لم تخل الدورة التاسعة للجمعية العامة للمجلس الأعلى للتربية و التكوين و البحث العلمي من لحظات توتر .. والسبب هو عرض اللجنة الدائمة للحكامة خلاصات تنهي مع زمن المجانية الذي طبع مسار المنظومة التربوية مند الاستقلال ..و توصي بضرورة مساهمة الأسر في تحمل العبء المالي للعملية التعليمية بسلك التعليم العالي على المدى القريب و بالثانوي التأهيلي على المستوى المتوسط أي في غضون خمس سنوات على أبعد تقدير ..اللجنة اقترحت في هذا السياق إحداث صندوق لتمويل كلفة الإصلاح التي تضمنتها الرؤية الاستراتيجية 2015/2030 إلى جانب مساهمات الأسر و الهبات الممنوحة للقطاع و جزء من عائدات المقاصة و نسبة من موارد الجهات مع رفع الميزانية العامة لوزارة التربية الوطنية إلى 5% سنويا ...عمر عزيمان اعترف أمام أعضاء المجلس الأعلى بالصعوبات و التعقيدات التي واجهها عدد من الخبراء و الهيئة الوطنية للتقييم في ضمان الوعاء المالي الضروري لتغطية كلفة إصلاح المنظومة التربوية ، وأقر بالمناسبة بشح المعلومة على المستوى المالي و الاقتصادي و الديمغرافي و بالتحدي المتعلق بدقة التوقعات و الفرضيات ؟!. فتح مجال الاستثمار أمام « مجموعة ميقاتي « اللبنانية في شهر نونبر من السنة الماضية دشنت وزارة التربية الوطنية و التكوين المهني أولى خطواتها لفتح الاستثمار في قطاع التعليم أمام الرأسمال الأجنبي ...حيث جرى لقاء رسمي بين الوزير المنتدب لدى وزير التربية الوطنية خالد البرجاوي و وفد عن»مجموعة ميقاتي» التي يملكها رجل الأعمال اللبناني ورئيس وزراء الأسبق نجيب ميقاتي بمن أجل فتح فرص الاستثمار أمام هذه المجموعة بالمغرب وذلك بغاية إحداث العديد من المؤسسات التعليمية بالسلكين الابتدائي و الإعدادي ...اللقاء الذي ترأسه جمال رمضان المدير التنفيذي للمجموعة أعقبه بيان رسمي للوزارة يتفاعل إيجابا مع عرض المجموعة اللبنانية خصوصا بعد «نجاح التجربة» التي انطلقت من شمال لبنان و توسعت بعدد من الدول العربية و خاصة بدول الخليج ...الوزارة و بشكل صريح أكدت أن الهدف من اللقاء مع المجموعة اللبنانية هو تعميم تجربة الاستثمار في التعليم بعدد من الدول الإفريقية و على رأسها المغرب .. و اعتبر الوزير المنتدب أن الجو العام في المغرب ملائم للاستثمار ، مؤكدا أن الوزارة تسعى إلى تشجيع القطاع الخاص في مجال التعليم طالما أن الطلب لازال كبيرا على هذا المستوى ، مبرزا أن قطاع التربية الوطنية يوفر مجموعة من التسهيلات أمام المستثمرين من قبيل تبسيط المساطر الإدارية و القانونية .. و أشار الوزير إلى أن تحسين العرض التربوي يمر عبر تأهيل المؤسسات التعليمية و اعتماد المدارس الشريكة و التي -حسب رأيه- ستساهم في تطوير النظام التربوي يندرج ضمن تدابير الإصلاح ذات الأولوية ... !! الرهان على شركة المجمع الشريف للفوسفاط توجت المشاورات بين وزارة التربية الوطنية و التكوين المهني و المجمع الشريف للفوسفاط بتوقيع اتفاقية للشركة و التعاون بين رشيد بلمختار و مصطفى التراب يتم بمقتضاها تسليم 21 مؤسسة تعليمية بالمدن الفوسفاطية و تحديدا بخريبكة واليوسفية و الجديدة و آسفي و بنجرير بالإضافة إلى الدارالبيضاء ..