ندوة ترثي المؤرخة لطيفة الكندوز    حريق جزئي في بناية 'دار النيابة' التاريخية بطنجة بسبب تماس كهربائي    انفجار نفق بسد المختار السوسي بضواحي تارودانت.. بعد مرور أكثر من 12 ساعة من الحادث لا زال 5 عمال مفقودين    رئيس كولومبيا يتخبط أمام ترامب    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    نشرة إنذارية: هبات رياح محليا قوية من 70 إلى 95 كلم/س بعدد من أقاليم الشمال    نادي الشارقة الإماراتي يعلن تعاقده مع اللاعب المغربي عادل تاعرابت    السنغال تبدأ تنفيذ مشروع أنبوب الغاز الرابط بين المغرب ونيجيريا    العيون تُعلن عاصمة للمجتمع المدني المغربي لسنة 2025    الكاف: أكثر من 90 بلدا سيتابعون قرعة كأس أمم إفريقيا بالمغرب    جريمة تهز وزان: مقتل سيدة وإصابة شقيقتها في اعتداء دموي بالسلاح الأبيض    تأني الفتح يغلب استعجال الرجاء    الشرقاوي حبوب: تفكيك خلية إرهابية بمنطقة حد السوالم يندرج في إطار الجهود المبذولة للتصدي للخطر الإرهابي    المغرب يحقق سابقة تاريخية في كأس إفريقيا.. معسكرات تدريبية فاخرة لكل منتخب مشارك    وزارة التربية الوطنية تكشف خلاصات لقاءات العمل المشترك مع النقابات التعليمية    إحباط تهريب 200 كيلوغرام من الحشيش بميناء سبتة المحتلة    الدورة 35 لماراطون مراكش الدولي: العداء الكيني ألفونس كيغين كيبووت والإثيوبية تيرفي تسيغاي يفوزان باللقب    تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية ومرفوضة فلسطينيا وعربيا.. ترامب يقترح ترحيل الفلسطينيين من غزة إلى الدول العربية المجاورة    تراجع للدرهم أمام الأورو.. و4% نمو سنوي في الاحتياطيات    هذه خطة المغرب لتعزيز شراكته الاقتصادية مع الصين وتقليص العجز التجاري    المفوضية الأوروبية: الاتفاقيات الجوية بين المغرب والاتحاد الأوروبي لا تشمل الصحراء    تقرير: المغرب يواجه عام 2025 بتطلعات متفائلة مدعومة بالتعاون الاقتصادي مع الخليج وأوروبا    الشرقاوي: تفكيك الخلية الإرهابية بحد السوالم يندرج في إطار التصدي للخطر الإرهابي    غرق بحار ونجاة أربعة آخرين بعد انقلاب قارب صيد بساحل العرائش    الملك محمد السادس يهنئ الحاكمة العامة لكومنولث أستراليا بمناسبة العيد الوطني لبلادها    وزارة الصحة تعلن عن الإجراءات الصحية الجديدة لأداء مناسك العمرة    "كاف": الركراكي مطالب بالتتويج    15 قتيلا بنيران إسرائيل بجنوب لبنان    ريدوان وحاتم عمور وجيمس طاقم تنشيط حفل قرعة كأس أمم إفريقيا    بعد نجاحه مع نشيد ريال مدريد.. ريدوان يستعد لإطلاق أغنية خاصة ب"أسود الأطلس"    تفكيك "شبكة حريڭ" باستخدام عقود عمل مزورة    كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم: الكشف عن الشعار الرسمي للبطولة    تفشي مرض الحصبة في المغرب.. الوضع يتفاقم والسلطات تتحرك لمواجهة اتساع رقعة انتشاره    تدشين وإطلاق عدة مشاريع للتنمية الفلاحية والقروية بإقليم شفشاون    وزارة التجهيز والماء تطلق ورشات تشاورية لتثمين الملك العمومي البحري    الطماطم المغربية تغزو الأسواق الأوروبية أمام تراجع إسبانيا وهولندا    جمعوية: الكلاب المتخلى عنها الأخطر على المواطنين مقارنة بالضالة    المغرب حاضر بقوة في المعرض الدولي للسياحة في مدريد    أساتذة "الزنزانة 10" يحتجون بالرباط‬    رحلة مؤثر بريطاني شهير اكتشف سحر المغرب وأعلن إسلامه    شبكة صحية تنتقد الفشل في التصدي ل"بوحمرون" وتدعو لإعلان حالة طوارئ صحية    المحكمة الكورية ترفض طلب تمديد اعتقال الرئيس المعزول    الصين: ارتفاع الإيرادات المالية بنسبة 1,3 بالمائة في 2024    أخنوش أصبح يتحرك في المجالات الملكية مستبقا انتخابات 2026.. (صور)    الجزائر تتجه نحو "القطيعة" مع الفرنسية.. مشروع قانون لإلغائها من الجريدة الرسمية    معرض القاهرة الدولي للكتاب .. حضور وازن للشاعر والإعلامي المغربي سعيد كوبريت في أمسية شعرية دولية    لقاء ينبش في ذاكرة ابن الموقت    الخارجية الأمريكية تقرر حظر رفع علم المثليين في السفارات والمباني الحكومية    الولايات المتحدة.. طائرات عسكرية لنقل المهاجرين المرحلين    القنصلية العامة للمملكة بمدريد تحتفل برأس السنة الامازيغية    وزارة الصحة تعلن عن الإجراءات الصحية الجديدة لأداء مناسك العمرة    من العروي إلى مصر :كتاب "العناد" في معرض القاهرة الدولي    فعاليات فنية وثقافية في بني عمارت تحتفل بمناسبة السنة الأمازيغية 2975    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إصلاح الكتاب المدرسي بين رهانات الجودة وإكراهات الواقع
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 27 - 04 - 2016

مجال التربية والتعليم ليس بمعزل عن هذا السياق فهو الأخر يتأثر ويؤثر، غير أن حظه من التأثير ليس بكبير وخاصة في البلدان النامية، فهو دائما ذلك بمثابة القاطرة المقودة وليست القائدة، لذلك فإن السعي نحو جودة التربية والتعليم من شأنه أن يغير المعادلة ويعيد للتعليم ريادته وقيادته لباقي القطاعات الحيوية في الإنتاج ويدير دواليب عجلة التقدم نحو الرقي والازدهار، فهو بهذا الاعتبار يعتبر مطمحا لكل الشعوب والأمم لكي تنال مكانتها بين باقي الحضارات والأمم المتقدمة.
ولتحقيق الجودة التي يصبو إليها الجميع, لابد من تحقيقها قبل كل شيء في الوسائل التعليمية والمعينات الديداكتيكية التي من أهمها الكتاب المدرسي الذي يعتبر حجر الزاوية داخل العلمية التعليمية التعلمية.
إن الكتاب المدرسي لا زال يعد مصدراً هاماً من مصادر تنمية المعارف والمهارات والقيم لدى المتعلمين، رغم ما عرفته الأسناد الالكترونية والتطورات التكنولوجية من تقدم على مستوى تقريب المعلومة، فهو لا زال أحد مدخلات العملية التربوية وأداة من أدوات التوجيه التربوي،وركيزة أساسية للمنهاج المدرسي، والأساس الذي يستعين به المدرس في إعداد دروسه، كما قد يكون المرجع الوحيد للتلميذ في أغلب الأحيان للمذاكرة والمراجعة، نظرا لانتشارها الواسع، ولكونها التجسيد العملي لمقومات المنهاج التعليمي
واقع الكتاب المدرسي في المنظومة التعليمية المغربية
يعرف الكتاب المدرسي في المنظومة التعليمية المغربية عدة صعوبات تواجهه لتحقيق الجودة المنشودة، وتتفاوت حدة هذه الصعوبات والإكراهات حسب المجالات المتحكمة أساسا في العملية التعليمية التعلمية، والتي من أهما؛ المجال المعرفي والتربوي والاقتصادي ثم السياسي:
الاكراهات المعرفية: وتتجلى أهم الاكراهات التي يمكن أن يعاني منها الكتاب المدرسي في المجال المعرفي، هي تلك المرتبطة بصعوبات التحيين والتبسيط، والتي تعتبر حلقة الوصل الأساسية بين المعرفة العلمية المخبرية أو المعرفة العلمية المجردة وذهن المتعلم الذي يتميز بمجموعة من الخصائص التي تحد نوعا ما من استيعابه لهذا النوع من المعرفة، كما أن التحيين هو ضرورة مهمة لمواكبة التطور السريع والمتزايد الذي تولد عن الانفجار المعرفي والتكنولوجي الذي جعل المعرفة تنتشر وتتطور بشكل لم يستطع معه الكتاب المدرسي مواكبة واستيعاب الكم الهائل من المعلومات الجديدة والجزئية، وهذا يجعل من المتعلم يشعر أحيانا بتخلف وتأخر الكتاب عن أخر المستجدات، مما يولد حالة من الشك في قيمة الكتاب العلمية، لذلك فإن أهم الصعوبات التي يوجهها الكتاب المدرسي في هذه الفترة ما يلي:
الراهنية والتحين والمواكبة في المعلومة؛-التبسيط وسهولة الطرح المعرفي للمادة؛الدقة واختيار العبارات والألفاظ المناسبة؛اكتساب المعرفة الوظيفية وطرق البحث عنها .
