يقترب موعد التاسع عشر من يونيو و تدنو معه نهاية ولاية محمد بودريقة على رأس فريق الرجاء البيضاوي بعدما قرر الرئيس عدم ترشيح نفسه لولاية ثانية. أربع سنوات قضاها منذ انتخابه رئيسا للرجاء البيضاوي عام 2012، اعتبر وقتئذ أصغر رئيس يصل لسدة الحكم في فريق يمارس في الدرجة الأولى، بودريقة القادم من عالم المال و الأعمال و العارف الضليع بخبايا البناء و هو الذي يشرف على مقاولة تنشط في هذا المجال، لم يجد حرجا و هو من كان يؤازر الرجاء ذات يوم من »المكانة « معقل شعب الخضراء من أن يجرب حظه في التسيير الرياضي الذي يسر له الطريق نحو رئاسة فريق تركه سلفه مغمى عليه من المديونية و العجز. 9 مدربين جربهم بودريقة، وحدها الوصفة المغربية نجحت فعلا إنه رقم كبير و يوضح بعض التخبط الذي عانى منه الرجاء طوال مدة مقام الرئيس محمد بودريقة، حركية كبيرة على مستوى الرأسمال البشري للمدربين و في فترات زمنية متقاربة، وحده امحمد فاخر استطاع خرق القاعدة و استمر حبل الود بينه و بين الرئيس لسنة و نصف قبل أن يخرج و يترك الفريق و في حوزته لقب لكأس العرش وبطولة كانت مفتاح المشاركة التاريخية في مونديال الأندية الذي نظمه المغرب سنة 2013 ولسخرية الأقدار لم يقده هو نفسه بعدما تخلى الرجاء عن ابنه البار في ظروف غامضة و خطب ود التونسي فوزي البنزرتي الذي قاد رفاق متولي نحو نهائي الحلم ثم أعقبه الجزائري عبد الحق بنشيخة و بينهما زكى الرجاء جمال فتحي ورضوان حجري مدربين مؤقتين للفريق قبل أن ينهيا المهمة و يتسلمها البرتغالي جوزي روماو الذي لم يعمر طويلا ليعوض بآخر من بلاد الطواحين الهولندية وهو رود كرول الذي أقصي من الكأس و شرب من كأس الخسارة مرات ومرات، ما حذا بالمسيرين إلى تعليق مهامه والاستنجاد بصانع ثلاثية المغرب الفاسي رشيد الطاوسي الذي يواصل مغامرته مع الأخضر الرجاوي حتى اليوم. الموندياليتو :(عسى أن تحبوا شيئا و هو شر لكم) كأنها لعنة تطارد الفرق التي تنجح قاريا لتعصف بهم محليا، فما أن حقق المغرب الفاسي ثلاثيته الشهيرة حتى دخل دوامة مشاكل لم تنته إلا حين سقط الفريق إلى حظيرة القسم الثاني، نفس المصاب ضرب البيت الرجاوي حين توج النسر الأخضر وصيفا لبطل العالم بايرن ميونيخ. منذ ذلك التاريخ والرجاء يجتر خيبات تسييرية أبعدته عن منصات التتويج لسنوات، وإذا تحدثنا عن الرجاء هنا فالقصد بالمسؤول الأول والأخير محمد بودريقة الذي وإن نجح فيما لم ينجح فيه غيره ممن سبقوه إلا انه أبان عن عجز كبير في استغلال هذا الحدث الكروي لما يخدم فريقه وبالتالي أخفق في انتشال الرجاء من رقعة التواضع الذي خيم على مسار البيضاوي منذ وصافة العالم، وهو من اتهم عن سبق إصرار وترصد ببيع نجوم الفريق وصانعي حلم المشاركة العالمية الكبيرة التي ما زالت جماهير الرجاء تذكرها عند كل خيبة وأبرزهم عصام الراقي وإسماعيل بلمعلم ومحسن متولي واستقدم في المقابل لاعبين اعتبرتهم جماهير الرجاء «منتهو الصلاحية « لم ينجحوا في تقديم الإضافة لممثل البيضاء و تعويض من رحلوا عن مركب الوازيس في اتجاه دوريات البترودولار. أرانب سباق ..تحكيم..استقالات..سب شتم ولئن كان محمد بودريقة كما أجمع على ذلك أغلب المتابعين قد صنع جزء من تاريخ مشرق من صفحات الرجاء، فإنه في المقابل عرف بتصريحاته الاستفزازية وتلقائيته في الكلام التي أوقعته غير ما مرة في شراك القذف المباشر في حق الوداد، كما حدث في الموسم الماضي حينما وصف الرئيس الأخضر جاره بأرنب السباق الذي ما يلبث أنه يلعب دور «الكومبارس» في رحلة بطولة طويلة تحتاج جهد الجبابرة و خبرة الخابرين بالأمتار الأخيرة. يخبر جل المتتبعين للبطولة عن بودريقة أنه رجل الاستقالات بامتياز و هي الصفة التي ارتبطت بالرجل وارتبط بها عندما خرج للعموم في أكثر من مرة بقرار استقالته من رئاسة الرجاء و هي الإعفاءات التي لم تعف و لم تثن بودريقة عن التراجع و كانت آخرها إعلانه الخروج من الرجاء بعد نهاية ولايته الحالية لظروف لخصها في غياب حافز الاشتغال وسط مشهد كروي موبوء و هي من نتائج و تبعات طلبه الاستقالة من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، بعدما لمس الرجل وجود نيات ثابتة و مبيتة كما يقول تهدف إلى إهداء الوداد لقب البطولة الاحترافية من بوابة التحكيم و هو اللقب الذي لم يهنأ به الجار الأحمر للأمانة فقط. مليار و 800 مليون سنتيم « تركة» بودريقة لخلفه يخرج محمد بودريقة رسميا من القلعة الخضراء في 19 من يونيو 2016 و هو من أقسم بأغلظ الإيمان أنه لن يعود و لن يتراجع عن قراره بالابتعاد عن التسيير الرياضي في المغرب. هذا الخروج وإن بدا للبعض عاديا ويجسد سنة الحياة المتغيرة والمتجددة، فإنه لا بد أن يستوقفنا لإلقاء نظرة سريعة على خزينة الرجاء وميزانيتها بعد نهاية حقبة بودريقة وهي القيمة التي يختلف حولها الكثيرون بين من يقول إنها تتجاوز 3 ملايير ونصف وبين الرئيس نفسه الذي خرج قبل أيام معدودة بتصريحات يؤكد فيها أن عجز الرجاء لا يتجاوز مليارا و800 مليون سنتيم وهو الرقم الذي لا يرى فيه الرئيس الحالي أنه سيشكل مشكلا صعبا سيقف أمام المترشحين من أجل تجاوزه خاصة و أن الأمر نفسه وجده بودريقة يوم انتخب رئيسا لفريق الرجاء قبل أربع سنوات. بين أهل المكتب في شخص الرئيس محمد بودريقة وبين ما يروج في الكواليس و تدعمه الرواية التي تقول بتردد كثير من المرشحين لخلافة الرئيس رقم 24 في تاريخ الرجاء لثقل المديونية في حسابات النادي الأخضر تبقى الحقيقة مؤجلة الإشعار إلى حين آخر.