بحلول شهر يونيو 2016، يكون قد مر على مشاركة المنتخب الوطني لكرة القدم في نهائيات كأس العالم 1986 بالمكسيك 30 سنة. وتشاء الصدف أن يكون هذا الحضور في نفس البلد الذي احتضن هذه التظاهرة العالمية سنة 1970، التي كان المغرب خلالها الممثل الوحيد للقارة الإفريقية في نهائيات، يصل إليها 16 منتخبا، عكس 1986 التي ارتفع العدد فيها إلى 24 فريقا، من ضمنها منتخبان من إفريقيا. وخلال المشاركة في نهائيات المكسيك 1986، فاجأ الفريق الوطني كل المتتبعين، بما حققه من نتائج باهرة، وقبل الحديث بتفصيل عن هذا اﻹنجاز ، لابد من الوقوف عند السنوات اﻷولى من عقد الثمانينات، والمحطات التي شارك فيها الفريق الوطني، دوليا وقاريا وجهويا، والتي كانت خلالها أغلب نتائج النخبة الوطنية غير مرضية، وبعضها مخيب للآمال، مما جعل حتى أكبر المتفائلين لا يعتقدون أن المغرب، في المكسيك 1986، سيحقق تلك النتائج أمام فرق أوربية قوية، وبالتالي التأهل للدور الموالي. وهنا وجب التذكير بتاريخ فاصل بين حقبتين، السبعينات والثمانينات، ذلك أنه بعد الهزيمة المدوية أمام الجزائر، 5 – 1 بالبيضاء يوم 9 دجنبر 1979، ذهب جيل من اللاعبين بقيادة فرس والهزاز، وجيء بآخرين يتقدمهم الزاكي، إضافة إلى التيمومي وبودربالة والدايدي والحداوي والسوادي والبويحياوي وخلبفة والبياز وحسينة ولغريسي ودحان ولبيض، مع استمرار الظلمي، من الجيل السابق، وعودة كريمو ميري ويغشا، والتحاق آخرين مع مرور الوقت. إلا أن النتائج جاءت معاكسة للمنتخب بدءا بنهائيات كأس إفريقيا للأمم بنيجيريا 1980، واحتلاله الرتبة الثالثة وعدم المشاركة في نهائيات 1982 و 1984 والغياب عن مونديال إسبانيا 1982. وتبقى النقطة المضيئة هي الفوز بذهبية ألعاب البحر اﻷبيض المتوسط، التي احتضنها المغرب 1983، بعد الفوز في لقاء النهاية على تركيا ب 3 – 0، يوم 17 شتنبر تحت إشراف الراحل فاريا، المدرب الحديث العهد بهذه المسؤولية. بعد ذلك تأهل المغرب ﻷولمبياد لوس أنجلس، لكنه مني بهزيمتين أمام ألمانيا الغربية والبرازيل بنفس الحصة 2 – 0، و فاز على السعودية ب 1 – 0 . وخلال الألعاب العربية التي احتضنها المغرب سنة 1985، اكتفى المنتخب بالمرتبة الثانية، بعد الهزيمة في النهاية أمام العراق بالرباط ب 1 – 0 يوم 16 غشت. وخلال 1985 كذلك انتقل الفريق إلى خوض لقاءات الدور الثاني من اﻹقصائيات المؤهلة لمكسيكو 1986، فواجه المالاوي وانتصر في لقاء الدهان بالمغرب ب 2 – 0، من توقيع الحداوي و دحان يوم 7 أبريل، وانتهى لقاء اﻹياب ب 0 – 0، يوم 21 من نفس الشهر، واللقاء الثاني واجه فيه مصر بالقاهرة وانتهى 0 – 0 يوم 12 يوليوز وفي لقاء العودة فاز المغرب ب 2 – 0 من توقيع التيمومي و يوم 28 من نفس الشهر. المواجهة اﻷخيرة أمام ليبيا بالمغرب فاز أشبال فاريا ب 3 – 0، من تسجيل مصطفى ميري ولتيمومي وبودربالة يوم 6 أكتوبر. وبعد هذا الفوز صرح المدرب فاريا بأنه إذا تأهل المغرب فإنه سيعلن إسلامه، ويغير اسمه، من خوسي فاريا إلى المهدي فاريا، وعاد لقاء اﻹياب ببنغازي لليبيا ب 1 – 0 يوم 18 أكتوبر وتأهل المغرب و أشهر فاريا إسلامه وغير اسمه، وحظي باستقبال ملكي صحبة اللاعبين، وخاطب الملك الراحل الحسن الثاني الجميع، «إن جريدة فرنسية كتبت أن سعيد