الإكراهات التربوية:والمقصود بها ما قد يعرفه الكتاب المدرسي من نقص في التأطير التربوي والقيمي مقارنة بمحتواه المعرفي، إذ أن التربية على القيم والمثل الأخلاقية ليست أقل أهمية من الشحن المعرفي، ذلك أن الانسان مهما بلغت معرفته ومهارته من الرقي لا يساوي شيئا إذا انعدمت قيمه وغاب ضميره الذي يصده عن فعل السوء تحقيقاً لنزواته أو اشباعاً لرغباته، لذا فإن اهم الاكراهات التربوية تلك المرتبطة بما يلي:
-المنظومة المرجعية المعتمدة لترسيخ القيم؛التصريف التربوي والاخلاقي لمكونات المادة؛النموذج البيداغوجي الموحد والناجع لبناء مكونات الدرس.
الإكراهات الفنية:إن للعامل الفني في جودة الكتاب المدرسي دورا كبيرا، فمن خلاله يتم تحبيب المادة وتصريفها بأساليب فنية وجمالية تجد مكنتها من نفسية المتعلم وتستهويه فيقبل عليها بحيوية ونشاط واقبال متجدد، وقد دلت على ذلك مجموعة من الدراسات النفسية والتربوية، لذلك وجب اخذها بعين الاعتبار في جميع العمليات التي تروم اصلاح الكتاب المدرسي وتجديده، والاستعانة بالأبحاث النفسية المرتبطة بالجرافيك. ومن أهم العناصر التي يمكِّنُ تحسنها من الرقي بالجودة الفنية للكتاب ما يلي:
-جودة الطبع والألوان المستعملة؛جودة الورق ومقاسته؛ التناسق الداخلي وجاذبية الكتاب.
الإكراهات الاقتصادية:ونقصد به مجموع الاكراهات المادية المتحكمة في الجودة الفنية للكتاب المدرسي والقدرة الشرائية المحدودة لعدد من المواطنين، وتتعدد هذه الإكراهات حسب كل طرف من المساهمين في العلمية التعلمية، ونقتصرعلى الأطراف الرئيسية المتدخلة في انتاج وتوزيع وشراء الكتاب المدرسي وهي كالتالي:
*الطرف الأول، آباء وأولياء التلاميذ: إن معدل ما يصرفه المواطن على تمدرس أبناءه، إذ يختلف من طبقة اجتماعية إلى أخرى حسب دخلها الشهري، مما ينتج عنه فرق شاسع على القدرة والإمكانيات التي يستطيع أن يصرفها كل مسؤول أسرة على أبناءه، بين من ينفق الألف من الدراهم شهريا وبين من ينفق الدراهم المعدودة، وهذا ما ينبغي أن تأخذه الدولة بعين الاعتبار في تحديدها لأثمان الكتب المدرسية، لذلك أصبحنا أمام طبقتين من المجتمع فئة تكتفي بالمقرر المصادق عليه من طرف الدولة والذي يباع بسعر أقل، وبين فئة لم تكتف بمقررات الدولة والتجأت إلى مقررات أجنبية تنشد فيها ضالتها من العلم والمعرفة، لكن بثمن أغلى وبجودة أعلى، مما يطرح عدت تساؤلات حول مدى تحقق مبدأ تكافئ الفرص بين جميع طبقات المجتمع؟
*الطرف الثاني، الدولة والوزارة الوصية: من خلال ما تم الإعلان عنه في دفاتر التحملات حول مواصفات الكتاب المدرسي والتي شملت تحديدات تهم نوع ورق ونوع الطباعة ووضوح الحروف والكلمات والصور، لكن يبقى الهاجس المتحكم والذي يحد من التنزيل الفعلي للمواصفات المذكورة في دفاتر التحملات هو مراعاة القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة والضعيفة، لذلك يطرح أشكال الموازنة بين الحفاظ على القدرة الشرائية الضعيفة وبين الجودة التي تتطلب مصاريف مرتفعة لتسديد حاجيات الطباعة واختيار الاجود من الورق والصباغة.