المؤسسات التعليمية العمومية التي تتوزع على مختلف الأسلاك ستتحول بمقتضى هذه الاتفاقية إلى مدراس شريكة يتم ولوجها من طرف التلاميذ بعد أداء الرسوم المالية الموجبة للتسجيل خلال السنة الدراسية .. و ستخضع على مستوى التسيير للتدبير المفوض على شاكلة مدارس الإقامة التي أحدثها المجمع الشريف للفوسفاط خلال السنوات الأخيرة لتلبية احتياجات أبناء الفوسفاطيين من التربية و التعليم ...المدارس العمومية التي ستحولها إدارة الفوسفاط إلى مدارس خصوصية لم تتم بشأنها المشاورات المطلوبة مع الأطرف المعنية بهذا التحول خاصة و أن العديد من هذه المؤسسات تؤدي الخدمة العمومية في مجال التعليم للآلاف من أبناء المغاربة بهذه المناطق ، و لازالت أطقمها الإدارية و التربوية تشتغل بشكل رسمي بهذه المؤسسات و لا يعرف مصير التلاميذ و لا الأساتذة و لا العاملين بالإدارة بعد تحويل هذه المؤسسات إلى مدارس خصوصية ...الملاحظة الثانية وهي أن تسليم هذه المؤسسات لإدارة الفوسفاط تم دون مناقصة ولا طلب عروض .. مما سيسمح لهذه الأخيرة بهدم و إعادة بناء المرافق التربوية و استغلال الرصيد العقاري لهذه المؤسسات من أجل الزيادة في القدرة الاستيعابية و الرفع من عدد التسجيلات دون حسيب و لا رقيب .. القرارات المؤلمة لحكومة بنكيران... تعتبر رؤية الإصلاح قطاع التعليم الخاص مكونا من مكونات المدرسة المغربية بل و طرفا في المجهودات الرامية إلى التعميم الشامل و المنصف للتعليم ، و لاسيما على مستوى التعليم الإلزامي ، وكذا تنويع العرض التربوي الوطني و تجويده و تشجيع التفوق مع مراعاة مبدأ الإنصاف و تكافؤ الفرص . لكن هذه الرؤية لم تنف الانتقادات الموجهة للتعليم الخصوصي خاصة في المرحلة الفاصلة ما بين اتفاق الصخيرات سنة 2007 و تنزيل الرؤية الاستراتيجية لإصلاح سنة 2015 ..حيث كشفت الوثيقة المتعلقة بالتدابير المتخذة لتوسيع العرض التربوي أن مساهمة التعليم المدرسي الخصوصي لم يتجاوز 11,83 % ...و أن أكثر من ثلثي هذا القطاع موجهة أساسا للتعليم الابتدائي ، وأن عدد البنايات المعدة أصلا للتدريس لا يتجاوز 48 % .. من هذا المنطلق أكدت رؤية الإصلاح على ضرورة التزام التعليم و التكوين الخاص بمبادئ المرفق العمومي، لأنه استثمار في خدمة عمومية تندرج في إطار الخيارات والأهداف المرسومة للمشروع التربوي و التعليمي الوطني ..من هذا المنطلق يمكن للمتتبع أن يتفهم الإشكالات المتعلق بتمويل منظومة التربية و التكوين بالمغرب...لكن عندما يتأمل المرء رزنامة التدابير و القرارات المؤلمة les décisions douloureuses في عهد حكومة بنكيران ...بدءا من تمديد سن التقاعد و تجميد الحوار الاجتماعي و التراجع عن التوظيف و اللجوء مستقبلا إلى التعاقد و إلغاء صندوق المقاصة و فسح المجال للقطاع الخاص للاستثمار في القطاع الصحي و التراجع عن مجانية التعليم و تسليم مؤسسات عمومية ذات طابع اجتماعي لمجموعات استثمارية كبرى ..سنكون إذن أمام خيارات ليبرالية متوحشة التي تنزع الطابع الاجتماعي للدولة بتنصلها من الخدمات العمومية المفروض توفيرها للمواطنين .. وستكون الأسر المغربية غدا ، و هي تراهن على تعليم جيد ، أمام لوبيات جديدة تستفيد من ريع الدولة و من جيوب المواطنين على حد سواء ...