في مثل هذا الشهر من سنة 2010، وتحديدا في اليوم الثالث منه، فقد المغرب مفكرا كبيرا، ورجلا من طينة خاصة، وهو محمد عابد الجابري، صاحب مقولة «العقل العربي بحاجة اليوم إلى إعادة الابتكار»، والذي من بين أقواله أيضا «وليس من عادتي أن أرد على من ناقش، مخالفا أو معترضا، ما كتبت هنا أو هناك، لأن الكاتب عندما يعرض على الناس ما يكتب فهو يدعوهم إلى «الانفعال» معه وبالتالي إلى التعبير عن هذا الانفعال، إلى ممارسة «حق الرد»، الذي أغنى الخزانة الفكرية والفلسفية، بمؤلفاته العديدة التي تصل إلى 30 مؤلفا، من بينها كتاب «نحن والتراث»، «المثقفون في الحضارة العربية»، ورباعية نقد العقل العربي، وغيرها. هذا الهرم الذي تميز مسار حياته بعطاء متنوع، همّ مختلف واجهات ومنابر الفكر والثقافة، والتربية والتعليم والبحث الأكاديمي، والفعل السياسي والإعلامي. ذكراه بقلب درب السلطان، لم تحرص كل المكونات المتدخلة على إيلائها مكانتها اللائقة، ولو في الحدّ الأدنى، سواء تعلّق الأمر بسلطات عمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان، أو المنتخبون على صعيد مقاطعة الفداء! ملاحظة تتضح بشكل جلي، لكل المارة ومستعملي الطريق الذين قد يعبرون زقاقا مقابلا لمدخل المحلقة الإدارية الورود 21، في اتجاه شارع موديبوكيتا، على مستوى حي الورود، هذا الزقاق الذي يحمل إسم المفكر الشامخ المرحوم عابد الجابري، وفقا لما تشير إليه يافطة، كانت هناك متدلّية لمدة أكثر من ثلاثة أشهر، يصلها بالجدار المعلّقة عليه مسمار صغير، سرعان ما استسلم لثقل الإسم، فاختفت اليافطة، واختفت معها كل إشارة تدل على الزقاق وصاحبه، بحمولاته المتعددة الأبعاد، دون أن تتدخل قبل اليوم الجهات المختصة، لتعزيز حضور الدلالة الجغرافية والمعرفية، وترسيخها رسوخ هذه القامة الشامخة في محراب الفكر والفلسفة، تفاديا لضياع اللوحة وإتلافها، وهو التقاعس والتجاهل أو لنقل عدم الاستيعاب، الذي استمر إلى غاية اليوم، حين لم تتدخل مرة أخرى، لإصلاح لحظة شرودها الذي أضاع اليافطة، الذي لن يضر إلا القائمين على الشأن المحلي من الناحية الأخلاقية، بالنظر إلى أن كل المجتمعات هي تعتني بأهرامها وأعلامها ونسائها ورجالاتها، الذين تحرص أشد الحرص على أن تظل أسمائهم وخطواتهم لصيقة بذاكرة الأجيال، حية لا تموت، إلا المسؤولين بالفداء مرس السلطان، الذين قد تكون لهم أولويات أخرى؟