*الطرف الثالث، دور الطبع والنشر:إن هذا الطرف أصبح له دور أساسي في سلسلة التأليف المدرسي بعدما تم تكليفه بتشكيل لجان متخصصة للتأليف وطباعة هذه الكتب بعد المصادقة عليها من لدن وزارة التربية الوطنية، ثم القيام بمهمة النشر والتوزيع حتى لضمان توصل جميع التلاميذ بالكتب بداية كل موسم دراسي جديد، وهذا بطبيعته لا بد وأن يفرض عدة إكراهات مادية بالدرجة الأولى نظرا لكون هذه المؤسسات ذات طابع مقاولاتي، مما قد يؤدي في بعض الأحيان إلى نقص في جودة الكتب المدرسية بسبب هامش الربح الذي تحدده الوزارة الوصية والذي قد يكون غير كافيا في نظر هذه المؤسساتبالمقارنة مع متطلبات الطبع والنشر والتأليف.
الكتاب المدرسي في الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم في أفق 2030
عملا على تجاوز الاكراهات التي يمر منها الكتاب المدرسي في المدرسة العمومية نعمد إلى استخراج أهم المقتضيات التي نصت عليها الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم في أفق سنة 2030 التي صدرت عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والتي رفعت شعار "من أجل مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء»، وذلك قصد استخراج ما جاءت به هذه الرؤية من حلول ومقترحات للرفع من جودة البرامج والمناهج عموما.
يعتبر المجلس أن أهم الاختلالات المرصودة والتي تحول دون تحقق جودة المناهج والبرامج تلك المرتبطة بما يلي:
ضعف التمكن من المعارف واللغات والكفايات والقيم؛عدم تكامل المناهج والبرامج فيما بين التعليم المدرسي والتعليم العالي والتكوين المهني،وضعف الجسور فيما بينها؛تشتت المواد الدراسية و كثافة المضامين وكثرتها؛نقص في مواكبة وإدماج البنيات الجديدة للمعرفة والابتكار، وتكنولوجياتها التربوية وولوج محدود للتعلم عبر هذه التكنولوجيات.
وهذا قد ترتب عنه مجموعة من النقائص التي عرفتها المنظومة التعليمية والتي من أهما على الإطلاق في نظر المجلس:نقص في جودة المناهج والبرامج المدرسية،بما في ذلك الكتب المدرسية والوسائل التعليمية،والتجهيزات والفضاءات المخصصة للتعلم.لذلك يقترح المجلس مجموعة من الحلول والمقترحات حول النموذج البيداغوجي ومراجعة البرامج والمناهج وقد تركزت أهم هذه الحلول والمقترحات في الفصل الثاني من الرؤية الذي بعنوان: من أجل مدرسة الجودة للجميع، وخاصة الرافعة الثانية عشرة: تطوير نموذج بيداغوجي قوامه التنوع والانفتاح والنجاعة والابتكار. وفيما يلي أهم العوارض المرتبطة بجودة البرامج والمناهج:
النموذج البيداغوجي والإنصاف والدعم التربوي:وذلك من خلال إدماج برامج الدعم التربوي للمتعثرين والمتعثرات في صلب المناهج والبرامج المقررة، وضمن الزمن الدراسي.
