يشهد سوق درب ميلا بمقاطعة الفداء بمدينة الدارالبيضاء، هذه الأيام، حركة تجارية كبيرة تعكس الأهمية التي يحظى بها هذا الفضاء التجاري المخصص بشكل كبير لتسويق التمور، التي يزداد الطلب عليها خلال شهر رمضان. بين المحلي والمستورد زبناء من مختلف أحياء الدارالبيضاء، وأيضا تجار قادمون من وجهات مختلفة من المملكة، يلتقون في هذا السوق لوفرة العرض وتنوع الاختيار، بين تمور مستوردة من تونس، الجزائر، الإمارات ومصر، وأخرى محلية مصدرها في الغالب منطقة وادي درعة الممتدة من ورزازات مرورا عبر أكدز ، تنزولين، زاكورة، تمكروت، وصولا الى محاميد الغزلان. وهي المناطق التي ينتمي إليها تجار هذا السوق في أغلب الأحيان.في حين تتجه تمور واحات ارفود تافيلالت إلى مدن الشمال والى فاس ومكناس، ومناطق أخرى. الإنتاج الوطني من التمور كان جيدا خلال الموسم الأخير، حيث بلغ أزيد من 117 ألف طن سنة 2015 ، أي بزيادة بلغت 30 في المئة مقارنة مع سنة 2014، حسب أرقام وزارة الفلاحة. وهو الأمر الذي أكده لنا احد التجار بقوله : (هذا العام التمور المحلية أكثر وفرة وأكثر جودة من الأعوام السابقة، ومعلوم أن فترة جنيها امتدت خلال فصل الخريف، أي بين شهري شتنبر و نونبر من العام الماضي. وقد تم الاحتفاظ بها داخل خزانات للتبريد طوال هذه الفترة في كل من الدارالبيضاء وزاكورة، لتحتفظ بجودتها العالية). أسعار بين العرض والطلب وفرة المنتوج لا تعني بالضرورة انخفاض الثمن، وذلك راجع بالأساس الى تدخل عدة وسطاء يقومون باقتناء التمور من المنتجين الصغار خلال فترة الجني التي تعرف كثرة العرض وانخفاض الأسعار، لإعادة بيعها خلال شهر رمضان حيث يكثر الطلب.وهو ما يؤكد ارتفاع الأسعار ولو بشكل طفيف، هذا العام مقارنة بالسنة الماضية. فالأثمنه تتراوح ما بين 15 و 18 درهما، لنوع البوستحمي، ومن 20 الى 30 من نوع الجيهل، أما نوع الفقوس فثمنه يتراوح مابين 30 و 60 درهما. في حين أن المجهول الأغلى ثمنا يتأرجح سعره بين 50 و 150درهما، حسب الجودة والحجم. أما التمورالمستوردة فيبقى سعرها اقل من نظيرتها المحلية، وهو ما يرجعه احد التجار إلى عدة أسباب: (التمور المحلية تتميز بطراوتها وجودتها، في حين التمور المستوردة خضعت في غالب الأحيان لعملية التصنيع، عبر إضافة مواد حافظة قصد الحفاظ على مظهرها وجاذبيتها لأطول مدة ممكنة، لكنها تفتقد المذاق واللذة). في المقابل يشتكي بعض المستهلكين من ارتفاع الثمن، الذي يبقى بعيد المنال عن شريحة كبيرة من محدودي الدخل. وهو ما يرجعه أحد التجار إلى كثرة الوسطاء، وأيضا إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج: (المناطق المنتجة للتمور تعرف مناخا جافا، لذا تحتاج أشجار النخيل إلى عملية السقي عبر استعمال محركات تعمل بالكازوال، إضافة إلى ندرة اليد العاملة التي هاجرت الواحات في اتجاه المدن، أما الباقون فقد توجهوا إلى نشاطات أكثر مرودية كزراعة البطيخ الأحمر. كما أن كثرة الوسطاء ترفع من سعر التمور). إكراهات و تحديات ندرة المياه وتوالي سنوات الجفاف من أهم المشاكل التي يعاني منها قطاع إنتاج التمور، وأيضا انتشار داء البيوض الذي أتلف الملايين من أشجار النخيل على مدى سنوات، يضاف إليها مشكل تقسيم الأراضي بسبب الإرث، ما يصعب عملية الاستغلال. فواحات درعة التي كانت تتوفر في بداية القرن على أزيد من15 مليون نخلة، تقلص عددها اليوم بشكل كبير. الأمر الذي تعمل وزارة الفلاحة، عبر برنامج المغرب الأخضر، على تداركه عبر تأهيل وتجديد الواحات وزراعة مساحات شاسعة من الأراضي بأشجار النخيل، سواء في منطقة أرفود ونواحيها وكذا زاكورة وورزازات، حيث يهدف برنامج المغرب الأخضر إلى رفع الإنتاج بشكل تدريجي خلال السنوات القادمة، حتى يصل الرقم إلى أكثر من مليون طن في أفق 2020. فوائد صحية يحتوي التمر على عدة عناصر غذائية هامة، حيث تؤكد عدة دراسات توفره على ما لا يقل عن 15 نوعا من المعادن الهامة، فضلا عن السيلنيوم، وهي مادة مضادة للسرطان ومساعدة على المناعة. كما يحتوي التمر على 23 نوعا من الأحماض الأمينية وبعض الأحماض الذهنية المشبعة، وهو غني أيضا بالألياف القابلة للذوبان، التي تضمن القدرة على الهضم بشكل سلس. و يقوي العظام ويقلل من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية وأمراض أخرى.كما يحتوي التمر على الجلكوز، الفركتوز والسكروز، مما يساعد على توفير الطاقة اللازمة التي تساعد الجسم على القيام بأعماله طوال اليوم دون عياء أو تعب. (*) صحافي متدرب