من يقرأ المخطط التشريعي الذي وضعته الحكومة الحالية خارطة طريق لها عقب تنصيبها في يناير 2012 ويقارن المنجز بعد خمس سنوات . يفاجأ بأن حالة تيه وفقدان البوصلة عاشتها حكومة عبد الاله بنكيران . فلا المواعيد ، مواعيد تقديم مشاريع القوانين تم احترامها . ولا التوزيع السنوي لإنتاج هذ المشاريع انضبط لما جاء به المخطط . ولا الأولويات والإجراءات والتدابير المواكبة التي دبجت بها الحكومة وثيقتها تم الالتزام بها. ونفس الشيء حين نعود لقراءة البرنامج الحكومي نجد أن كلام يناير 2012 محته السنوات التي أعقبته . وجعلت منه مجرد خطاب ألقاه بنكيران أمام المؤسسة التشريعية وصم آذنيه تجاه ملاحظات وانتقادات واقتراحات الفرق البرلمانية بالمجلسين ... الان نحن على بعد خمسة أشهر بل وأقل من ذلك عن الاستحقاق الانتخابي ل 7 أكتوبر القادم . وطيلة هذه الفترة ستكون هناك تقييمات للأداء الحكومي من عدة جهات ومواقع سياسية ومجتمعية . لتتأكد بالفعل أن الحكومة أخلفت المواعيد مع التزاماتها وبأن حصيلتها سلبية . وفي العديد من المرات انفلت لسان رئيس الحكومة وبعض أعضاء حكومته للإقرار بهذه الحقيقة . حقيقة أنه لم يتم انجاز ما كان متفقا على إنجازه . وفي سياق عملية التقييم نقدم اليوم ماوقف عليه «النسيج المدني للحقوق والحريات « أثناء رصده للمنجز الحكومي .وهو التقييم الذي نشره أول أمس وأشار في تقديمه أنه « ينبغي التمييز فيه ما بين تقييم حصيلة الحكومة على مستوى السياسات العمومية التي نطمح أن تكون موضوع التقرير السنوي في علاقته بالحقوق والحريات، وبين مساءلة منجزها التشريعي، لقد ارتأى النسيج أن يلفت الانتباه للحصيلة التشريعية لهذه الحكومة، انطلاقا من ما يتطلبه سياق تفعيل دستور 2011 ،باعتبار الحكومة مطالبة بعرض «مشاريع القوانين التنظيمية المنصوص عليها في هذا الدستور وجوبا قصد المصادقة عليها من قبل البرلمان ، في أجل ألا يتعدى مدة الولاية التشريعية الأولى التي تلي، طبقا للفصل 86 صدور الامر بتنفيذ هذا الدستور «. ركز النسيج المدني على تسع مجالات نقدم فيما يلي أبرزها والمتعلقة بملاحظاته حول المنجز الحكومي. إصلاح منظومة العدالة يسجل النسيج المدني للحقوق والحريات بخصوص المنجز التشريعي للحكومة على هذا المستوى، ما يلي: بخصوص التضييق على حرية الرأي : توسيع مجال الحظر ليشمل ليس فقط الموقف السياسي، وإنما أيضا التصريح المعتبر سياسيا، أي الذي يكتسي صبغة سياسية (المادة 97 )و التي تحتسب خطأ جسيما و ترتب عنه توقيف القاضي حالا عن مزاولة مهامه، و قد يترتب عنه عزله من سلك القضاء ، مما سيمس بشكل واضح بحرية التعبير بالنسبة إلى القضاة خلافا للدستور ولاسيما الفصل 111 الذي متع القضاة بحرية التعبير، طالما أن التعبير متوافق مع مبادئ التجرد والاستقلالية والاخلاقيات القضائية. حظر تأسيس الجمعيات المدنية وتسييرها بأي شكل من الاشكال من طرف القضاة (حيث حظرت المادة 38 من القانون التنظيمي للنظام الأساسي للقضاة عليهم تأسيس جمعيات مدنية غير مهنية، أو تسييرها بأي شكل من الاشكال ). وهو ما يخالف صراحة الفصل 111 من الدستور، رغم أن المشرع الدستوري لم يضع أي تقييد على حرية الانتماء للجمعيات غير المهنية ، ولم يميز مطلقا بين العضوية العادية والعضوية التسييرية بالجمعيات المهنية أو غيرها من الجمعيات الحقوقية أو المدنية ، لأن تنظيم الجمعيات وتسييرها وفق الفصل 12 من الدستور يجب أن يكون مطابقا للمبادئ الديمقراطية، منع نساء ورجال القضاء من حقهم في ذكر صفتهم المهنية في مصنفاتهم العلمية أو الأدبية أو الفنية إلا بإذن من الرئيس المنتدب من المجلس ؛ غياب