كان الملمح الأساسي لمراكش صباح الثلاثاء 21 فبراير هو وصول التعزيزات الأمنية في شكل قوافل من الحافلات المحملة بعناصر التدخل السريع و القوات المساعدة والدرك ،اخترقت المدينة قادمة من جهة الجنوب ومن قلعة السراغنة والصويرة ولوحظ التواجد المكثف لعناصر الأمن في قلب المشور قبالة البوابة الرئيسية للقصر الملكي، حيث رابطت عدة حافلات سواء قرب مدخل المشور من جهة باب أحمر أو في الساحة التي تطل عليها القبة الشهيرة بقبة صويرة . واستعملت القوات العمومية في ذلك حافلات النقل الحضري التابعة لشركة ألزا وحافلات النقل العمومي . وانتشرت عناصر التدخل السريع وقوات مكافحة الشغب عند أغلب المحاور والمدارات الأساسية بمراكش وبمختلف شوارعها . كما طوقوا الأماكن التي استهدفها المخربون مساء يوم الاثنين بعد انفضاض المسيرة السلمية التي دعت لها حركة 20 فبراير ، مع حضور ثقيل بمنطقة سيدي يوسف بن علي التي خربت فيها عدة مؤسسات عمومية ووكالات بنكية؛ حيث طوقت عناصر الأمن المقر المنكوب لمجلس مقاطعة سيدي يوسف بن علي ومنع المرور بجانبه . كما وقفت أفراد القوة العمومية الذين يظهر عليهم الاستنفار بالقرب من مقر البريد المحروق ووكالة توزيع الماء والكهرباء والوكالتين البنكيتين المنهوبتين وامتلأت الطرق القريبة من الأماكن المخربة بالمئات من السكان الذين خرجوا صباحا مشدوهين لمعاينة مخلفات أعمال التخريب . وتحلق الكثير منهم حول وكالة «وفا تجاري» التي تحولت إلى أطلال مفحمة ولم يعد فيها ما يذكّر بأنها كانت في يوم ما وكالة بنكية . أما مقر مجلس مقاطعة سيدي يوسف بن علي، فقد نهب عن آخره بل حتى الرخام الذي زين أدراج بابه اقتلع بعضه وأحرقت كل محتوياته بما فيها الأبواب وإطاراتها . وخلف المخربون ببهوه آلة شليمو كبيرة الحجم يبلغ طول الألسنة النارية التي تطلقها أربعة أمتار ، وهي التي استعملت غالبا في إضرام النيران . وهو ما يعني أن العناصر التي نفذت هذه الأعمال كانت مجهزة بما يلزم لتسهيل تنفيذ مهمتها. وذكر السكان أن أعمال النهب لم تكن في مجملها على يد المخربين الذين كانوا يتنقلون بشكل جماعي، مسبوقين بدراجات نارية يتولى بعض عناصرها تصوير هذه الأعمال . فيعمدون إلى اقتحام الأماكن المستهدفة التي كانوا يقصدونها بدقة ويخربونها ويضرمون النيران بها ، أما سرقات محتوياتها فكانت تتم في الغالب على يد بعض المارة ممن كانوا يراقبون هذه الأحداث فيستغلون ظرف الانفلات للظفر بقطعة من ممتلكات هذه الأماكن . وفي أول رد فعل لها، طالبت حركة 20 فبراير بمراكش في بيان أصدرته عقب التظاهرة السلمية بالاستجابة الفورية لكافة مطالب الحركة وحماية حق التظاهر السلمي، وصيانة الملك العام والخاص، وفتح تحقيق عاجل لتحديد الجهات المسؤولة عن تحريك العناصر المخربة عندما شارفت المسيرة على نهايتها في حدود الساعة الواحدة والنصف زوالا. ومن جهتها ثمنت الهيئات السياسية والحقوقية والنقابية المساندة لحركة 20 فبراير، نجاح المسيرة من خلال الحضور المكثف للمواطنات والمواطنين والتزامهم بسلمية المسيرة، معبرين بأسلوب حضاري عن مطالبهم العادلة. كما أدانت بشدة محاولة بعض الجهات المشبوهة اختراق التظاهرة عن طريق دس بعض العناصر التي حاولت استفزاز المتظاهرين منذ البداية. وعندما لم تنفع هذه الأساليب الدنيئة لجأت في نهاية المسيرة إلى تخريب بعض الممتلكات العامة والخاصة. وعبر بيان الهيئات المساندة لحركة 20 فبراير عن تضامنها المطلق مع ضحايا التخريب والعنف، مستغربة غياب أي دور للأجهزة الأمنية في حماية المتظاهرين والمواطنين والممتلكات العامة والخاصة، مع تحميلها السلطات كامل المسؤولية من أجل فتح تحقيق شامل حول الجهات المدبرة لعملية التخريب، والتي حاولت استغلال حق الشباب في التظاهر والتعبير السلميين. ويسود بمراكش اقتناع شبه عام بأن أحداث التخريب كانت مفتعلة وموجهة لنسف مكتسبات التظاهرة السلمية، والتشويش على مطالبها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.