المناهج وتنمية القدرات والمواهب والتميز:من خلال جعل تشجيع النبوغ والتميز أحد مكونات المناهج المدرسية،في إطار الاحترام التام لتكافؤ الفرص والإنصاف والاستحقاق.
المراجعة المنتظمة للمناهج والبرامج والتكوينات وفق معايير الجودة: من خلال إجراء تقييمات مؤسساتية منتظمة للإنجاز والمردودية و النجاعة استناداً إلى مرجعيات دقيقة تستجيب للمعايير الوطنية والدولية، تشمل الخطط الإصلاحية،والتحصيل الدراسي والتكويني، واستعمال المقررات والكتب المدرسية والوسائط التعليمية، والممارسات البيداغوجية والتكوينية.وإنجاز دراسات وفق تخطيط توقعي لحاجات المتعلمين وخصوصياتهم،والمتطلبات المحلية و الجهوية لمحيطهم الاجتماعي والاقتصادي،وإدماج ثقافة المشاريع. وكذا تفعيل اللجنة الدائمة للتجديد والملاءمة المستمرين للمناهج والبرامج التي نص عليها الميثاق في المادة107، وتنظيمها وفق نص قانوني. وإرساء بنيات وطنية و جهوية للبحث والابتكار البيداغوجي في المناهج والبرامج و التكوينات.
ملاءمة المنهاج المدرسي والبرامج التعليمية والتكوينية:وذلك بجعل التربية على القيم،في بُعدها الوطني والكوني، من الوظائف المحورية للمدرسة وأحد مقومات المناهج والبرامج التربوية والتكوينية؛
إدماج التكنولوجيات التربوية:من خلال تعزيز إدماج التكنولوجيات التربوية في النهوض بجودة التعلمات،وإعداد استراتيجية وطنية جديدة لمواكبة المستجدات الرقمية على مستوى المناهج والبرامج والتكوينات منذ المراحل الأولى من التعليم.والعمل في المدى المتوسط، على مراجعة مفهوم الكتاب المدرسي، ورقمنته، بموازاة رقمنة المضامين و الوثائق التعليمية. وإعداد برنامج وطني بآجال محددة، قصد استكمال تجهيز المؤسسات التعليمية والتكوينية والجامعية بتكنولوجيا الإعلام و الاتصال. والعمل في المدى المتوسط،على تكوين مختصين في البرمجيات التربوية والإعلاميات البيداغوجية، وإنتاج المضامين والموارد التعليمية الرقمية.
إذن, فمن الملاحظ أن الكتاب المدرسي والبرامج والمناهج عموما يأتيان في سياق معالجة مجموعة من القضايا المرتبطة بالرفع من جودة التعلمات ومعالجة التعثرات وتحسين المردودية وترسيخ القيم، لذلك فالدعوة إلى مراجعة البرامج والمناهج هو جزء من الحل الكلي والشامل الذي وضعته الرؤية الاستراتيجية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، فتوفير البيئة التي ستحتضن المنهاج الجديد وتهيئة البنية التحتية والقضاء على الفوارق بين كافة المتعلمين كلها مهمة جدا لإنجاح هذه المراجعة ولتحقيق تطلعات الإصلاح التربوي التعليمي، ذلك أن المتفق عليه بين الخبراء أن أي اصلاح يروم تغيير البنية التعليمية لا بد وأن يراعي كل الأطراف ويحدد جميع الاختلالات وينطلق من رؤية شاملة ومتكاملة، كالدواء الذي لا يترك أعراضا جانبية وانما يتجه نحو مكان المرض فينتزعه من أصوله انتزاعا.
لكن يبدو أن العنصر الذي أغفلته هذه الرؤية في شقه المتعلق بمراجعة المناهج والبرامج والكتب المدرسية على وجه التحديد هو ذلك المتعلق بمنهجية التأليف وتحديد معايير التحكيم وطرق التقويم والمتابعة، والتي لا شك أنها ذات أهمية بالغة في تجويد عملية المراجعة على أسس من التكافؤ والانصاف في صياغة مقررات تليق بمجتمع مغربي أصيل ذو هوية إسلامية حضارية إنسانية، وتلافي الأخطاء المرتكبة في المرجعة السابقة نظرا لما عرفته من اختلالات على مستوى المنهجي والقيمي،حتى نستطيع تحقيق ما تم وضعه لهذه المراجعة من أهداف وغايات.