الضمانات القانونية والقضائية في حالة متابعة القضاة تأديبيا أمام المجلس الأعلى للسلطة القضائية؛ عدم تمكين القضاة من وسائل الطعن عند إقرار المسؤولية في حالة الخطأ. بخصوص المساس بمبدأ الإستقلالية . استمرار تبعية إدارة المحاكم إداريا وماليا لوزارة العدل والحريات مما يطرح إشكالية استقلالية هذه الأخيرة عن السلطة التنفيذية ويخلق مشاكل قد تعرقل عمل السلطة القضائية وتتيح تحكم السلطة الحكومية المكلفة بالعدل في تمكين المحاكم من الموارد والتجهيزات اللازمة لحسن سير العدالة و هو ما قد يؤثر على مضمون مبدأ الاستقلال . . عدم تحديد تشكيلة المفتشية العامة للشؤون القضائية وصلاحياتها ومجالات تدخلها. . استمرار تقييم وزارة العدل للمسؤولين القضائيين وتبعيتهم لوزارة العدل والحريات حس ما نصت عليه المادة 72 من القانون التنظيمي للنظام الاساسي للقضاة، المس باستقلالية النيابة العامة كسلطة قضائية، من خلال إلزام رئيسها الوكيل العام للملك بمحكمة النقض بعرض تقريره أمام البرلمان ،وهذا يتنافى مع الدستور ولاسيما الفصل 160 الذي حدد على سبيل الحصر المؤسسات التي تقدم تقارير أعمالها للبرلمان ، وهي مؤسسات الحكومة وبعض المؤسسات العامة، ولا يمكن لسلطة دستورية أن تقدم تقريرها لسلطة أخرى على قدم المساواة والتوازن معها. . جعل الخريطة القضائية التي تعتبر العصب الأساسي للسلطة التنظيمية من اختصاص السلطة الحكومية المكلفة بالعدل، و ممارسة التأثير عليها بموجب آلية المراسيم التي أعطت لنفسها حق المبادرة فيها وإبقاء المجلس الاعلى للسلطة القضائية مجرد جهة استشارية؛ وهو الامر المخالف للدستور وفق ما جاء في الفصل 71 الذي يجعل التنظيم القضائي و إحداث المحاكم يدخل في نطاق القانون ومن اختصاص السلطة التشريعية. عدم تطوير أداء الجمعية العمومية التي تعتبر اللبنة الأساسية لدمقرطة عمل السلطة القضائية كما هو معمول به في جميع النظم القضائية الديمقراطية والاقتصار فقط على تعميم تجربة محكمة النقض على باقي محاكم الموضوع مما يضفي الشرعية على قرارات المسؤولين القضائيين. بخصوص إعمال المساواة بين النساء والرجال يسجل النسيج على هذا مستوى ملاحظاته التالية: على مستوى القوانين التنظيمية: تأخر الحكومة في تعديل المنظومة الانتخابية والقوانين التنظيمية المرتبطة بها، وإصدارها بمدة قصيرة فقط على موعد الاستحقاقات ذات الصلة. غياب الرؤية المندمجة لإعمال ومأسسة التمثيلية السياسية للنساء في مجموع مكونات المنظومة الانتخابية عند إصدار و المصادقة على القوانين والقوانين التنظيمية؛ عدم التنصيص على ترتيب الأثر في حالة عدم تخصيص الثلث للنساء كما وقع في بعض الجهات، طبقا لما هو منصوص عليه في القوانين التنظيمية. على مستوى مشروع قانون 13-103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء: ضعف شديد في مجال الحماية الاجتماعية للضحايا من النساء في كل ما يتعلق بموضوع السكن و العمل. غياب الإشارة إلى الاغتصاب الزوجي للنساء، وعدم الإشارة إلى الفتيات المعنفات في الإطار العائلي من طرف الأقرباء أو المرتبطين بهم في إطار الخطوبة. غياب بعد التحسيس ونشر ثقافة المساواة وعدم الاشارة إلى الفاعلين الجمعويين في مجال الحماية. عدم التجريم المباشر للاستغلال الجنسي والاتجار في البشر. على مستوى مشروع القانون المتعلق بالعمال المنزليين : عدم التنصيص على احترام مقتضيات اتفاقية حقوق الطفل بخصوص سن التشغيل والذي يجب أن ألا يقل عن 18 سنة. عدم حماية الحقوق ذات الصلة بالأمومة لدى العاملات المنزليات أثناء الحمل أو خلال الوضع أو بعده، وما يترتب عن ذلك من حقوق طبقا