في مفارقة غريبة تخص عمل الحكومة في شخص وزارة المالية، حكمت اللجنة المكلفة بحصر لوائح المحاسبين المعتمدين بمعية الوزارة الوصية على آلاف المحاسبين بالعطالة القسرية، في الوقت الذي يرفع فيه شعار التشغيل الذاتي والرفع من عدد مناصب الشغل؛ وذلك بعد رفض تقييدهم في اللوائح بالرغم من كونهم يزاولون عملهم بشكل طبيعي إلى حدود اليوم.. والعدد يناهز 16 ألف منصب شغل قار. المنظمة النقابية الوطنية لممتهني المحاسبة بالمغرب، التي استنكرت هذا القرار غير المبرر، معتبرة إياه خرقا فاضحا للمادة السادسة للدستور، على اعتبار قاعدة عدم رجعية القوانين، دعت المهنيين إلى مسيرة يوم الجمعة 10 يونيو 2016 على الساعة 10 صباحا، ابتداء من أمام البرلمان بالرباط في اتجاه وزارة المالية عبر شارع محمد الخامس، كشكل احتجاجي راقي وتصعيدي وإنذاري للمسؤولين قصد التحرك السريع لإنصاف المهنيين. وقد صرح محمد المرس، الكاتب العام الوطني للمنظمة النقابية لممتهني المحاسبة في المغرب، أنه تفاعلا مع المسيرة النضالية التي تخوضها المنظمة النقابية للتنديد، أولا، بالإقصاء الممنهج من طرف الوزارة الوصية ومن طرف اللجنة المحدثة برسم المادة 101 من قانون 127/12 باعتبارها لجنة من الزمن البائد -على حد تعبيره- وأنها تشتغل في غموض تام وبعقلية أقل ما يقال عنها إنها مخالفة للمواثيق والأعراف والقوانين التي تعاقد عليها المغاربة في دستور 2011 باعتبارها لم ترسل أية أجوبة للمهنيين حول أسباب رفض ملفات المهنيين وتطلب منهم الطعن في قراراتها، معتبرا أن كل قراراتها تشوبها خروقات جسيمة منذ تأسيسها، لأنها أسست بمنطق التعيين. كما أكد لنا أن المهنيين يتابعون -بقلق شديد- عملها. ويتوجسون من القانون السالف الذكر الذي اعتبره ولد ميتا بحكم تفويضه لصلاحيات المنظمة المهنية إلى هيئة الخبراء، في ضرب صارخ لكل الإمكانيات المتاحة لتنظيم المهنة مستقبلا، قبل أن يختم بأن المحاسبين يعيشون، اليوم، إحدى المحطات القاتمة في تاريخ المهنة والاقتصاد المغربي، باعتبار المحاسب أحد روافده المهمة وبدونه لا يمكن للخزينة المغربية أن تغتني، وبدون خدماته لا يمكن للمقاولة أن تعيش. من جهته، أكد نائب رئيس المنظمة النقابية أنه إن كانت الحكومة ليست على وعي بخطورة الوضع بعد إقصاء هؤلاء المحاسبين، فبالرجوع إلى لغة الأرقام -يقول نائب الرئيس- «عندما نتكلم عن أربعة آلاف ديوان ممارس في المغرب، فإننا نتكلم عن 800 مليون درهم كحجم للاستثمارات. فكل مكتب يستثمر -على الأقل- حوالي 200 ألف درهم. نحن نتكلم عن 20 ألف منصب شغل من دون احتساب المناصب التي خلقها صاحب الديوان، نتكلم عن كثلة أجور بمعدل 3000 درهم شهريا بمجموع 864 مليون درهم، نتكلم عن المكافآت السنوية عند نهاية التصريحات والتي يمنحها المحاسبون للمستخدمين، نتكلم عن المساهمات الضريبية (الضريبة على الشركات، الضريبة العامة على الدخل، الضريبة على القيمة المضافة، الضريبة المهنية...) بمساهمة 282 مليون درهم، المساهمة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بأزيد من 177 مليون درهم. هذه أرقام مهمة جدا.. فإذا تم إقصاء نصف هذا العدد من المحاسبين لكم أن تتصوروا مقدار الخسارة التي ستتكبدها الخزينة والصناديق الاجتماعية.. فهل الحكومة على وعي بكل هذا؟..