رهان الجودة وسبل الرفع من المردودية
إن السعي لامتلاك الجودة يحتم على المشتغلين بهذا القطاع وضع خطة إصلاحية تروم أولا تحديد الاكراهات التي تناولنا جزء منها في المحور الأول، ثم وضع الحلول المناسبة وترتيبها حسب الأولويات من الأكثر أهمية إلى الأهم إلى المهم.ومن وجهة نظري فإن ترتيب الأولويات ينبغي أن يعتمد سلما يقوم على القواعد التالية:
-الرفع من القيمة العلمية والتربوية للكتاب المدرسي في مقدمة الأولويات وذلك من خلال الاستعانة بمعايير الجودة التي يتم تحديدها من طرف المراكز البحثية والهيئات المتخصصة في مجال التأليف المدرسي.
-الاعتماد على معايير موحدة ودقيقة في عملية التقويم والتحكيم من طرف لجان المصادقة والاعتماد، لاختيار الأجود من بين المؤلفات والانفع للمتعلمين.
-بناء الكتب المدرسية وفق منظومة القيم المرجعية التي تستمد قوتها من الهوية الإسلامية الكونية وكذا من الخصوصية المغربية.
-جعل جودة الكتاب المدرسي التربوية والعلمية والفنية غاية التأليف وليس الرهان الاقتصادي الذي يعتمد منطق الربح والخسارة الذي يهيمن دور النشر والطباعة.
-الاعتماد على طريقة في التأليف تضمن الوضوح والنزاهة، والمنافسة الشريفة؛ لتحقيق أعلى قدر من الجودة، سواء بين المؤلفين أو دور النشر.
-التفكير بجدية في الحسم بين الكتاب الموحد أو الكتاب المتعدد للمادة الواحدة وما يطرحه من تفاوت وفوارق بين المتعلمين بسبب الاختلاف المترتب عن جودة التي يحققها كل كتاب على المستوى المعرفي أو التربوي أو الفني، أو ما يطرحه الكتاب المتعدد من تفاوت اقتصادي ومادي بين المطبعة التي نال كتابها أكثر المبيعات وبين المطبعة التي لم يتم ترويج كتبها بشكل يحقق لها الأرباح المتوقعة.
-التفكير في الكتاب المدرسي ذو الجودة العالية لتوفير الكتاب الوطني الجيد الذي يستطع الكل شراءه بذل الكتاب الأجنبي المرتفع في تكلفته والغريب عن ثقافتنا المحلية، وذلك إما عن طريق إنشاء مطبعة خاصةبطباعة الكتب المدرسية ونشرها لضمان اعلى قدر من الجودة الفنية، ولتقليص عدد كبير من المصاريف المادية، فمن المعلوم أنه كلما زادت الكمية المطلوبة من الورق والحبر المستعمل في الطباعة كلما انخفضت تكلفته، لضمان أعلى قدر من الجودة بأقل الأثمان للمحافظة على القدرة الشرائية المناسبة لكافة طبقات المجتمع، أو التفكير في انتاجه بالجودة المطلوبة مهما بلغت تكلفته المادية مع إدخاله ضمن المنتوجات المشمولة بدعم صندوق المقاصة للتخفيف على الطبقات الهشة.
وفي الختام لابد من التأكيد على أن الكتاب المدرسي الجيد من شأنه أن يكون أداة تعليمية فعالة تساعد المدرسين والمتعلمين على العمل وحثهم على الاجتهاد وفق رؤية واضحة المعالم، من شأنها التخفيف ولو جزئيا، ما تشهده المنظومة التربوية من نقص على مستوى تأهيل وتكوين الأطر التربوية أو على مستوى البنيات التحتية وضعف الوسائل التعليمية، كما لا يمكن أن ننكر ما قد يترتب عن اختلالات الكتاب المدرسي من آثار وخيمة على تحصيل المتعلمين وتنمية مهارتهم وتقويم أدائهم.
*أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي، باحث في التربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.