لما حددته مدونة الشغل في المواد من 152 إلى 156 والاتفاقيات الدولية ذات الصلة. عدم التنصيص على الحق في الضمان الاجتماعي و الحق في الصحة والسلامة المهنية انطلاقا من ما نصت عليه المادة 184. عدم التنصيص على الحق في الضمان الاجتماعي و الحق في الصحة والسلامة المهنية حيث لا يولي المشروع أية أهمية للاتفاقية رقم 189 التي نصت في المادة 14 على ضرورة تمتيع فئات العمال المنزليين بحماية الضمان الاجتماعي وهو ما أكدته بالنسبة للمرأة العاملة المنزلية المادة 11 في الفقرة «ه» وفي الفقرة «و» من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة . على مستوى مشروع مسودة القانون الجنائي: عدم اعتبار جرائم الاغتصاب والتحرش الجنسي جرائم تمس بالكرامة الإنسانية والسلامة الجسدية للمرأة والإبقاء على اعتبارها جرائم تتعلق فقط بالآداب العامة. استمرار التمييز بين الجنسين في العقوبة المقررة للجريمة والجاني وانطلاقا من وضعية المرأة )مثال: حافظت المسودة على التمييز بين المرأة البكر وغير البكر في العقوبة المقررة بشأن إخفاء أو تهريب المرأة المتزوجة استمرار التمييز في الحماية بين الضحايا الرجال والنساء؛ استمرار التراتبية في تصنيف جرائم العنف ضد النساء بجعله في الرتبة الأخيرة في سلم الجرائم، بالإضافة إلى كون الاحكام المتعلقة به متفرقة؛ عدم تضمين مسودة القانون تعريفا للعنف الذي يطال المرأة بسب جنسها؛ عدم اعتبار الوقف الارادي للحمل حقا شخصيا وحرية فردية تخضع لإرادة المرأة الحامل؛ إبقاء المسودة على المقتضيات المحرمة للإجهاض الطبي رغم النقاش المجتمعي الموازي. بخصوص حرية الصحافة والنشر والحق في الوصول إلى المعلومة : يسجل النسيج على قوانين ومشاريع قوانين الصحافة والنشر الملاحظات التالية: عدم ملاءمة مجموع مشاريع قوانين الصحافة والنشر مع مقتضيات الدستور بشأن الثوابت حيث ثم استثناء الخيار الديمقراطي كثابت ضمن الثوابت كما هو منصوص عليه في الفقرة الثانية في الفصل الأول من الدستور المتعلق بالاحكام العامة، ويمكن الإحالة في ذلك على المادة 70 من الباب الاول بشأن حماية النظام العام من مشروع قانون رقم 13.88 المتعلق بالصحافة والنشر والتي ما تزال تختزل الثوابت. عدم تنصيص مشروع قانون الصحافة والنشر صراحة على منع معاقبة الصحفيين والصحفيات بالعقوبات السالبة للحرية في قضايا التعبير عن الرأي، واستمرار إمكانية اللجوء إلى قوانين أخرى خاصة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية في القضايا المتعلقة بالصحافة والنشر. عدم إقرار مبدأ حسن النية باعتباره هو الأصل في كل ما ينشره الصحفي، والاقتصار إقراره فقط عند تقدير المحكمة للتعويض عن الضرر الناتج عن المس بالحياة الخاصة أو الحق في الصورة أوا لقذف والسب. عدم التدقيق في بعض العبارات القابلة لتعدد التأويل المتصل بالثوابت المحددة في الدستور. تقييد أجال حق التصحيح والرد في 30 يوما فقط، إذ يصع في حالات كثيرة على صاحب أو أصحاب الحق (إذا كان الامر يتعلق بجماعة أو سكان منطقة معينة نائية ) . إثبات الضرر أو زيف المعطيات المنشورة داخل هذه الاجال. عدم التدقيق في الاستثناءات الواردة بشأن سرية مصادر الخبر تجنبا ألي تأويل قد يكون فيه مساس بحرية التعبير والصحافة في القضايا المتعلقة بالدفاع الوطني وأمن الدولة الداخلي والخارجي، والحياة الخاصة الأفراد ما لم تكن لها عالقة مباشرة بالحياة العامة. عدم التنصيص على دور مجلس المنافسة في ضمان عدم حكامة تدبير طلبات العروض الإعلامية من قبل مقاولات أو أفراد معينين؛ عدم إصدار قانون خاص بالصحافة الالكترونية . كما يسجل النسيج