عويطة ملك ألعاب القوى، قائلا بالفعل عويطة ملك ألعاب القوى، وأنا ملك المغرب، وفاريا ملك كرة القدم»، ونظرا لتألقه أحرز التيمومي في نفس السنة الكرة الذهبية 1985. وكان على الفريق الوطني والمتتبعين انتظار 15 دجنبر 1985، حيث سحب قرعة نهائيات كأس العالم، فأوقعت المغرب في المجموعة 6، وكانت مجموعة صعبة، حيث ضمت المغرب وإنجلتراوبولونياوالبرتغال. وفي مارس 1986، شد الرحال إلى مصر التي احتضنت نهائيات كأس إفريقيا للأمم، بمشاركة 8 فرق، وتأهل المغرب لنصف النهائي، بعد التعادل أمام الجزائر والكامرون والفوز على زامبيا. وخلال الدور الموالي انهزم أمام مصر ب 1 – 0، واحتل الرتبة 4 بعد الهزيمة في لقاء الترتيب أمام الكوت ديفوار. وحلت ساعة المونديال الذذي جرت أطواره مابين 31 ماي و 29 يونيو 1986. وكما أسلفنا كان على المغرب مواجهة بولونياوإنجلتراوالبرتغال، فاﻷولى كانت من بين أقوى فرق أوربا، بقيادة النجم بونياك، وإذ ذاك كانت عالقة بأذهان المغاربة الهزيمة الثقيلة للمغرب أمامه خلال أولمبياد ميونيخ 1972 ب 5 – 0، أما إنجلترا فالمعروف أن لها تاريخ كروي حافل ويضم منتخبها لاعبين كبار من بينهم الحارس شيلتون و هودل ولينكر وهاثلي ... والإنجليز صرحوا لصحفهم بأن المغرب في جيبهم والفوز سيحققونه بكل سهولة. أما البرتغال وخلال نهائيات كأس أوربا للأمم، التي جرت بفرنسا قبل عامين، فقد ظهر بشكل ملفت، وبلغ نصف النهاية حيث واجه الفريق المستضيف للدورة، وانهزم أمامه بصعوبة ب 3 – 2، بعد الشوطين اﻹضافيين. 2 يونيو 1986 اللقاء اﻷول أمام بولونيا، أكد الفريق الوطني مقولة كذب المنجمون ولو صدقوا، ﻷن المتتبعين رجحوا كفة الفريق البولوني، فانتزع المغرب التعادل 0 – 0، مما جعله يؤكد ذاته، ويجلب إليه اﻷنظار، وليزيد ويؤكد أن النتيجة لم تأت من باب الصدفة، وأثناء لقائه الثاني أمام إنجلترا يوم 6 يونيو، أبرز قوته، وأعطى صورة جيدة عن الكرة المغربية، وجاء التعادل الثاني ب 0 – 0، في انتظار 11 يونيو لمواجهة البرتغال في لقاء حاسم. وكانت المفاجأة بإقحام خيري، فكان هذا اﻷخير في مستوى المسؤولية، وتمكن من تسجيل هدفين في الشوط الأول، مما أربك الفريق الخصم، قبل أن يضيف كريمو الهدف الثالث في الشوط الثاني، وفي الدقائق اﻷخيرة سجل البرتغال هدفه الوحيد، ليتزعم الفريق الوطني المجموعة، ويكون بذلك أول فريق إفريقي وعربي وإسلامي يتأهل للدور الثاني، وكان فريق ألمانيا الغربية آنذاك، في انتظار المغرب في دور الثمن، يوم 17 يونيو، ولعل أصدقاء ماتيوس، وضعوا في حسبانهم، ما قاساه فريقهم مع دول المغرب العربي، بدءا بالمغرب نفسه سنة1970. حيث الفوز بصعوبة ب 2 – 1، التعادل مع تونس 0 – 0 باﻷرجنتين 1978، والهزيمة ضد الجزائر بإسبانيا 1982 ب 2 – 1، ومن جديد عانى الفريق اﻷلماني، قبل أن يسجل هدف الفوز في الدقيقة 87 من ضربة خطأ مباشرة بسبب سوء التموضع الدفاعي. وضمت التشكلة الزاكي ولمريس وخليفة وحسينة والبويحياوي وظلمي والحداوي وبودربالة وكربمو والتيمومي وخيري. وظهر أن المرور إلى الدور الثاني بالنسبة للمغرب هو إنجاز كبير، وكان قمة ما كان يطمح إليه. إنها محطة مضيئة في تاريخ الكرة الوطنية تحكي عن الزمن الجميل. نشير إلى أن إلزاكي حصل خلال هذه السنة على الكرة الذهبية.