ساهمت محاولات تنظيم الدولة الإسلامية لاستغلال الفوضى في دفع القوات التي تدعمها السعودية وجماعة الحوثي المؤيدة لإيران للتقارب في مباحثات سلام ترمي إلى إنهاء الحرب الأهلية في اليمن لكن ليس من المرجح أن يتوصل الطرفان لاتفاق لتجنب تحول البلاد إلى دويلات مسلحة متناحرة. وأحبط الصراع المحتدم على الحدود الشمالية لليمن بين السعودية والحوثيين محاولتين سابقتين لإحلال السلام. لكن الاتفاق على هدنة هذا العام وإتمام عملية لتبادل الأسرى يعني أن الآمال باتت أكبر في الجولة الثالثة من مباحثات السلام. وقد يدفع الخطر الذي يمثله عدو مشترك الجانبين إلى تحفيز جهودهما. فالواضح أن الدولة الإسلامية هي المسؤولة عن تصعيد مروع في الهجمات الانتحارية كما يواصل مقاتلو تنظيم القاعدة سيطرتهم على مساحات كبيرة من اليمن المتاخم للسعودية أكبر مصدر للنفط في العالم. وهدأ الصراع في اليمن إلى حد كبير لكنه تسبب منذ اندلاعه العام الماضي في مقتل 6200 شخص على الأقل نصفهم من المدنيين إضافة لنزوح ثلاثة ملايين تقريبا بحثا عن ملاذ آمن. ورغم الهدوء النسبي خلال المباحثات فقد تواصلت العمليات القتالية. فالسعودية نفذت عشرات الغارات الجوية ضد أعدائها بينما رد الحوثيون بإطلاق صاروخين باليستيين. وإذا استغل الطرفان الفرصة فسيسود وضع جديد غير مألوف تعتمد فيه السعودية والحوثيون على بعضهم البعض طلبا للسلام. وأطاح الحوثيون بالحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في 2014 واعتبروا ذلك ثورة لكن دول الخليج العربية السنية اعتبرته انقلابا لصالح إيران الشيعية. وبدأت السعودية في مارس 2015 حملة عسكرية من خلال تحالف بقيادتها قصفت خلالها الحوثيين والموالين لهم داخل الجيش اليمني بالغارات الجوية وسرعان مع أرسلت قوات برية أجبرت العدو على التراجع إلى صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون. وبسبب ما يشبه الحصار المفروض من قبل التحالف والجبهات القتالية التي تشمل قرى وبلدات حرم قرابة 20 مليونا من أصل 25 مليون يمني من إمدادات المياه النظيفة وأصبح أكثر من ذلك العدد في حاجة للمساعدات الإنسانية. ومن بين الدول التي اندلعت فيها احتجاجات الربيع العربي في 2011 وانتهت بالانزلاق لقتال مباشر تبدو عملية السلام اليمنية التي تتوسط فيها الأممالمتحدة الأكثر قربا لتحقيق نتيجة إيجابية. فعلى عكس ليبيا وسوريا فإن ممثلي الأطراف المتناحرة في اليمن يلتقون يوميا في الكويت ويتباحثون حول كيفية تطبيق قرارات مجلس الأمن وتقاسم السلطة. لكن ورغم الإنجاز المتمثل في استمرار المناقشات بين الأطراف اليمنية كل هذا الوقت فإن إقناعهم بالعيش سويا في صنعاء وتقاسم السلطة يظل حلما بعيدا.