بخصوص حرية الحصول على المعلومة ما يلي: عدم التدقيق في الاستثناءات الواردة على سرية مصادر الخبر في المادة 3 من مشروع قانون الصحافة والنشر في القضايا المتعلقة بالدفاع الوطني وأمن الدولة الداخلي والخارجي، والحياة الخاصة بالافرادر ما لم تكن لها علاقة مباشرة بالحياة العامة، تجنبا لاي تأويل قد يكون فيه مساس بحرية التعبير والصحافة والنشر؛ عدم إلزام الإدارة صراحة في المادة 4 بتسهيل مهمة الصحفي في الحصول على المعلومة، بحيث تم استعمال عبارة تقوم الإدارة وليس "الإدارة ملزمة ب..."؛ 14 عدم التدقيق في تحديد الاجال التي تلزم الإدارة بتمكين الصحفي من المعلومة حيث تم استعمال عبارة "الوقت المناسب "، بما يعتبرها النسيج صيغة عامة وغير محددة وتسمح بالتأويل, بخصوص الحقوق الثقافية واللغوية ملاحظات النسيج: تعثر تفعيل ورش التشريع بخصوص إصدار القانون التنظيمي الخاص بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية و بالحقوق اللغوية والثقافية. عدم مراجعة وملاءمة القوانين الصادرة قبل دستور 2011 مع المقتضيات ذات الصلة باللغة الامازيغية كلغة رسمية. استمرار إصدار قوانين تنظيمية وعادية لا تأخذ بعين الاعتبار رسمية اللغة الامازيغية ، أمثلة: − القانون التنظيمي المتعلق بالتعيين في المناصب العليا؛ − القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات؛ − القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والاقاليم ؛ − القانون المتعلق بتنظيم الجهات؛ − القانون التنظيمي المتعلق بالاحزاب السياسية. بخصوص الملتمسات والعرائض ملاحظات النسيج : إقصاء المهاجرين واللاجئين المقيمين في المغرب بصفة قانونية من توقيع الملتمسات ، بما يشكل تمييزا على مستوى حقوق المواطنة ؛ الاحتفاظ بالصيغ العامة والقابلة للتأويل بشأن الثوابت؛ استبعاد الملتمسات والعرائض المحررة باللغة الامازيغية وهو ما يتعارض مع المقتضى الدستوري ذي الصلة بترسيم الامازيغية ؛ استبعاد التوقيع الالكتروني بالنسبة للملتمسات؛ استبعاد المجالس الترابية من الجهات التي توجه اليها العرائض؛ الإبقاء على عدد التوقيعات بالنسبة للملتمسات في 25 ألف توقيع، وبالنسبة للعرائض في خمسة آلاف ؛ عدم التنصيص على إحداث سجل رسمي لدى مكتبي التسجيل بالبرلمان لتدوين مقترح الملتمسات . عدم تمكين أصحاب الملتمسات والعرائض من فرص المراجعة في حالة وجود إي خطأ شكلي؛ عدم وجو د أي مقتضى يضمن لمقدمي الملتمسات والعرائض إمكانية الطعن في حالة الرفض. بخصوص هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز ملاحظات النسيج بشأن مشروع القانون المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز ما يلي: عدم الالتزام بإعمال مقتضيات ديباجة الدستور بشأن سمو القانون الدولي لحقوق الانسان بخصوص الاقرار الفعلي بالمساواة وحضر كل أشكال التمييز ومناهضة العنف؛ عدم إدراج تعريفات حقوقية أساسية ومرجعية في المشروع تتعلق بتعريف المساواة و التمييز والمناصفة ؛ عدم منح الهيئة سلطة شبه قضائية إلى جانب اختصاصها في مجال النهوض بالمساواة والمناصفة بين النساء الرجال؛ عدم منح الهيئة الضمانات الكافية للاستقلالية وفقا لمبادئ باريس؛ عدم استحضار البعد الجهوي والمحلي للهيئة على غرار باقي المؤسسات الوطنية؛ عدم تعزيز صلاحيات الهيئة لتشمل المساهمة في مساءلة السياسات العمومية والاستراتيجيات والبرامج الحكومية وفي قضايا المساواة والمناصفة والميزانيات المسنجيبة للنوع االاجتماعي؛ عدم التنصيص على معيار احترام حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين عند اختيار أعضاء الهيئة؛