنشطة الاجتماعية المختلفة، وبالتالي نكون أمام تغيير لوتيرة الحياة الاجتماعية، تتميز بكون أغلب الأشخاص يسهرون إلى ساعات متأخرة من الليل، فضلا عن ممارسات غير صحية من قبيل الإقبال على الأكل طوال الليل، وبهذا نكون أمام عوامل تؤدي كلها إلى اضطرابات في النوم، هذه الأخيرة التي تؤثر سلبيا على المزاج وتتحكم في طبيعة تصرفات الشخص خلال النهار. شهر رمضان هو أيضا مناسبة للوقوف على العديد من الدراسات والأبحاث المتعددة التي أبرزت الدور الإيجابي للصيام على الصحة الجسدية والنفسية للإنسان، وهو ما يجب التأكيد عليه على اعتبار أن الصيام يساعد على التوازن البيولوجي للذات، ويحارب خلايا السرطان، وخلافا لبعض المفاهيم الخاطئة التي قد تكون شائعة عند البعض، فهو يساعد على تهدئة النفس والروح، وعليه فإننا مطالبون بأن نعطي لهذا الشهر الكريم قيمته الحقيقية، وليكن فرصة للتقرب من الحق سبحانه وتعالى، ولنعتبر الصيام علاجا روحيا، نفسيا وجسديا. وختاما إذا خف وزنك في هذه المناسبة الكريمة فصيامك قد يكون علاجا إستمتعت به لمدة شهر، وليعمل كل واحد على الحفاظ على وتيرة نومه الطبيعية لأن أي نقص متكرر في النوم له آثار سلبية على صحة الفرد والمجتمع. (*) طبيب ومعالج نفساني، أستاذ الطب النفسي